3- الكفر بأصول الإيمان :
قال تعالى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ ۚ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا } [النساء: 136].
المعنى الإجمالي :
يا أيها الذين آمنوا اثبتوا على إيمانكم بالله وبرسوله، وبالقرآن الذي أنزله على رسوله، وبالكتب التي أنزلها على الرسل من قبله، ومن يكفر بالله وبملائكته وبكتبه وبرسله وبيوم القيامة، فقد بعُد عن الطريق المستقيم بُعْدًا عظيمًا.
فوائد الآية :
١. وجوب الإيمان بما ذكر، وهي خمسة أركان من أركان الإيمان الستة ويضاف إليها الإيمان بالقضاء والقدر.
٢. الأمر بالإيمان في الآية توجه إلى من دخل فيه ليصحح ما وجد منه ويحصل ما لم يوجد، فإن الله أمر المؤمنين بالإيمان، فإن ذلك يقتضي أمرهم بما يصحح إيمانهم من الإخلاص والصدق، وتجنب المفسدات والتوبة من جميع المنقصات.
٣. ويقتضي أيضا الأمر بما لم يوجد من المؤمن من علوم الإيمان وأعماله، فإنه كلما وصل إليه نص وفهم معناه واعتقده فإن ذلك من الإيمان المأمور به.
٤. وأمر هنا بالإيمان به وبرسوله، وبالقرآن وبالكتب المتقدمة، فهذا كله من الإيمان الواجب الذي لا يكون العبد مؤمنا إلا به، إجمالا فيما لم يصل إليه تفصيله وتفصيلا فيما علم من ذلك بالتفصيل، فمن آمن هذا الإيمان المأمور به، فقد اهتدى وأنجح.
٥. لا عجبَ أن يُؤمَر المؤمنُ بالإيمان والحرص على زيادته والثبات عليه؛ حتى يزدادَ به طُمَأنينةً ويقينًا، وإن في الأمر به لتذكيرًا بالخوف عليه؛ ففي ظلام الفتن قد تخبو بعضُ أنوار الإيمان.
٦. ألا ترى كيف يأمر الله بالإيمان بجميع الرسُل والكتب المنزلة عليهم، وكثيرٌ من اليهود والنصارى بعد مبعث رسولنا محمَّد ﷺ كذَّبوا به؟! ذلك أن الحقَّ لا تُمليه ردودُ الأفعال.
٧. ما أضلَّ من كفر بخالقه، وبالملائكة الذين أُمرَ بالإيمان بهم، وبالكتب التي نزلت لهدايته، وبالرسُل التي جاءت لإرشاده، وباليوم الآخر الذي فيه حسابُ عمله!.
٨. أنه لا رسول بعد محمد ﷺ؛ لأنه لو ثبت أن هناك رسولًا بعده للزم أن ينزل عليه كتاب.
٩. الكفر بشيء من هذه المذكورات كالكفر بجميعها، لتلازمها وامتناع وجود الإيمان ببعضها دون بعض.
د. مراد القدسي