4- التذبذب بين الإيمان، والردة:
قال تعالى : ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ثُمَّ كَفَرُوا۟ ثُمَّ ءَامَنُوا۟ ثُمَّ كَفَرُوا۟ ثُمَّ ٱزۡدَادُوا۟ كُفۡرࣰا لَّمۡ یَكُنِ ٱللَّهُ لِیَغۡفِرَ لَهُمۡ وَلَا لِیَهۡدِیَهُمۡ سَبِیلَۢا﴾ [النساء ١٣٧]
المعنى الإجمالي :
إن الذين تكرر منهم الكفر بعد الإيمان، بأن دخلوا في الإيمان ثم ارتدوا عنه، ثم دخلوا فيه، ثم ارتدوا عنه، وأصروا على الكفر وماتوا عليه، لم يكن الله ليغفر لهم ذنوبهم، ولا ليوفقهم إلى الطريق المستقيم الموصل إليه تعالى.
فوائد الآية:
١. المتذبذب بين الإيمان، والردة يكون مآله أن يزداد كفرًا.
٢. مَن أبى إلا أن يرجعَ إلى الكفر بعد إيمانه، ويزدادَ كفرًا فوق جحوده ونُكرانه؛ فإنما يعاند فِطرته، ويشهد على نفسه بأنها لا تستحقُّ لذَّة الإيمان، فإنه بعيد من التوفيق والهداية لأقوم الطريق، فإنه بعيد من المغفرة لكونه أتى بأعظم مانع يمنعه من حصولها. فإن كفره يكون عقوبة وطبعًا لا يزول كما قال تعالى: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ْ﴾ ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ْ﴾
٣. لا يزال المؤمن يترقَّى بإيمانه درجات، حتى يلقى من الله ما يحبُّ من الخيرات، ولا يزال الكافر يتردَّى بكفره في الدَّركات، حتى يلقى من الله ما يكره من العقوبات.
٤. أعظم الحرمان حرمانُ الهداية والغُفران، فمَن حُرِمهما فقد حُرم الخيرَ كلَّه، ومَن أُعطيَهما فقد أُعطيَ الخيرَ كلَّه.
٥. ودلت الآية: أنهم إن لم يزدادوا كفرا بل رجعوا إلى الإيمان، وتركوا ما هم عليه من الكفران، فإن الله يغفر لهم، ولو تكررت منهم الردة.
وإذا كان هذا الحكم في الكفر فغيره من المعاصي التي دونه من باب أولى أن العبد لو تكررت منه ثم عاد إلى التوبة، عاد الله له بالمغفرة.
٦. أنه يجب على الإنسان أن يحذر من التردد والتقلب في الأمور الحسنة التي ينبغي أن يعملها ؛ فإن الغالب أن من هذه حاله لا يُبارك له في عمره، ولا في عمله، كونه كل يوم له رأي، وكل يوم له عمل، هذا لا شك أنه يضيع عليه الوقت، ولا يستفيد من عمره شيئًا.
٧. أن الأعمال الصالحة تجلب الأعمال الصالحة، والأعمال السيئة تجلب الأعمال السيئة، فإذا منّ الله عليك بعمل صالح، فأبشر أنه سيمُنّ عليك بعمل آخر تتبعه إياه.
د. مراد القدسي