اللهجات في المتواتر من القراءات ـ سورة البقرة (8)

8- قوله تعالى: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً )[البقرة:22].

القراءات الواردة في الآية:

القراءة الأولى:   (وَالسَّمَاءَ بِنَاءً ) بإشباع المد (ست حركات) حمزة، والأزرق عن ورش عن نافع، والنقاش عن ابن ذكوان عن ابن عامر.

القراءة الثانية: (السما – بنا) حال الوقف عليه: فيه المد، والقصر –  بحذف الهمز  –  وهو مذهب حمزة وهشام عن ابن عامر حال الوقف عليه.

اللغات الواردة في القراءة:

  • ( وَالسَّمَاءَ بِنَاءً ) بالمد المشبع لغة قُريْشٌ ومَن جاوَرَهم، وأهلُ نجد.
  • (السما – بنا) بالقصر لغة لبعض العرب.

قال الفَرَّاء [ت207هــ]:«وقوله : ( وَالسَّمَاءَ بِنَاءً ) قُريْشٌ ومَن جاوَرَهم وأهلُ نجدٍ يَمُدُّون (البِنَاءَ)، وبعضُ العربِ يَقْصُرُه».

القراءة وبيئة القراء:

قراءة ( وَالسَّمَاءَ بِنَاءً ) بالمد المشبع في (السَّمَاءَ بِنَاءً ) التي قرأ بها الأزرق عن ورش عن نافع – موافقة للغة قريش، وهي لغة حجازية توافق بيئة نافع، وقراءة القصر التي قرأ بها حمزة وهشام عن ابن عامر حال الوقف موافقة للغة بعض العرب.

 التوجيه الصوتي للقراءتين:

التوجيه الصوتي للمد يُفْهم من قول ابن الجزري[ت833هـ]:«إن أحرف المد خفية؛ والهمز صعب، فَزُيْدَ في الخفي لِيُتَمَكَّن من النطق بالصعب»، وفُسِّر  الصعب : «الهمزة على حقها من شدتها وجهرها».

بينما يرى مكي بن أبي طالب [ت437هـ] أن علة المد قبل الهمزة هي من أجل المحافظة على حرف المد، لا لبيان الهمزة، يُلْحظ ذلك من قوله: «إن هذه الحروف[أي حروف المد] خفية، والهمزة حرف جَلْد[قوي ]بعيد المخرج، صعب في اللفظ، فلما لاصقت حرفاً خفياً خيف عليه أن يزداد بملاصقة الهمزة له خفاء فَبُيِّن بالمد ليظهر… »، والجامع بين التعليلين: الحرص على الألف.

الظاهرة الصوتية التي تنتمي إليها هذه القراءة:  

ظاهرة المد :

المد لغةً: الزيادة، واصطلاحاً: عرَّفه ابن الجزري [ت883هـ] بقوله: «هو عبارة عن زيادة مط في حرف المد على المد الطبيعي، وهو الذي لا تقوم ذات الحرف دونه » .

والمد لغة أهل قريش  ومن جاورهم، وأهل نجد، هذا ما ذكره الفَرَّاء  في هذا الموضع.

ونسب  أبو حيان [ت745هــ]  المد للحجازيين ، والقصر لتميم، حيث قال : «   المد عند الحجازيين، والقصر عند تميم ».

والقاعدة في الهمز المتحرك المتطرف الذي قبله (ألف)-  على نحو :(جاء، شاء، السماء، البناء، هؤلاء، وغيرها) – حال الوقف عليه: فيه المد، والقصر –  بحذف الهمز  –  وهو مذهب حمزة وهشام عن ابن عامر حال الوقف عليه.

وهذا يعني أن قراءة القصر بحذف الهمز موافقة للغة تميم، ومعنى ذلك أنهم يقولون في السماء : السما، والبناء : البنا، وهؤلاء : هؤلا، وبذلك قرأ حمزة وهشام عن ابن عامر في الوقف على الهمز المتطرف.

 

 

مواضيع ذات صلة

اترك تعليقا


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.