القائمة الرئيسية

المتلقون للقرآن الكريم مباشرةً من النبي (1)

1- أَبُو بَكْر الصِّدِيْق -رضي الله عنه- 

عبدُ اللهِ بنُ عُثْمَانِ بنِ عَامِرِ بنِ عَمْرو بنِ كَعْبِ، ولد بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر، تلقيه للقرآن الكريم من النبي ﷺ يظهر من خلال عدة شواهد، منها:

أولاً: روى الإمام مسلم عن النبي ﷺ: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ وَأَقْدَمُهُمْ قِرَاءَةً »، وثبت في البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قدَّمه للإمامة، فدلَّ ذلك على أنه مِنْ أقرإِ الناس للقرآن الكريم.

ثانياً: يكفي للحكم بقرآنيته أنه كان له مسجدٌ عند داره يصلى فيه ويقرأ القرآن، حتى تأذى المشركون وشكوا منه، ففي البخاري أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت:« لم أَعْقِلْ أَبَوَيَّ إلا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ ولم يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إلا يَأْتِينَا فيه رسول اللَّهِ طَرَفَيْ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ فَكَانَ يُصَلِّي فيه وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَيَقِفُ عليه نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ يَعْجَبُونَ منه وَيَنْظُرُونَ إليه وكان أبو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً لَا يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إذا قَرَأَ الْقُرْآنَ فَأَفْزَعَ ذلك أَشْرَافَ قُرَيْشٍ من الْمُشْرِكِينَ».

ثالثاً: ثبوت تلاوة أبي بكر لسورتي البقرة وآل عمران في صلاة الصبح يؤكد حفظه لهما، في سنن البيهقي عن أنس  قال: « فقرأ آل عمران فقالوا: كادت الشمس تطلع، قال: لو طلعت لم تجدنا غافلين »، وثبت في الموطأ  أنه صلى الفجر بالصحابة وهو خليفة، فقرأ سورة البقرة كلها في الركعتين.

رابعاً: أخبر بثبوت قراءته من كبار التابعين أبو عَبْد الرَّحْمَن الْسُّلَمِي، حيث قال: « كانت قراءة أبي بكر، وعمر، وعُثْمَان، وزَيْد بن ثَابِت، والمهاجرين والأنصار واحدة »، وقد قطع بحفظ أبي بكر الصِّدِيْق  الإمام أبو عُبَيْد القاسم بن سَلَام ت(224)هـ ، في أول كتاب القراءات له، وكذلك نصَّ أبو الحسن الأشعري ت(324) هـ، و ذكره الداني ت(444)هـ  وقال: « وردت الرواية عنه في حروف القرآن »، و ذكره كذلك الإمام المفسر ابن كثير ت(774)هـ، كما ذكر الإمام أبو القاسم الْهُذَلِيّ الصحابيين الجليلين والعلمين البارزين أبا بكر الصِّدِيْق وعمر الفاروق – رضي الله عنهما – في جملة حفظة القرآن.

جهوده في علوم القرآن والقراءات :

  • وردت عنه الرواية في أحرف الخلاف في القراءة كما ذكر ابن الجزري في غاية النهاية.
  • أول من جمع القرآن الكريم بين لوحين، وذلك مشهور معلوم، فقد دلَّت عامَّة الروايات على أن أول من أمر بجمع القرآن الكريم من الصحابة هو أبو بكر الصِّدِيْق عن مشورة عُمَر بن الخَطَّاب رضي الله عنهما .
  • ويُعَدُّ أول من جمع القرآن بالوجوه السبعة، وإلى هذا ذهب الإمام السَخَاوِيّ، عند تفسيره لقول أبي بكر: «من جاءكم بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه »، المراد به الوجوه السبعة التي نزل القرآن بها.
  • وهو أول من أَصَّلَ لضوابط قبول القراءة، وذلك عندما أوكل إلى عُمَر بن الخَطَّاب وزَيْد بن ثَابِت – رضي الله عنهما – جمع القرآن، حيث قال لهما: « اقعدا على باب المسجد فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه»، وفي هذا إشارة إلى ضرورة الإشهاد (التواتر) حتى تتحقق الصحة في النقل .
  • ويُعَدُّ أول من أشار إلى ضرورة موافقة القراءة للغة العربية، وأنه لابد من الابتعاد عن اللحن في القراءة، وشاهد ذلك ما أرسل الشعبي عن أبي بكر  أنه قال: «لأن أقرأ وأسقط أحب إلي من أن أقرأ وألحن».
  • وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن عبد خير قال: سمعت علياً رضي الله عنه يقول: «أعظم الناس في المصاحف أجراً أبو بكر، رحمة الله على أبي بكر، هو أول من جمع كتاب الله».

وفاته:

توفي -رضي الله عنه- سنة ثلاث عشرة للهجرة، وكانت ولايته سنتين وثلاثة أشهر واثنين وعشرين يوماً، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة.

 

د. فيصل الجودة

مواضيع ذات صلة

اترك تعليقا


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.