8- أَبُوْ مُوْسَى الأَشْعَرِيّ – رضي الله عنه- .
عَبْدُ الله بنُ قَيْسِ بنِ سُلَيمِ بنِ حَضَّارِ بنِ حَرْبِ بنِ عامِرِ بنِ عَنْزِ بنِ بَكْرِ بنِ عَامِرِ بنِ عَذْرِ بنِ وَائِلِ بنِ نَاجِيَةَ بنِ الجُمَاهِر بن الأشْعَرِ بنِ أدَدِ بنِ زَيْدِ بنِ يَشجْبِ بنِ يَعْرُبِ بنِ قَحَطَّان،الأَشْعَرِيّ، أَبُوْ مُوْسَى.
تلقيه للقرآن :
حفظ القرآن وعرضه على النبي ﷺ ، وقد قَدِمَ أبو موسى الأشعري – رضي الله عنه- مكة وأسلم بها، ثم رجع إلى الأشعريين يدعوهم إلى الإسلام، فرجع بهم معلنين الإسلام، استعمله النبي ﷺ على زبيد، وعَدَن، واستعمله عُمَر بن الخَطَّاب – رضي الله عنه- على البصرة فافتتح الأهواز، ثم أصبهان، ثم استعمله عُثْمَان بن عَفَّان – رضي الله عنه- على الكوفة، وحَكَّمَهُ عَلِيّ بن أَبِي طَالِب رضي الله عنه على نفسه في شأن الخلافة؛ لجلالته وفضله، ثم قدم على مُعَاوِيَة بن أبي سفيان – رضي الله عنه- عندما نزل دمشق.
تلامذته في القراءة :
عرض عليه القرآن: حَطَّان بن عبد الله الرقاشي، وأبو رجاء العطاردي، وأبو شيخ الهنائي، وأقرأ جَمْعَاً من أهل البصرة.
جهوده في علم القراءات :
1️⃣ وردت عنه قراءات متواترة، بعضها في كتب الحديث، وأكثرها في كتب القراءات والتفاسير.
2️⃣ جمع القرآن الكريم في حياة النبي ﷺ على الرغم من قصر مدة صحبته.
3️⃣ جاء أبو موسى الأشعري – رضي الله عنه- في رأس إسناد أبي عَمْرو بن العلاء من القراء السبعة.
4️⃣ تصدَّر للإقراء منذ وقت مبكر، وأصبح علماً مشهوراً في مجال حروف القرآن، فقد كتب عُثْمَان بن عَفَّان – رضي الله عنه- إلى الأمصار: « أما بعد: فإن نفراً من أهل الأمصار اجتمعوا عندي فتدارسوا القرآن فاختلفوا اختلافاً شديداً فقال بعضهم: قرأت على أبي الدرداء، وقال بعضهم: قرأت على حرف عبد الله بن مسعود، وقال بعضهم: قرأت على حرف عبد الله بن قيس ».
5️⃣ أسَّس مدرسةً للإقراء بالبصرة، بلغت ثمارها ما يوازي اليوم مخرجات مؤسسة تعليمية، حيث بلغ عدد الخريجين من حفظة القرآن الكريم أكثر من ثلاثمائة قارئ، فعن أبي حَرْبِ بن أبي الْأَسْوَدِ عن أبيه قال: « بَعَثَ أبو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ إلى قُرَّاءِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَدَخَلَ عليه ثلاثمائة رَجُلٍ قد قرؤوا الْقُرْآنَ فقال أَنْتُمْ خِيَارُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَقُرَّاؤُهُمْ فاتلوه ولا يَطُولَنَّ عَلَيْكُمْ الْأَمَدُ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ كما قَسَتْ قُلُوبُ من كان قَبْلَكُمْ …. »، وفي مسند أبي عوانة بسنده إلى أبي حرب بن أبي الأسود ، عن أبيه قال : جمع أبو موسى القراء فقال : لا يدخلن عَلَيَّ إلا من جمع القرآن ، فدخلنا زهاء ثلاث مائة رجل فوعظنا وقال : ” أنتم قراء أهل البلد وأنتم ، فلا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم كما قست قلوب …. “.
♻️ وقد استدعى هذا الأمر أن يكاتبهم خليفة المسلمين عُمَر بن الخَطَّاب – رضي الله عنه- وتهتم بهم القيادة الإسلامية آنذاك، فعن كنانة العدوي قال: « كتب عُمَر بن الخَطَّاب – رضي الله عنه- إلى أمراء الأجناد: أن ارفعوا إِليَّ كل من حمل القرآن حتى ألحقهم في الشرف من العطاء وأرسلهم في الآفاق يعلمون الناس فكتب إليه الأشعري إنه بلغ من قبلي ممن حمل القرآن ثلاثمائة وبضع رجال ».
6️⃣ كان أَندَى أصحاب رسول الله ﷺ صوتاً، في البخاري عن عبد اللَّهِ بن بُرَيْدَةَ عن أبيه قال: قال رسول اللَّهِ ﷺ : « إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بن قَيْسٍ أو الْأَشْعَرِيَّ أُعْطِيَ مِزْمَارًا من مَزَامِيرِ آلِ دَاوُد َ».
قال الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: « وَلَا بَأْسَ بِالْقِرَاءَةِ بِالْأَلْحَانِ وَتَحْسِينِ الصَّوْتِ بها بِأَيِّ وَجْهٍ ما كان وَأَحَبُّ ما يُقْرَأُ إلَيَّ حَدْرًا وَتَحْزِينًا »،
وكان أثر هذه الميزة:
✅ كان البيت النبوي على صاحبه أفضل الصلاة والسلام، ممثلاً بالحبيب المصطفى ﷺ وأزواجه أمهات المؤمنين المطهرات، يستمعون لتلاوته، وينصتون لها غاية الإنصات، كما جاء ذلك في متون الحديث عن عائشة رضي الله عنها وأنس، والآثار في المستدرك وسنن ابن حبان، وهي ما بين حسنة وصحيحة.
✅ كما كان كبار الصحابة يستغلون وجود الأشعري بينهم حتى يسمعوا منه القرآن لعذوبة صوته ونداوة لفظه، أمثال عُمَر بن الخَطَّاب t، وكذلك مُعَاوِيَة بن أبي سفيان – رضي الله عنه-.
7️⃣ أَقْرَأَ – رضي الله عنه- بالبصرة، عن قتادة عن أنس بن مالك قال: « بعثني الأشعري إلى عمر فقال عمر كيف تركت الأشعري ؟ فقلت له: تركته يعلم الناس القرآن، فقال: أما إنه كبير – ولا تسمعها إياه – ».
8️⃣ كما كان لأبي موسى الأشعري – رضي الله عنه- منهجه الخاص في تعليم القرآن الكريم وإقرائه، فقد كان يجلس الطلبة إليه حِلَقاً حِلَقاً فيعلمهم القرآن خمس آيات خمس آيات، قال أبو رجاء العطاردي: « كان أبو موسى يطوَّف علينا في هذا المسجد، – مسجد البصرة – يعقد حلقاً فكأني أنظر إليه بين بردين أبيضين يقرئني القرآن ».
9️⃣ أخذت عنه جموع كثيرةٌ من أهل اليمن القراءة ، وأصبحت قراءته هي التي يقرأ بها في أرض اليمن إلى أن جاء المصحف العُثْمَاني.
🔟 له رواية في فضائل القرآن.
رحلة الأشعري – رضي الله عنه- إلى اليمن :
اختارت القيادة الإسلامية ممثلةً بشخص النبي الكريم – عليه أفضل الصلاة والتسليم – أبا موسى الأشعري ممثلاً لها في اليمن باعتبار أن اليمن موطنه الأصلي، ولِمَا أوتي من مؤهلات جعلته محط اختيار النبي ﷺ فكان عاملاً له على زبيد وعدن ، وعدد من السواحل اليمنية، في البخاري عن أبي بُرْدَةَ قال: « بَعَثَ رسول اللَّهِ ﷺ أَبَا مُوسَى وَمُعَاذَ بن جَبَلٍ إلى الْيَمَنِ، قال: وَبَعَثَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا على مِخْلَافٍ، قال: وَالْيَمَنُ مِخْلَافَانِ، ثُمَّ قال: يَسِّرَا ولا تُعَسِّرَا وَبَشِّرَا ولا تُنَفِّرَا …الحديث».
وفاته :
المشهور أنه مات سنة أربع وأربعين للهجرة، وهو ابن نيف وستين سنة.
د. فيصل الجودة