صفات حذر منها القرآن الكريم (9)

الصفة التاسعة: مشاقة الرسول صلى الله عليه وسلم، وترك اتباع سبيل المؤمنين :
🔴قال تعالى { وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا } [النساء: 115]
🔴المعنى الإجمالي :
ومن يعاند الرسول ويخالفه فيما جاء به من بعد ما اتضح له الحق، ويتبع طريقًا غير طريق المؤمنين، نتركه وما اختار لنفسه، ولا نوفقه للحق لإعراضه عن عمد، وندخله نار جهنم يُعاني حرَّها، وساءت مرجعًا لأهلها.
♦️♦️♦️
🔴فوائد الآية :
١. لا تظننَّ كلَّ مَن خالف رسولَ الله ﷺ يجهل ما جاء به من شريعةٍ قويمة وهَديٍ سديد، فكم من مخالفٍ إنما يحمله على باطله العِناد!
٢. لا يشِذُّ امرؤٌ عن جماعة المسلمين إلا وَكَلَه الله إلى ما ذهب إليه، وكان خِذلانُه بمقدار ما اشتطَّ في بِعاده.
٣. إجماع علماء المسلمين المعتبَرين حُجَّة، واجتماعُهم على مسألةٍ ما من براهين الحقِّ.
🔵واستدل على هذا بقوله تعالى ﴿ويتبع غير سبيل المؤمنين﴾، استدل الأصوليون بها على صحة إجماع المسلمين، وأنه لا يجوز مخالفته؛ لأن من خالفه اتبع غير سبيل المؤمنين. [ابن جزي: ١/ ٢١٠].
، فالأمة إذا أجمعت على شيء فإنه حق، ولا يمكن لهذه الأمة التي اختارها الله عز وجل وجعلها هي شهيدة على الناس ﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ [البقرة ١٤٣] ، وهي تشهد على أفعالهم وعلى أحكام أفعالهم، لا يمكن أن يقال: إن إجماعها ضلالة أبدًا، بل إجماعها على أمر شرعي حق يجب اتباعه.
🔵قال ابن كثير :”وَقَدْ تَكُونُ – المخالفة – لِمَا أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ، فِيمَا عُلِمَ اتِّفَاقُهُمْ عَلَيْهِ تَحْقِيقًا، فَإِنَّهُ قَدْ ضُمِنت لَهُمُ الْعِصْمَةُ فِي اجْتِمَاعِهِمْ مِنَ الْخَطَأِ، تشريفًا لهم وتعظيما لنبيهم ﷺ.
٤. طريق السنَّة واضحٌ دربُه، وكلُّ طريق سواه فإنه يضادُّه في صفاته، كما يضادُّه في ثمراته، فإن ما جاء به النبي ﷺ فهو هدى ونور، يتبين هذا بأن يتأمل الإنسان ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام من العبادات والأخلاق والمعاملات.
٥. أن سبيل المؤمنين طاعة الرسول عليه الصلاة والسلام.
٦.﴿نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى ْ﴾ أي: نتركه وما اختاره لنفسه، ونخذله فلا نوفقه للخير، لكونه رأى الحق وعلمه وتركه، فجزاؤه من الله عدلاً أن يبقيه في ضلاله حائرا ويزداد ضلالا إلى ضلاله. كما قال تعالى: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ْ﴾ وقال تعالى: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ْ﴾
٧. ويدل مفهوم
الآية على أن من لم يشاقق الرسول، ويتبع سبيل المؤمنين، بأن كان قصده وجه الله واتباع رسوله ولزوم جماعة المسلمين، ثم صدر منه من الذنوب أو الهّم بها ما هو من مقتضيات النفوس، وغلبات الطباع، فإن الله لا يوليه نفسه وشيطانه بل يتداركه بلطفه، ويمن عليه بحفظه ويعصمه من السوء.
٨. “وَسَاءَتْ مَصِيرًا ” وهذا الوعيد المرتب على الشقاق ومخالفة المؤمنين مراتب لا يحصيها إلا الله بحسب حالة الذنب صغرا وكبرا، فمنه ما يخلد في النار ويوجب جميع الخذلان. ومنه ما هو دون ذلك.
٩. حرمة الخروج عن أهل السنة والجماعة، واتباع الفرق الضالة التي لا تمثل الإسلام إلا في دوائر ضيقة كالروافض ونحوهم.

مواضيع ذات صلة

اترك تعليقا


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.