رسائل إيمانية

﴿كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ﴾ [البقرة: ١٦٧]

قال السدي: «تُرفَع لهم الجنة، فينظرون إليها وإلى بيوتهم فيها لو أطاعوا الله تعالى، ثم تُقَسَّم بين المؤمنين، فذلك حين يندمون».

﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا﴾ [البقرة: ١٦٦]

قال ابن القيم: «فكل من تعلق بشيء غير الله انقطع به أَحوج ما كان إِليه»، ومن أحوج من العبد يوم القيامة؟

﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا﴾ [البقرة: ١٦٦]

كل من تابع غيره في الباطل سيتبرأ منه يوم القيامة

﴿والذين آمَنُوا أَشَدُّ حُبَّاً لله..﴾[البقرة: ١٦٥]

كيف وصلوا لتلك المحبة؟! أرشدك الله إلى طريق من هذه الطرق في قوله: (ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتي أحبه).

﴿والذين آمَنُوا أَشَدُّ حُبَّاً لله..﴾[البقرة: ١٦٥]

قال الإمام القرطبي: (أحبهم الله تعالى أولًا، ثم أحبوه ، وَمن شَهِـد له محبوبه بالمحبة كانت محبته أتم )

﴿والذين آمَنُوا أَشَدُّ حُبَّاً لله..﴾[البقرة: ١٦٥]

حافظ على هذا الدعاء: (اللهم إني أسالك حبك، وحُبَّ من يحبك، وحب عمل يقرِّبني إلى حبك).

﴿والذين آمَنُوا أَشَدُّ حُبَّاً لله..﴾[البقرة: ١٦٥]

هذه مسابقة الحب الحقيقي التي لا يتقدَّم لها إلا المؤمنون..

﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة: ١٦٣]

انتبه لاسم الله الأعظم! في سنن الترمذي وابن ماجة: «اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾، وفاتحة آل عمران: ﴿الم، اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾». صحيح الجامع رقم: 980

﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة: ١٦٣]

قال القرطبي: «لما حذَّر تعالى من كتمان الحق بيَّن أن أول ما يجب إظهاره ولا يجوز كتمانه: أمر التوحيد، ووصل ذلك بذكر البرهان، وعلم طريق النظر، وهو الفكر في عجائب الصنع، ليُعلَم أنه لا بد له من فاعل لا يشبهه شيء».

﴿إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات﴾ ﴿أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون﴾ [البقرة: ١٥٩]

من أسباب تنزل اللعنات كتمان الحق خاصة من العلماء!

﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾[البقرة: ١٥٧]

قال الراغب الأصفهاني: «الصلاة وإن كانت في الأصل الدعاء، فهي من الله البركة على وجه، والمغفرة على وجه، وإنما قال: ﴿صَلَوَاتٌ﴾ على الجمع تنبيها على كثرتها منه، وإنها حاصلة في الدنيا توفيقاً وإرشادا، وفي الآخرة ثواباً ومغفرة».

﴿قالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون﴾ [البقرة: ١٥٥]

لا يطفئ نار الأحزان مثل اليقين بثواب الله عند الرجوع إليه، وإن تكُ حسنةً يضاعفها.

﴿الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ﴾ [البقرة: ١٥٥]

أكثر الناس يقولون عند المصيبة: لا حول ولا قوة إلا بالله ، والأوْلى أن يسترجع العبد عندها كما أمره ربه.

﴿الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله! ﴾ [البقرة: ١٥٥]

هم لله يفعل بهم ما يشاء، فهم مِلكٌ لربهم، والمالك لا يضيِّع ما ملك.

﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾[البقرة: ١٥٥]

إنما الصبر عند الصدمة الأولى! وأما إذا بردت حرارة المصيبة فكلُّ أحد يصبر عند ذاك، ولذلك قيل: يجب على كل عاقل أن يلتزم عند المصيبة ما لا بد للأحمق منه بعد ثلاث.

﴿بَلْ أَحْيَاءٌ﴾[البقرة: ١٥٤]

إثبات الحياة البرزخية؛ وعجيب أن نتجهز في الدنيا للانتقال من دار إلى دار أوسع أو أفخم لنقضي فيها أياما أو عدة أعوام، بينما نغفل عن التجهز لدار تستمر إقامتنا فيها أبد الآباد.

﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ﴾[البقرة: ١٥٥]

هنا مصائب خمسة مؤكدة بثلاثة مؤكدات: القسَم، واللام، والنون؛ والتقدير: والله لنبلونكم؛ وقد أعذر من أنذر!

﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ﴾[البقرة: ١٥٤]

قال ابن عباس- رضي الله عنهما-: «نزلت هذه الآية في شهداء غزوة بدر، استشهد من المسلمين فيها أربعة عشر رجلا: ست من المهاجرين، وثمانية من الأنصار، وكان الناس يقولون: مات فلان ومات فلان، فنهى الله تعالى أن يُقال فيهم: إنهم ماتوا».

﴿فَاذكُروني أَذكُركُم وَاشكُروا لي وَلا تَكفُرونِ﴾[البقرة: ١٥٢]

كثرة ذكر الله علامة من أهم علامات الشكر

 

﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾[البقرة: ١٥٢]

ما الهَمُّ الذي سيصيبك، وهو يذكرك؟!
ما المكروه الذي سيلحق بك وهو يذكرك؟!
ما الخوف الذي يقلِقك وهو يذكرك؟ !

﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾[البقرة: ١٥٢]

اذكره على وجه الأرض.. ليذكرك فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض .. ذكرك له محدود، وذكر الله لك غير محدود!

﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾[البقرة: ١٥٢]

قال ثابت البناني: إني أعلم متى يذكرني ربي عز وجل، ففزعوا من ذلك، وقالوا: كيف تعلم ذلك؟! فقال: إذا ذكرته ذكرني: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾.

﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾[البقرة: ١٥٢]

في الحديث القدسي: «قال الله تعالى: عبدي .. إذا ذكرتني خاليا ذكرتك خاليا، وإن ذكرتني في ملأ ذكرتك في ملأ خير منهم وأكبر».

﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾[البقرة: ١٥٢]

أبشِر.. اسمك الآن يتردد في الملأ الأعلى!

﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾[البقرة: ١٥٢]

هل تشعر بالإهمال، وأنه لا يوجد من يهتم بك؟! ما رأيك لو اهتم بك رب العالمين؟ وذكَرَك في الملأ الأعلى في أعلى عليين.

﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا﴾[البقرة: ١٥١]

قال الآلوسي: «إشارة إلى طريق إثبات نبوته عليه الصلاة والسلام؛ لأن تلاوة الأمي للآيات الخارجة عن قدرة البشر باعتبار بلاغتها، واشتمالها على الإخبار بالغيبات، والمصالح التي ينتظم بها أمر المعاد والمعاش أقوى دليل على نبوته».

﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ﴾ [البقرة: ١٥١]

إرسال الرسول ﷺ من أعظم النعم التي تستوجب الشكر!

﴿إن الله مع الصابرين﴾[البقرة: ١٥٣]

لكل من أثقلته الهموم وأحاطت به الغموم، كيف تستوحش والله تعالى معك إن صبرت؟!

﴿ولأُتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون﴾[البقرة: ١٥٠]

أعظم النِّعم وأتمُّها هي نعمة الهداية.

﴿فلا تخشوهم واخشوني﴾ [البقرة: ١٥٠]

علاج الخوف من الناس في إحياء الخوف من الله، ومن خاف الله حقا لم يخف من الخلق.

﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ [البقرة: ١٨٦]

لم يستثن دعوة واحد من الإجابة، مهما كبرت آمالك، وآلامك، وطموحاتك، فالله هو المجيب، ضع حاجتك بين يدي الله.

﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي﴾ [البقرة: ١٨٦]

بقدر استجابة العبد تكون استجابة الرب، اللهم إنا نسألك من فضلك.

﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾ [البقرة: ١٨٦]

السكة المختصرة إلى السماء، ضع جبينك على الأرض (ساجداً)، وستكون أقرب ما تكون إلى السماء.

﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾ [البقرة: ١٨٦]

لك الحمد على قربك، ومني الخجل على ابتعادي

﴿..فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ..﴾ [البقرة: ١٨٦]

جاءت بين آيات الصيام؛ إشارة إلى أن للدعاء مزية خاصة في شهر رمضان

﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ..﴾ [البقرة: ١٨٦]

ما أقرب الرَّب، وما أبعد العبد (إذا غفل عن الدعاء)

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (البقرة: ١٨٣)

مَن لوَّث صيامه بالمعاصي؛ فقد أضاع على نفسه فرصة التطهر، ولم يتعرض للمغفرة الموعودة، بل ربما أصابه ما دعا به جبريل -عليه السلام-، وأمَّن عليه النبي ﷺ «مَن أدرك رمضان فلم يُغفر له فأبعده الله»

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (البقرة: ١٨٣)

العبادات والشعائر الكبرى إذا لم تُحقق ثمراتها الأخلاقية؛ دل ذلك على أن بها دَخَلًا وغشًا أفسد حقيقتها، وضيّع ثمرتها وفي هذا يقول الرسول الكريم: «رُب صائمٍ ليس له من صيامه إلا الجوع، ورُب قائمٍ ليس له من قيامه إلا السهر»..

﴿وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ﴾ [البقرة: ١٤٥]

قال الراغب: إشارة إلى أن من عرف الله حق معرفته، فمن المحال أن يرتد، ولذا قيل: ما رجع من رجع إلا من الطريق: أي ما أخلَّ بالإيمان إلا من لم يصل إليه حق الوصول.

﴿وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ﴾ [البقرة: ١٤٥]

قال صاحب الكشاف: «فإن قلتَ: كيف قال: ﴿وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ﴾ ولهم قبلتان، لليهود قبلة وللنصارى قبلة؟ قلت: كلتا القبلتين باطلة، مخالفة لقبلة الحق، فكانتا بحكم الاتحاد في البطلان قبلة واحدة».

﴿مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ﴾ [البقرة: ١٤٥]

الثبات هو عنوان الصراع بين الحق والباطل، فالكل على مبدئه ثابت؛ صاحب الحق لن يتنازل عنه لقوة الإيمان ووضوح البرهان، وأهل الباطل لن يتخلوا عن باطلهم لشدة العناد واستحواذ الشيطان.

﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ﴾ [البقرة: ١٤٤]

إذا ضاقت بك الأرض فأطلِق بصرك نحو السماء، وعلِّق قلبك بمن لا يُقلِقه النداء، ولا تنفد خزائنه من العطاء

﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا﴾ [البقرة: ١٤٤]

قد يحقق الله بعض أمانيك حتى قبل أن تدعو بها، وهذا من كمال لطفه وعظيم رحمته

﴿وما كان الله ليضيع إيمانكم﴾ [البقرة: ١٤٣]

أي صلاتكم، وعبَّر عن الصلاة بالإيمان، فمن ترك الصلاة فماذا تبقى لديه من إيمان؟!

﴿وما كان الله ليضيع إيمانكم﴾ [البقرة: ١٤٣]

ما ضاع عند الناس لا يضيع عند الله

﴿إن الله بالناس لرؤوف رحيم﴾ [البقرة: ١٤٣]

رحيمٌ بالناس جميعا، بالمؤمن والكافر، والبر والفاجر، هذا في الدنيا، أما في الآخرة فالرحمة لا تكون إلا للمؤمن

﴿وكان بالمؤمنين رحيما، تحيتهم يوم يلقونه سلام﴾

﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ﴾ [البقرة: ١٤٣]

حياتك مليئة بالاختبارات الإلهية، ونجاحك فيها مرهون باتباع تعليمات الرسول ﷺ

﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ [البقرة: ١٤٣]

قال الحسن البصري: «ضاع هذا الدين بين الغالي فيه والجافي عنه» – الغالي صاحب إفراط، والجافي صاحب تفريط

﴿أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة: ١٨٤]

الشهر قصير لا يحتمل التقصير، وقدومه عبور لا يقبل الفتور، فالسباق السباق قولاً وفعلاً

﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: ١٨٣]

هذه الأمة امتداد للمؤمنين من الأمم السابقة، وأُخوَّتنا لهم ثابتة بموجب هذه الآية