القائمة الرئيسية
أكاديمية سبيلي Sabeeli Academy

سورة البقرة

﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾ [البقرة: ٢٨٤]

في صحيح مسلم: لما نزلت هذه الآية اشتد ذلك على أصحاب رسول الله ﷺ، فقالوا: قد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها، فقال ﷺ: أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتاب من قبلكم سمعنا وعصينا؟ بل قولوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير، فلما اقترأها القوم، ذلت بها ألسنتهم، (فنسخها الله)، فأنزل الله في إثرها:

﴿آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾

.

﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ﴾[البقرة: ٢٨٠]

تكفيك هذه البشارة النبوية: «من نفَّس عن غريمهِ ، أو محَا عنه ، كان في ظلِّ العرش يوم القيامة». صحيح الجامع رقم: 6576

﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا﴾[البقرة: ٢٧٦]

لا يطلب أحد شيئا من طريق حرام إلا عاقبه الله بنقيض قصده، طلبوا الربح من الربا فعوقبوا بفقد المال.

﴿يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ ﴾[البقرة: ٢٧٣]

ابحث عن الفقير المتعفف، ولا تنتظر أن يبحث عنك! المتعففون كُثُر

﴿وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾[البقرة: ٢٧٠]

قال القاضي شُرَيْح: «الظَّالم ينْتَظر الْعقُوبة، والمظلوم ينْتَظر النَّصْر»

﴿وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾[البقرة: ٢٧٠]

حتى وإن امتلأت الأجواء من حولك بأنفاس الظالمين، فلا أحد يستطيع أن يمنع عنهم عذاب الله في الدنيا والآخرة.

﴿وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا﴾[البقرة: ٢٦٨]

قدَّم المغفرة لأنها أغلى جائزة، وهي مفتاح باب العطايا التي تحول دونها الذنوب.

﴿حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾[البقرة: ٢١٤]

حين تثور أسئلة استبطاء الفرج في داخلك، فاعلم أن الفرَج قريب 

﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ﴾[البقرة: ٢١٤]


الابتلاء بالأوجاع مع الصبر طريق إلى الجنة .

﴿الشيطانُ يعِدُكم الفقر﴾[البقرة:٢٦٨]

حينما تهّم الصدقة ثم تتراجع؛ فاعلم أن شيطانك قد نجح في مهمته

﴿الشيطانُ يعِدُكم الفقر﴾[البقرة:٢٦٨]


قال الحسن البصري: قرأت في تسعين موضعا من القرآن أن الله قدر الأرزاق وضمنها لخلقه

﴿الشيطان يعِدُكم الفقر﴾[البقرة:٢٦٨]

الخوف من الفقر من أهم أسلحة الشيطان، ومنه استدرج الناس إلى أكل الحرام، ومنعهم من الإنفاق الواجب .

﴿قولٌ معروف ومغفرةٌ خير من صدقة يتبعُها أذى﴾[البقرة:٢٦٣]

غالباً ما تكون الكلمة الطيبة أهم عند الفقير من المال؛ ولذا كانت الكلمة الطيبة صدقة.

 

﴿الذين ينفقون أموالهم .. فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ﴾[البقرة:٢٦٢]

لا خوف عليهم مما يستقبلهم من أهوال، ولا يحزنون على ما أصابهم من مصائب.

﴿والله يضاعف لمن يشاء﴾[البقرة:٢٦١]

كُلٌّ بحسب ما حوى قلبه من إخلاص ويقين وحسن ظن بالله، مضاعفات الأعمال تكون بحسب محتوى القلوب وتباين الأحوال.

﴿ولكن ليطمئن قلبي﴾[البقرة:٢٦٠]

طمئنوا القلوب الحائرة، واسكبوا ماء اليقين على الأرواح التائهة، وتصدوا للشبهات؛ لأنها إن لم تجد عندكم جواباً، ستأخذ أصحابها بعيداً عن طريق الله.

﴿قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾[البقرة:٢٥٩]

قال الطاهر بن عاشور: «قد جمع الله له أنواع الإحياء؛ إذ أحيا جسده بنفخ الروح عن غير إعادة، وأحيا طعامه بحفظه من التغير، وأحيا حماره بالإعادة، فكان آية عظيمة للناس الموقنين بذلك

﴿فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ﴾[البقرة:٢٥٩]

في الآية إشارة أن الله بيده أن يغيِّر نواميس الكون ومراكز الاستشعار عند الإنسان، ويقلِّبها كيف يشاء، فجعل عشرات السنوات هنا كأنها ساعات، وبيده أن يجعل اللحظات العابرة كأنها أعوام .

﴿فإن الله يأتي بالشمس من المشرق﴾[البقرة:٢٥٨]

آيات الله ساطعة بيِّنة، لكن انطماس بصائر البعض واعتياد رؤية المعجزات ألهى الناس عنها

﴿الله ولي الذين آمنوا﴾[البقرة:٢٥٧]

ومتى تولاك ربك هل يضيِّعك ؟

﴿الله ولي الذين آمنوا﴾[البقرة:٢٥٧]

من كان الله وليّه، فلن يَضلَّ أبدا، ولن يُقهَر بإذن الله

﴿الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ﴾[البقرة:٢٥٧]

 

وحَّد الله لفظ ( النور ) و جَمَع لفظ ( الظلمات )، لأن طريق الحق واحد، وطرق الباطل متعددة

﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾[البقرة: ٢١٦]

لا يأمن العبد أَن توافيه الْمضرَّة من جَانب المسرَّة، وَ لا ييأس أَن تَأتيه المسرة من جَانب الْمضرَّة .

﴿حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾[البقرة: ٢١٤]

حين تثور أسئلة استبطاء الفرج في داخلك، فاعلم أن الفرَج قريب

﴿ولاتتبعوا خطوات الشيطان﴾ [البقرة: ١٦٨]

ﻻحظ .. خطوات، فالخطوة ستتبعها الخطوة، لأن الشيطان لحوح ذو إصرار! فالحذر الحذر من الاستصغار الذي يقود إلى الاستمرار.

﴿ولاتتبعوا خطوات الشيطان﴾ [البقرة: ١٦٨]

الخطوة هي أقصر مسافة، لكن فيها الهلاك، فمشوار الألف ميل بعيدا عن طريق الحق يبدأ بخطوة.

﴿ولاتتبعوا خطوات الشيطان﴾ [البقرة: ١٦٨]

المعصية باب مغلق، من فتحه دخله، ومن دخله وقع في الحرام، فاحرص على دحر الخطوة الأولى دوما.

﴿كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ﴾ [البقرة: ١٦٧]

قال السدي: «تُرفَع لهم الجنة، فينظرون إليها وإلى بيوتهم فيها لو أطاعوا الله تعالى، ثم تُقَسَّم بين المؤمنين، فذلك حين يندمون».

﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا﴾ [البقرة: ١٦٦]

قال ابن القيم: «فكل من تعلق بشيء غير الله انقطع به أَحوج ما كان إِليه»، ومن أحوج من العبد يوم القيامة؟

﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا﴾ [البقرة: ١٦٦]

كل من تابع غيره في الباطل سيتبرأ منه يوم القيامة

﴿والذين آمَنُوا أَشَدُّ حُبَّاً لله..﴾[البقرة: ١٦٥]

كيف وصلوا لتلك المحبة؟! أرشدك الله إلى طريق من هذه الطرق في قوله: (ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتي أحبه).

﴿والذين آمَنُوا أَشَدُّ حُبَّاً لله..﴾[البقرة: ١٦٥]

قال الإمام القرطبي: (أحبهم الله تعالى أولًا، ثم أحبوه ، وَمن شَهِـد له محبوبه بالمحبة كانت محبته أتم )

﴿والذين آمَنُوا أَشَدُّ حُبَّاً لله..﴾[البقرة: ١٦٥]

حافظ على هذا الدعاء: (اللهم إني أسالك حبك، وحُبَّ من يحبك، وحب عمل يقرِّبني إلى حبك).

﴿والذين آمَنُوا أَشَدُّ حُبَّاً لله..﴾[البقرة: ١٦٥]

هذه مسابقة الحب الحقيقي التي لا يتقدَّم لها إلا المؤمنون..

﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة: ١٦٣]

انتبه لاسم الله الأعظم! في سنن الترمذي وابن ماجة: «اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾، وفاتحة آل عمران: ﴿الم، اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾». صحيح الجامع رقم: 980

﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة: ١٦٣]

قال القرطبي: «لما حذَّر تعالى من كتمان الحق بيَّن أن أول ما يجب إظهاره ولا يجوز كتمانه: أمر التوحيد، ووصل ذلك بذكر البرهان، وعلم طريق النظر، وهو الفكر في عجائب الصنع، ليُعلَم أنه لا بد له من فاعل لا يشبهه شيء».

﴿إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات﴾ ﴿أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون﴾ [البقرة: ١٥٩]

من أسباب تنزل اللعنات كتمان الحق خاصة من العلماء!

﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾[البقرة: ١٥٧]

قال الراغب الأصفهاني: «الصلاة وإن كانت في الأصل الدعاء، فهي من الله البركة على وجه، والمغفرة على وجه، وإنما قال: ﴿صَلَوَاتٌ﴾ على الجمع تنبيها على كثرتها منه، وإنها حاصلة في الدنيا توفيقاً وإرشادا، وفي الآخرة ثواباً ومغفرة».

﴿قالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون﴾ [البقرة: ١٥٥]

لا يطفئ نار الأحزان مثل اليقين بثواب الله عند الرجوع إليه، وإن تكُ حسنةً يضاعفها.

﴿الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ﴾ [البقرة: ١٥٥]

أكثر الناس يقولون عند المصيبة: لا حول ولا قوة إلا بالله ، والأوْلى أن يسترجع العبد عندها كما أمره ربه.

﴿الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله! ﴾ [البقرة: ١٥٥]

هم لله يفعل بهم ما يشاء، فهم مِلكٌ لربهم، والمالك لا يضيِّع ما ملك.

﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾[البقرة: ١٥٥]

إنما الصبر عند الصدمة الأولى! وأما إذا بردت حرارة المصيبة فكلُّ أحد يصبر عند ذاك، ولذلك قيل: يجب على كل عاقل أن يلتزم عند المصيبة ما لا بد للأحمق منه بعد ثلاث.

﴿بَلْ أَحْيَاءٌ﴾[البقرة: ١٥٤]

إثبات الحياة البرزخية؛ وعجيب أن نتجهز في الدنيا للانتقال من دار إلى دار أوسع أو أفخم لنقضي فيها أياما أو عدة أعوام، بينما نغفل عن التجهز لدار تستمر إقامتنا فيها أبد الآباد.

﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ﴾[البقرة: ١٥٥]

هنا مصائب خمسة مؤكدة بثلاثة مؤكدات: القسَم، واللام، والنون؛ والتقدير: والله لنبلونكم؛ وقد أعذر من أنذر!

﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ﴾[البقرة: ١٥٤]

قال ابن عباس- رضي الله عنهما-: «نزلت هذه الآية في شهداء غزوة بدر، استشهد من المسلمين فيها أربعة عشر رجلا: ست من المهاجرين، وثمانية من الأنصار، وكان الناس يقولون: مات فلان ومات فلان، فنهى الله تعالى أن يُقال فيهم: إنهم ماتوا».

﴿فَاذكُروني أَذكُركُم وَاشكُروا لي وَلا تَكفُرونِ﴾[البقرة: ١٥٢]

كثرة ذكر الله علامة من أهم علامات الشكر

 

﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾[البقرة: ١٥٢]

ما الهَمُّ الذي سيصيبك، وهو يذكرك؟!
ما المكروه الذي سيلحق بك وهو يذكرك؟!
ما الخوف الذي يقلِقك وهو يذكرك؟ !

﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾[البقرة: ١٥٢]

اذكره على وجه الأرض.. ليذكرك فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض .. ذكرك له محدود، وذكر الله لك غير محدود!

﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾[البقرة: ١٥٢]

قال ثابت البناني: إني أعلم متى يذكرني ربي عز وجل، ففزعوا من ذلك، وقالوا: كيف تعلم ذلك؟! فقال: إذا ذكرته ذكرني: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾.

﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾[البقرة: ١٥٢]

في الحديث القدسي: «قال الله تعالى: عبدي .. إذا ذكرتني خاليا ذكرتك خاليا، وإن ذكرتني في ملأ ذكرتك في ملأ خير منهم وأكبر».