هدايات سورة المعارج
غريب الألفاظ
ذِي الْمَعَارِجِ | صاحبِ العُلُوِّ والجَلال. |
---|---|
كَالْمُهْلِ | كحُثالةِ الزَّيت. |
كَالْعِهْنِ | كالصُّوفِ المَصبُوغِ المَنفُوشِ الذي ذَرَتهُ الرِّيح. |
نَزَّاعَةً لِّلشَّوَىٰ | قَلَّاعةً بِشِدَّةِ حَرِّها جِلدةَ الرَّأْسِ، وسائِرَ أطرافِ البَدَن. |
قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ | نحوَكَ مُسرعينَ، مادِّين أعناقَهُم إليك. |
عِزِينَ | جَماعاتٍ مُتفرِّقين. |
بِمَسْبُوقِينَ | بمَغلوبين؛ فلا أحدَ يَفوتُنا ويُعجِزُنا إذا أرَدناه. |
نُصُبٍ | أحجارٍ تُعبَدُ من دونِ الله. |
يُوفِضُونَ | يُهَروِلونَ ويُسْرِعُون. |
سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2)
• بؤسًا لأقوامٍ جهلوا عظمةَ ربِّهم، فاستعجلوا بالعذاب؛ تعجيزًا وامتحانًا، وسبحان الحليم الذي أمهلهم وما أهملهم!
• أبشروا أيها الكفَّارُ المكذِّبون؛ إن سخطَ الله وعذابه واقعان بكم لا محالة، فلا تستعجلوه! {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالعَذَابِ وَلَن يُخلِفَ اللَّهُ وَعَدَه).
================
مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3) تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4)
• ما أعظمَك ربَّنا، رفعتَ السماء فوقنا بلا عمَد، وجعلتَها معارجَ تعرُج فيها الملائكةُ إليك، آيةً على عظيم صُنعِك، وعجيب فعلِك.
• يا له من يومٍ عظيم الأهوال! وحسبُك من هَوله ما يكون فيه من انقطاعِ الخَلق جميعًا إلى الله؛ انتظارًا لأمره فيهم.
==============
فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا (5)
• خير ما يتسلَّح به المسلمُ سلاحُ الصبر؛ لثِقَل العِبء، ومشقَّة الطريق، وضرورة الثبات لبلوغ الهدف البعيد.
• يتجلَّى جمالُ الصبر بسكون الظاهر؛ بالثَّبات ورباطة الجأش، وبسكون الباطن؛ بالرِّضا والتسليم، وبرد اليقين.
=============
إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا (7)
• أهل الغفلة لا يفتؤون يستبعدون الموتَ والحساب، وكأنَّ حياتهم سرمديِّةٌ لا نهايةَ لها، ولكن ما أسرعَ الموتَ في طيِّهم وجعلهم خبرًا من الأخبار!
• تذكرُّ اليوم الآخر واستحضارُ قربه يُعينان المؤمنينَ الصالحين، والدعاةَ العاملين، على الصبر على ما يُلاقون من متاعبَ وعقبات.
=============
يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (8) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (9) وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (10)
• قطع الهولُ المروِّع جميعَ الوشائج، وحبس النفوسَ على همٍّ واحد، فما عاد أحدٌ يلتفت لسواء، إنه همُّ الحساب، والنجاة من العذاب.
==============
يُبَصَّرُونَهُمْ ۚ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (13) وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ (14)
• أرأيتَ إلى أحبِّ الخلق إليك، من كنتَ تضعُهم بين أهداب عينَيك، إنهم أوَّل مَن لو أُتيح لك أن تفتديَ بهم من العذاب لفَعلت؟!
• مَن أبطأ به عملُه لم يُسرع به نسبُه، ولا قرابتُه وأصحابه وعشيرته، فحذار أن تجعلَ أحدًا من الخلق سببًا لضلالك، وانجُ بنفسك قبل هلاكك.
• يا له من مشهدٍ مَهول! حين تُبصر بعينيك فِلذات أكبادك يَهيمونَ في فزع الحشر على وجوههم، فتُشيح عنهم مشغولاً بهمِّك، وهواجس نفسِك!
==============
كَلَّا ۖ إِنَّهَا لَظَىٰ (15) نَزَّاعَةً لِّلشَّوَىٰ (16)
• أيها المتعلِّق بحبال الأوهام، هلَّا صحَوتَ من غفلتك! إن نار الجحيم تذهب أوَّلَ ما تذهب بما تظنُّ نفسَك تدفع به العذابَ من أطرافك!
===============
تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّىٰ (17) وَجَمَعَ فَأَوْعَىٰ (18)
• كان يُدعى من قبلُ إلى الهدى فيُدبر ويتولَّى، وها هو ذا اليومَ تدعوه جهنَّم ليصطليَ بحرِّها ولا يملك أن يُدبرَ أو يتولَّى!
• من شغله الحرصُ على الدنيا، وجمعُ المال وكنزُه عن العمل للآخرة، لم ينفعه عند ربه ما جمع، ولن ينجيه من عذاب جهنَّم ما كنَز.
===============
إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23)
• لا شيء كالإيمان والعمل الصالح يمنحُكَ أيها العبدُ الطُّمَأنينه، ويكسوك بثوب السَّكينه، ويعصمُك من الجزَع عند وقوع الشرِّ، ومن الشحِّ عند حصول الخير.
• يُروى عن الحسن البصريِّ أنه قال: (حبُّ الدنيا رأسُ كلِّ خطيئة)، فإيَّاكم وإيَّاها، فإنها تدعو إلى الشحِّ والطمَع، وتقود إلى اليأس والجزَع.
• أعظم ما يزكِّي المسلمَ ويخلِّصه من مساوي الأخلاق، المداومةُ على الصلاة، فما أحرانا أن تبتهلَ إلى الله بالدعاء: {رَبِّ اجعلني مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ{.
===============
وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ (24) لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25)
• شعورُك أيها المسلمُ أن للمحتاجين حقًّا في مالك هو شعورٌ بفضل الله عليك من جهة، وشعورٌ بآصرة الأخوَّة الإنسانيَّة من جهة أخرى.
• ليس كالإنفاق في سبيل الله أمرٌ يحرِّر النفسَ من رِبقة البخل، فضلًا عن أن يكونَ ضمانةً اجتماعيَّة لتكافُل الأمَّة وتعاونها.
==============
وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28)
• المصدِّقُ بالحساب يعمل وبين عينيه ميزانُ السماء لا ميزانُ الأرض، فلا يرجو شكرَ شاكرٍ ولا ثناء إنسان، إلا رضا الله الديَّان.
• المؤمن الصادقُ لا يغترُّ بما عليه من صلاح، فهو يشعر دومًا بالتقصير، في جَناب المتعالي الكبير.
==============
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (31)
• في حفظ الفروج طهارةٌ للنفس وسلامةٌ للأسَر وأمانٌ للمجتمع، ومن صان أعراضَ المسلمين لم يُرِه الله في عِرضه ما يكره.
• من عظمة الإسلام أنه حثَّ على النكاح؛ لتبقى الشهَواتُ منضبطةً بضابط العفَّة والحلال، فيا عجبًا لمن يصرُّ على إفراغها بالحرام!
==============
وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (32) وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33)
• كلُّ ما آتاك الله أيها العبدُ من نِعَم إنما هي أمانةٌ ائتمنكَ عليها، فإن جعلتَها في غير طاعته فقد خُنتَ الأمانةَ وكَفرتَ بالنعمة.
• كتمانُ الشهادة موجبٌ لغضب الربِّ سبحانه؛ لِما فيه من إفسادٍ للقلوب، وإثارةٍ للخلاف؛ بحرمان الناس حقوقَهم، وإيقاع الظلم بهم.
==============
وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34)
• لا يزال المؤمنُ يجاهد نفسَه في المحافظة على الصلوات حتى يستشعرَ حلاوةَ الإيمان، ويذوقَ لذَّةَ الطاعة، فتغدوَ الصلاة قرَّةَ عين له، كما جعلها الله لحبيبه المصطفى ﷺ قرَّةَ عين.
===============
أُولَٰئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ (35)
• أرأيتَ إلى أصحاب تلك الصفات الحميدة؟ لمَّا ارتقَوا إلى عَليائها، مترفِّعين عن السفاسف والدَّنايا، رفعهم الله إلى جنَّات النعيم، ومنَّ عليهم فيها بألوان التكريم.
================
فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (36) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ (37) أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (38) كَلَّا ۖ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ (39)
• أنَّى لهم دخولُ الجنَّة وقد أعمَتهم مناصبُهم ومنازلهم وأموالهم، فاستكبروا عن قَبول الحقِّ والإذعان له، فما لهم والكِبْرَ وقد خُلقوا من نطفةٍ حقيرة وماء مَهين؟!
• لا يكفُّ النفسَ عن غرورها إلا استحضارُ أصلها، فما كان من ماءٍ مَهين لا يليقُ به أن يتغطرسَ ويتكبَّر.
• يا له من بيانٍ مُعجز؛ بألفاظٍ يسيرة قليلة مسحَ كبرياءَ الكافرين مسحًا، ونكَّس خُيَلاءهم تنكيسًا، دون كلمةٍ نابية واحدة.
================
فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ (40) عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (41)
• حيث يمَّم الناسُ وجوهَهم شرقًا أو غربًا رأوا من آياتِ الله البديعة الناطقة بعظَمته وكبريائه، ثم يأبي أكثرُهم إلا كفورًا!
• إن الله القويَّ الجليل الذي أحكم خلقَ الكون وأبدع صنعَه، لا يُعجزه أن يستبدلَ بكم أيها الكفَّارُ قومًا أصلحَ وأمثلَ، يطيعونه ولا يعصونه.
================
فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّىٰ يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (42) يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَىٰ نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ۚ ذَٰلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (44)
• أيها الداعيةُ، لا تبتئس لقلَّة المستجيبين لدعوتك، فحسبُك أن تبلِّغَ رسالةَ ربِّك.
• ما أسرعَ الكافرَ إلى دروب الباطل! وسيأتي يوم يُرغَم فيه على المسارعة لملاقاة جزاء ربِّه العادل، وقد غشيَه الخزيُ يومئذٍ والمهانة.