الإعدادات
تفسير سورة الشعراء (تفسير الجلالين)
طسٓمٓ ﴿١﴾
«طسَمَ» الله أعلم بمراده بذلك.
تِلْكَ ءَايَٰتُ ٱلْكِتَٰبِ ٱلْمُبِينِ ﴿٢﴾
«تلك» أي هذه الآيات «آيات الكتاب» القرآن والإضافة بمعنى من «المبين» المظهر الحق من الباطل.
لَعَلَّكَ بَٰخِعٌۭ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا۟ مُؤْمِنِينَ ﴿٣﴾
«لعلك» يا محمد «باخعٌ نفسك» قاتلها غما من أجل «ألا يكونوا» أي أهل مكة «مؤمنين» ولعل هنا للإشفاق أي أشفق عليها بتخفيف هذا الغم.
إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ ءَايَةًۭ فَظَلَّتْ أَعْنَٰقُهُمْ لَهَا خَٰضِعِينَ ﴿٤﴾
«إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلّت» بمعنى المضارع: أي تظل، أي تدوم «أعناقهم لها خاضعين» فيؤمنون، ولما وصفت الأعناق بالخضوع الذي هو لأربابها جمعت الصفة جمع العقلاء.
وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍۢ مِّنَ ٱلرَّحْمَٰنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا۟ عَنْهُ مُعْرِضِينَ ﴿٥﴾
«وما يأتيهم من ذكر» قرآن «من الرحمن مُحدّث» صفة كاشفة «إلا كانوا عنه معرضين».
فَقَدْ كَذَّبُوا۟ فَسَيَأْتِيهِمْ أَنۢبَٰٓؤُا۟ مَا كَانُوا۟ بِهِۦ يَسْتَهْزِءُونَ ﴿٦﴾
«فقد كذبوا» به «فسيأتيهم أنباء» عواقب «ما كانوا به يستهزءُون».
أَوَلَمْ يَرَوْا۟ إِلَى ٱلْأَرْضِ كَمْ أَنۢبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍۢ كَرِيمٍ ﴿٧﴾
«أوَلم يروا» ينظروا «إلى الأرض كم أنبتنا فيها» أي كثيرا «من كل زوجِ كريم» نوع حسن.
إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَةًۭ ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ﴿٨﴾
«إن في ذلك لآية» دلالة على كمال قدرته تعالى «وما كان أكثرهم مؤمنين» في علم الله، وكان قال سيبويه: زائدة.
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ ﴿٩﴾
«وإن ربك لهو العزيز» ذو العزة ينتقم من الكافرين «الرحيم» يرحم المؤمنين.
وَإِذْ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰٓ أَنِ ٱئْتِ ٱلْقَوْمَ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴿١٠﴾
«و» اذكر يا محمد لقومك «إذ نادى ربك موسى» ليلة رأى النار والشجرة «أن» أي: بأن «ائت القوم الظالمين» رسولا.
قَوْمَ فِرْعَوْنَ ۚ أَلَا يَتَّقُونَ ﴿١١﴾
«قوم فرعون» معه ظلموا أنفسهم بالكفر بالله وبني إسرائيل باستعبادهم «ألا» الهمزة للاستفهام الإنكارى «يتقون» الله بطاعته فيوحدونه.
قَالَ رَبِّ إِنِّىٓ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ ﴿١٢﴾
«قال» موسى «ربِ إني أخاف أن يكذّبون».
وَيَضِيقُ صَدْرِى وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِى فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَٰرُونَ ﴿١٣﴾
«ويضيق صدري» من تكذيبهم لي «ولا ينطلق لساني» بأداء الرسالة للعقدة التي فيه «فأرسل إلى» أخي «هارون» معي.
وَلَهُمْ عَلَىَّ ذَنۢبٌۭ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ ﴿١٤﴾
«ولهم عليَّ ذنبٌ» بقتل القبطي منهم «فأخاف أن يقتلون» به.
قَالَ كَلَّا ۖ فَٱذْهَبَا بِـَٔايَٰتِنَآ ۖ إِنَّا مَعَكُم مُّسْتَمِعُونَ ﴿١٥﴾
«قال» تعالى: «كلا» لا يقتلونك «فاذهبا» أي أنت وأخوك، ففيه تغليب الحاضر على الغائب «بآياتنا إنا معكم مستمعون» ما تقولون وما يقال لكم، أجريا مجرى الجماعة.
فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَآ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴿١٦﴾
«فأتِيَا فرعون فقولا إنا» كلاً منا «رسول رب العالمين» إليك.
أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ ﴿١٧﴾
«أن» أي: بأن «أرسل معنا» إلى الشام «بني إسرائيل» فأتياه فقالا له ما ذكر.
قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًۭا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ ﴿١٨﴾
«قال» فرعون لموسى «ألم نربِّك فينا» في منازلنا «وليدا» صغيرا قريبا من الولادة بعد فطامه «ولبثت فينا من عمرك سنين» ثلاثين سنة يلبس من ملابس فرعون ويركب من مراكبه وكان يسمى ابنه.
وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ ٱلَّتِى فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ ٱلْكَٰفِرِينَ ﴿١٩﴾
«وفعلت فعلتك التي فعلت» هي قتله القبطي «وأنت من الكافرين» الجاحدين لنعمتي عليك بالتربية وعدم الاستعباد.
قَالَ فَعَلْتُهَآ إِذًۭا وَأَنَا۠ مِنَ ٱلضَّآلِّينَ ﴿٢٠﴾
«قال» موسى «فعلتها إذاً» أي حينئذ «وأنا من الضالين» عما آتاني الله بعدها من العلم والرسالة.
فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِى رَبِّى حُكْمًۭا وَجَعَلَنِى مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴿٢١﴾
«ففررتُ منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما» علما «وجعلني من المرسلين».
وَتِلْكَ نِعْمَةٌۭ تَمُنُّهَا عَلَىَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ ﴿٢٢﴾
«وتلك نعمةٌ تمنُّها عليَّ» أصله تمن بها عليَّ «أن عبدت بني إسرائيل» بيان لتلك: أي اتخذتهم عبيدا ولم تستعبدني لا نعمة لك بذلك لظلمك باستعبادهم وقدر بعضهم أول الكلام همزة استفهام للإنكار.
قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴿٢٣﴾
«قال فرعون» لموسى «وما رب العالمين» الذي قلت إنك رسوله أي: أي شيء هو ولما لم يكن سبيل للخلق إلى معرفة حقيقته تعالى وإنما يعرفونه بصفاته أجابه موسى عليه الصلاة والسلام ببعضها.
قَالَ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَآ ۖ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ ﴿٢٤﴾
«قال ربُّ السماوات والأرض وما بينهما» أي خالق ذلك «إن كنتم موقنين» بأنه تعالى خالقه فآمنوا به وحده.
قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُۥٓ أَلَا تَسْتَمِعُونَ ﴿٢٥﴾
«قال» فرعون «لمن حوله» من أشراف قومه «ألا تستمعون» جوابه الذي لم يطابق السؤال.
قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ ءَابَآئِكُمُ ٱلْأَوَّلِينَ ﴿٢٦﴾
«قال» موسى «ربكم ورب آبائكم الأولين» وهذا وإن كان داخلا فيما قبله يغيظ فرعون ولذلك.
قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ ٱلَّذِىٓ أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌۭ ﴿٢٧﴾
«قال إنَّ رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون».
قَالَ رَبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَآ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ ﴿٢٨﴾
«قال» موسى «ربُّ المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون» إنه كذلك فآمنوا به وحده.
قَالَ لَئِنِ ٱتَّخَذْتَ إِلَٰهًا غَيْرِى لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ ٱلْمَسْجُونِينَ ﴿٢٩﴾
«قال» فرعون لموسى «لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنَّك من المسجونين» كان سجنه شديدا يحبس الشخص في مكان تحت الأرض وحده لا يبصر ولا يسمع فيه أحدا.
قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَىْءٍۢ مُّبِينٍۢ ﴿٣٠﴾
«قال» له موسى «أوَلوْ» أي: أتفعل ذلك ولو «جئتك بشيءٍ مبينِ» برهان بيِّن على رسالتي.
قَالَ فَأْتِ بِهِۦٓ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّٰدِقِينَ ﴿٣١﴾
«قال» فرعون له «فأتِ به إن كنت من الصادقين» فيه.
فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِىَ ثُعْبَانٌۭ مُّبِينٌۭ ﴿٣٢﴾
«فألقى عصاه فإذا هي ثعبانٌ مبينٌ» حية عظيمة.
وَنَزَعَ يَدَهُۥ فَإِذَا هِىَ بَيْضَآءُ لِلنَّٰظِرِينَ ﴿٣٣﴾
«ونزع يده» أخرجها من جيبه «فإذا هي بيضاء» ذات شعاع «للناظرين» خلاف ما كانت عليه من الأدمة.
قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُۥٓ إِنَّ هَٰذَا لَسَٰحِرٌ عَلِيمٌۭ ﴿٣٤﴾
«قال» فرعون «للملإ حوله إنَّ هذا لساحر عليم» فائق في علم السحر.
يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِۦ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴿٣٥﴾
«يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون».
قَالُوٓا۟ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَٱبْعَثْ فِى ٱلْمَدَآئِنِ حَٰشِرِينَ ﴿٣٦﴾
«قالوا أرجه وأخاه» أخّر أمرهما «وابعث في المدائن حاشرين» جامعين.
يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍۢ ﴿٣٧﴾
«يأتوك بكل سَحَّار عليم» يفضل موسى في علم السحر.
فَجُمِعَ ٱلسَّحَرَةُ لِمِيقَٰتِ يَوْمٍۢ مَّعْلُومٍۢ ﴿٣٨﴾
«فجمع السحرة لميقات يوم معلوم» وهو وقت الضحى من يوم الزينة.
وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُم مُّجْتَمِعُونَ ﴿٣٩﴾
«وقيل للناس هل أنتم مجتمعون».
لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ ٱلسَّحَرَةَ إِن كَانُوا۟ هُمُ ٱلْغَٰلِبِينَ ﴿٤٠﴾
«لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين» الاستفهام للحث على الاجتماع والترجي على تقدير غلبتهم ليستمروا على دينهم فلا يتبعوا موسى.
فَلَمَّا جَآءَ ٱلسَّحَرَةُ قَالُوا۟ لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَٰلِبِينَ ﴿٤١﴾
«فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أئن» بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينهما على الوجيهين «لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين».
قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًۭا لَّمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ ﴿٤٢﴾
«قال نعم وإنكم إذاً» أي حينئذ «لمن المقربين».
قَالَ لَهُم مُّوسَىٰٓ أَلْقُوا۟ مَآ أَنتُم مُّلْقُونَ ﴿٤٣﴾
«قال لهم موسى» بعد ما قالوا له (إما أن تُلقي وإما أن نكون نحن الملقين) «ألقوا ما أنتم ملقون» فالأمر فيه للإذن بتقديم إلقائهم توسلا به إلى إظهار الحق.
فَأَلْقَوْا۟ حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا۟ بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ ٱلْغَٰلِبُونَ ﴿٤٤﴾
«فألقوْا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون».
فَأَلْقَىٰ مُوسَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِىَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ﴿٤٥﴾
«فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف» بحذف إحدى التاءين من الأصل تبتلع «ما يأفكون» يقلبونه بتمويههم فيخيلون حبالهم وعصيهم أنها حيات تسعى.
فَأُلْقِىَ ٱلسَّحَرَةُ سَٰجِدِينَ ﴿٤٦﴾
«فألقيَ السحرة ساجدين».
قَالُوٓا۟ ءَامَنَّا بِرَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴿٤٧﴾
«قالوا آمنا برب العالمين».
رَبِّ مُوسَىٰ وَهَٰرُونَ ﴿٤٨﴾
«رب موسى وهارون» لعلمهم بأن ما شاهدوه من العصا لا يتأتى بالسحر.
قَالَ ءَامَنتُمْ لَهُۥ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّهُۥ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِى عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ۚ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَٰفٍۢ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ﴿٤٩﴾
«قال» فرعون «أآمنتم» بتحقيق الهمزتين وإبدال الثانية ألفا «له» لموسى «قبل أن آذن» أنا «لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر» فعلَّمك شيئا منه وغلبكم بآخر «فلسوف تعلمون» ما ينالكم مني «لأقطعنَّ أيديكم وأرجلكم من خلاف» أي يد كل واحد اليمنى ورجله اليسرى «ولأصلبنكم أجمعين».
قَالُوا۟ لَا ضَيْرَ ۖ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ ﴿٥٠﴾
«قالوا لا ضَيْرَ» لا ضرر علينا في ذلك «إنا إلى ربنا» بعد موتنا بأي وجه كان «منقلبون» راجعون في الآخرة.
إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَٰيَٰنَآ أَن كُنَّآ أَوَّلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴿٥١﴾
«إنا نطمع» نرجوا «أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن» أي بأن «كنَّا أول المؤمنين» في زماننا.
۞ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰٓ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِىٓ إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ ﴿٥٢﴾
«وأوحينا إلى موسى» بعد سنين أقامها بينهم يدعوهم بآيات الله إلى الحق فلم يزيدوا إلا عتوا «أن أسر بعبادي» بني إسرائيل وفي قراءة بكسر النون ووصل همزة أسر من سرى لغة في أسرى أي سر بهم ليلا إلى البحر «إنكم مُتَّبعون» يتبعكم فرعون وجنوده فيلجون وراءكم البحر فأنجيكم وأغرقهم.
فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِى ٱلْمَدَآئِنِ حَٰشِرِينَ ﴿٥٣﴾
«فأرسل فرعون» حين أخبر بسيرهم «في المدائن» قيل كان له ألف مدينة واثنا عشر ألف قرية «حاشرين» جامعين الجيش قائلا.
إِنَّ هَٰٓؤُلَآءِ لَشِرْذِمَةٌۭ قَلِيلُونَ ﴿٥٤﴾
«إن هؤلاء لشرذمةٌ» طائفة «قليلون» قيل كانوا ستمائة ألف وسبعين ومقدمة جيشه سبعمائة ألف فقللهم بالنظر إلى كثرة جيشه.
وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَآئِظُونَ ﴿٥٥﴾
«وإنهم لنا لغائظون» فاعلون ما يغيظنا.
وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَٰذِرُونَ ﴿٥٦﴾
«وإنا لجميعٌ حذرون» مستعدون وفي قراءة حاذرون متيقظون.
فَأَخْرَجْنَٰهُم مِّن جَنَّٰتٍۢ وَعُيُونٍۢ ﴿٥٧﴾
قال تعالى: «فأخرجناهم» أي فرعون وقومه من مصر ليلحقوا موسى وقومه «من جنات» بساتين كانت على جانبي النيل «وعيون» أنهار جارية في الدور من النيل.
وَكُنُوزٍۢ وَمَقَامٍۢ كَرِيمٍۢ ﴿٥٨﴾
«وكنوز» أموال ظاهرة من الذهب والفضة، وسميت كنوزا لأنه لم يعط حق الله تعالى منها «ومقامٍ كريمٍ» مجلس حسن للأمراء والوزراء يحفه أتباعهم.
كَذَٰلِكَ وَأَوْرَثْنَٰهَا بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ ﴿٥٩﴾
«كذلك» أي إخراجنا كما وصفنا «وأورثناها بني إسرائيل» بعد إغراق فرعون وقومه.
فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ ﴿٦٠﴾
«فأتبعوهم» لحقوهم «مشرقين» وقت شروق الشمس.
فَلَمَّا تَرَٰٓءَا ٱلْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَٰبُ مُوسَىٰٓ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴿٦١﴾
«فلما تراءى الجمعان» رأى كل منهما الآخر «قال أصحاب موسى إنا لمدركون» يدركنا جمع فرعون ولا طاقة لنا به.
قَالَ كَلَّآ ۖ إِنَّ مَعِىَ رَبِّى سَيَهْدِينِ ﴿٦٢﴾
«قال» موسى «كلا» أي لن يدركونا «إن معي ربي» ينصره «سيهدين» طريق النجاة.
فَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰٓ أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ ۖ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍۢ كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ ﴿٦٣﴾
قال تعالى: «فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر» فضربه «فانفلق» فانشق اثنى عشر فرقا «فكان كل فرق كالطود العظيم» الجبل الضخم بينهما مسالك سلكوها لم يبتل منها سرج الراكب ولا لبده.
وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ ٱلْءَاخَرِينَ ﴿٦٤﴾
«وأزلفنا» قرَّبنا «ثمَّ» هناك «الآخرين» فرعون وقومه حتى سلكوا مسالكهم.
وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُۥٓ أَجْمَعِينَ ﴿٦٥﴾
«وأنجينا موسى ومن معه أجمعين» بإخراجهم من البحر على هيئته المذكورة.
ثُمَّ أَغْرَقْنَا ٱلْءَاخَرِينَ ﴿٦٦﴾
«ثم أغرقنا الآخرين» فرعون وقومه بإطباق البحر عليهم لما تم دخولهم في البحر وخروج بني إسرائيل منه.
إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَةًۭ ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ﴿٦٧﴾
«إن في ذلك» إغراق فرعون وقومه «لآيةٌ» عبرة لمن بعدهم «وما كان أكثرهم مؤمنين» بالله لم يؤمن منهم غير آسية امرأة فرعون وحزقيل مؤمن آل فرعون ومريم بنت ناموصى التي دلت على عظام يوسف عليه السلام.
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ ﴿٦٨﴾
«وإن ربك لهو العزيز» فانتقم من الكافرين بإغراقهم «الرحيم» بالمؤمنين فأنجاهم من الغرق.
وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَٰهِيمَ ﴿٦٩﴾
«واتل عليهم» أي كفار مكة «نبأ» خبر «إبراهيم» ويبدل منه.
إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِۦ مَا تَعْبُدُونَ ﴿٧٠﴾
«إذا قال لأبيه وقومه ما تعبدون».
قَالُوا۟ نَعْبُدُ أَصْنَامًۭا فَنَظَلُّ لَهَا عَٰكِفِينَ ﴿٧١﴾
«قالوا نعبد أصناما» صرحوا بالفعل ليعطفوا عليه «فنظل لها عاكفين» نقيم نهارا على عبادتها زادوه في الجواب افتخارا به.
قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ ﴿٧٢﴾
«قال هل يسمعونكم إذ» حين «تدعون».
أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ ﴿٧٣﴾
«أو ينفعونكم» إن عبدتموهم «أو يضرونـ» كم إن لم تعبدوهم.
قَالُوا۟ بَلْ وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا كَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ ﴿٧٤﴾
«قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون» أي مثل فعلنا.
قَالَ أَفَرَءَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ ﴿٧٥﴾
«قال أفرآيتم ما كنتم تعبدون».
أَنتُمْ وَءَابَآؤُكُمُ ٱلْأَقْدَمُونَ ﴿٧٦﴾
«أنتم وآبائكم الأقدمون».
فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّۭ لِّىٓ إِلَّا رَبَّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴿٧٧﴾
«فإنهم عدو لي» لا أعبدهم «إلا» لكن «ربَّ العالمين» فإني أعبده.
ٱلَّذِى خَلَقَنِى فَهُوَ يَهْدِينِ ﴿٧٨﴾
«الذي خلقني فهو يهدين» إلى الدين.
وَٱلَّذِى هُوَ يُطْعِمُنِى وَيَسْقِينِ ﴿٧٩﴾
«والذي هو يطعمني ويسقين».
وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴿٨٠﴾
«وإذا مرضت فهو يشفين».
وَٱلَّذِى يُمِيتُنِى ثُمَّ يُحْيِينِ ﴿٨١﴾
«والذي يُميتني ثم يحيين».
وَٱلَّذِىٓ أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِى خَطِيٓـَٔتِى يَوْمَ ٱلدِّينِ ﴿٨٢﴾
«والذي أطمع» أرجو «أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين» الجزاء.
رَبِّ هَبْ لِى حُكْمًۭا وَأَلْحِقْنِى بِٱلصَّٰلِحِينَ ﴿٨٣﴾
«رب هب لي حكما» علما «وألحقني بالصالحين» النبيين.
وَٱجْعَل لِّى لِسَانَ صِدْقٍۢ فِى ٱلْءَاخِرِينَ ﴿٨٤﴾
«واجعل لي لسان صدق» ثناء حسنا «في الآخرين» الذين يأتون بعدي إلى يوم القيامة.
وَٱجْعَلْنِى مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ ٱلنَّعِيمِ ﴿٨٥﴾
«واجعلني من ورثة جنة النعيم» ممن يعطاها.
وَٱغْفِرْ لِأَبِىٓ إِنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلضَّآلِّينَ ﴿٨٦﴾
«واغفر لأبي إنه كان من الضالين» بأن تتوب عليه فتغفر له وهذا قبل أن يتبين له أنه عدو لله كما ذكر في سورة براءة.
وَلَا تُخْزِنِى يَوْمَ يُبْعَثُونَ ﴿٨٧﴾
«ولا تخزني» تفضحني «يوم يُبعثون» الناس.
يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌۭ وَلَا بَنُونَ ﴿٨٨﴾
قال تعالى فيه: «يوم لا ينفع مال ولا بنون» أحدا
إِلَّا مَنْ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلْبٍۢ سَلِيمٍۢ ﴿٨٩﴾
«إلا» لكن «من أتى الله بقلب سليم» من الشرك والنفاق وهو قلب المؤمن فإنه ينفعه ذلك.
وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴿٩٠﴾
«وأُزلفت الجنة» قربت «للمتقين» فيرونها.
وَبُرِّزَتِ ٱلْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ ﴿٩١﴾
«وبرزت الجحيم» أظهرت «للغاوين» الكافرين.
وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ ﴿٩٢﴾
«وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون».
مِن دُونِ ٱللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ ﴿٩٣﴾
«من دون الله» أي غيره من الأصنام «هل ينصرونكم» بدفع العذاب عنكم «أو ينتصرون» بدفعه عن أنفسهم، لا.
فَكُبْكِبُوا۟ فِيهَا هُمْ وَٱلْغَاوُۥنَ ﴿٩٤﴾
«فكُبْكِبوا» ألقوا «فيها هم والغاوون».
وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ ﴿٩٥﴾
«وجنود إبليس» أتباعه، ومن أطاعه من الجن والإنس «أجمعون».
قَالُوا۟ وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ ﴿٩٦﴾
«قالوا» أي الغاوون «وهم فيها يختصمون» مع معبوديهم.
تَٱللَّهِ إِن كُنَّا لَفِى ضَلَٰلٍۢ مُّبِينٍ ﴿٩٧﴾
«تالله إن» مخففة من الثقلية واسمها محذوف أي إنه «كنا لفي ضلال مبين» بين.
إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴿٩٨﴾
«إذ» حيث «نسويكم برب العالمين» في العبادة.
وَمَآ أَضَلَّنَآ إِلَّا ٱلْمُجْرِمُونَ ﴿٩٩﴾
«وما أضلنا» عن الهدى «إلا المجرمون» أي الشياطين أو أوّلونا الذين اقتدينا بهم.
فَمَا لَنَا مِن شَٰفِعِينَ ﴿١٠٠﴾
«فما لنا من شافعين» كما للمؤمنين من الملائكة والنبيين والمؤمنين.
وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍۢ ﴿١٠١﴾
«ولا صديق حميم» يهمه أمرنا.
فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةًۭ فَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴿١٠٢﴾
«فلو أن لنا كرَّة» رجعة إلى الدنيا «فنكون من المؤمنين» لو هنا للتمني ونكون جوابه.
إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَةًۭ ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ﴿١٠٣﴾
«إن في ذلك» المذكور من قصة إبراهيم وقومه «لآية وما كان أكثرهم مؤمنين».
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ ﴿١٠٤﴾
«وإن ربك لهم العزيز الرحيم».
كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴿١٠٥﴾
«كذبت قوم نوح المرسلين» بتكذيبهم له لاشتراكهم في المجيء بالتوحيد، أو لأنه لطول لبثه فيهم كأنه رسل وتأنيث قوم باعتبار معناه وتذكيره باعتبار لفظه.
إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴿١٠٦﴾
«إذ قال لهم أخوهم» نسبا «نوح ألا تتقون» الله.
إِنِّى لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌۭ ﴿١٠٧﴾
«إني لكم رسول أمين» على تبليغ ما أرسلت به.
فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴿١٠٨﴾
«فاتقوا الله وأطيعون» فيما آمركم به من توحيد الله وطاعته.
وَمَآ أَسْـَٔلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِىَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴿١٠٩﴾
«وما أسألكم عليه» على تبليغه «من أجر إن» ما «أجريَ» أي ثوابي «إلا على رب العالمين».
فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴿١١٠﴾
«فاتقوا الله وأطيعون» كرره تأكيدا.
۞ قَالُوٓا۟ أَنُؤْمِنُ لَكَ وَٱتَّبَعَكَ ٱلْأَرْذَلُونَ ﴿١١١﴾
«قالوا أنؤمن» نصدق «لك» لقولك «واتبعك» وفي قراءة وأتباعك جمع تابع مبتدأ «الأرذلون» السفلة كالحاكة والأساكفة.
قَالَ وَمَا عِلْمِى بِمَا كَانُوا۟ يَعْمَلُونَ ﴿١١٢﴾
«قال وما علمي» أيّ علم لي «بما كانوا يعلمون».
إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّى ۖ لَوْ تَشْعُرُونَ ﴿١١٣﴾
«إن» ما «حسابهم إلا على ربي» فيجازيهم «لو تشعرون» تعلمون ذلك ما عبَّدتموهم.
وَمَآ أَنَا۠ بِطَارِدِ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴿١١٤﴾
«وما أنا بطارد المؤمنين».
إِنْ أَنَا۠ إِلَّا نَذِيرٌۭ مُّبِينٌۭ ﴿١١٥﴾
«إن» ما «أنا إلا نذير مبين» بيَّن الإنذار.
قَالُوا۟ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَٰنُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمَرْجُومِينَ ﴿١١٦﴾
«قالوا لئن لم تنته يا نوح» عما تقول لنا «لتكونن من المرجومين» بالحجارة أو بالشتم.
قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِى كَذَّبُونِ ﴿١١٧﴾
«قال» نوح «رب إن قومي كذبون».
فَٱفْتَحْ بَيْنِى وَبَيْنَهُمْ فَتْحًۭا وَنَجِّنِى وَمَن مَّعِىَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴿١١٨﴾
«فافتح بيني وبينهم فتحا» أي احكم «ونجني ومن معي من المؤمنين».
فَأَنجَيْنَٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ فِى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ ﴿١١٩﴾
قال تعالى «فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون» المملوء من الناس والحيوان والطير.
ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ ٱلْبَاقِينَ ﴿١٢٠﴾
«ثم أغرقنا بعد» بعد إنجائهم «الباقين» من قومه.
إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَةًۭ ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ﴿١٢١﴾
«إن ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين».
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ ﴿١٢٢﴾
«وإن ربك لهو العزيز الرحيم».
كَذَّبَتْ عَادٌ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴿١٢٣﴾
«كذبت عادٌ المرسلين».
إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴿١٢٤﴾
«إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون».
إِنِّى لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌۭ ﴿١٢٥﴾
«إني لكم رسول أمين».
فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴿١٢٦﴾
«فاتقوا الله وأطيعون».
وَمَآ أَسْـَٔلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِىَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴿١٢٧﴾
«وما أسألكم عليه من أجر إن» ما «أجري إلا على رب العالمين».
أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ ءَايَةًۭ تَعْبَثُونَ ﴿١٢٨﴾
«أتبنون بكل ريع» مكان مرتفع «آية» بنا علما للمارة «تعبثون» ممن يمر بكم وتسخرون منهم والجملة حال من ضمير تبنون.
وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ﴿١٢٩﴾
«وتتخذون مصانع» للماء تحت الأرض «لعلكم» كأنكم «تخلدون» فيها لا تموتون.
وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ﴿١٣٠﴾
«وإذا بطشتم» بضرب أو قتل «بطشتم جبارين» من غير رأفة.
فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴿١٣١﴾
«فاتقوا الله» في ذلك «وأطيعون» فيما أمرتكم به.
وَٱتَّقُوا۟ ٱلَّذِىٓ أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ ﴿١٣٢﴾
«واتقوا الذي أمدكم» أنعم عليكم «بما تعملون».
أَمَدَّكُم بِأَنْعَٰمٍۢ وَبَنِينَ ﴿١٣٣﴾
«أمدكم بأنعام وبنين».
وَجَنَّٰتٍۢ وَعُيُونٍ ﴿١٣٤﴾
«وجنات» بساتين «وعيون» أنهار.
إِنِّىٓ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍۢ ﴿١٣٥﴾
«إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم» في الدنيا والآخرة إن عصيتموني.
قَالُوا۟ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ ٱلْوَٰعِظِينَ ﴿١٣٦﴾
«قالوا سواء علينا» مستو عندنا «أوعظت أم لم تكن من الواعظين» أصلا أي لا نرعوي لوعظك.
إِنْ هَٰذَآ إِلَّا خُلُقُ ٱلْأَوَّلِينَ ﴿١٣٧﴾
«إن» ما «هذا» الذي خوفنا به «إلا خَلْق الأولين» اختلافهم وكذبهم وفي قراءة بضم الخاء واللام أي ما هذا الذي نحن عليه من إنكار للبعث إلا خلق الأولين أي طبيعتهم وعادتهم.
وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ﴿١٣٨﴾
«وما نحن بمعذبين».
فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَٰهُمْ ۗ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَةًۭ ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ﴿١٣٩﴾
«فكذبوه» بالعذاب «فأهلكناهم» في الدنيا بالريح «إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين».
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ ﴿١٤٠﴾
««إن ربك لهو العزيز الرحيم».
كَذَّبَتْ ثَمُودُ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴿١٤١﴾
«كذبت ثمود المرسلين».
إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَٰلِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴿١٤٢﴾
«إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون».
إِنِّى لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌۭ ﴿١٤٣﴾
«إني لكم رسول أمين».
فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴿١٤٤﴾
«فاتقوا الله وأطيعون».
وَمَآ أَسْـَٔلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِىَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴿١٤٥﴾
«وما أسألكم عليه من أجر إن» ما «أجري إلا على رب العالمين».
أَتُتْرَكُونَ فِى مَا هَٰهُنَآ ءَامِنِينَ ﴿١٤٦﴾
«أتتركون في ما ههنا» من الخيرات «آمنين».
فِى جَنَّٰتٍۢ وَعُيُونٍۢ ﴿١٤٧﴾
«في جنات وعيون».
وَزُرُوعٍۢ وَنَخْلٍۢ طَلْعُهَا هَضِيمٌۭ ﴿١٤٨﴾
«وزروع ونخل طلعها هضيم» لطيف لين.
وَتَنْحِتُونَ مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتًۭا فَٰرِهِينَ ﴿١٤٩﴾
«وتنحتون من الجبال بيوتا فرهين» بطرين وفي قراءة فارهين حاذقين.
فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴿١٥٠﴾
«فاتقوا الله وأطيعون» فيما أمرتكم به.
وَلَا تُطِيعُوٓا۟ أَمْرَ ٱلْمُسْرِفِينَ ﴿١٥١﴾
«ولا تطيعوا أمر المسرفين».
ٱلَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِى ٱلْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ﴿١٥٢﴾
«الذين يفسدون في الأرض» بالمعاصي «ولا يصلحون» بطاعة الله.
قَالُوٓا۟ إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ ٱلْمُسَحَّرِينَ ﴿١٥٣﴾
«قالوا إنما أنت من المسحرين» الذين سحروا كثيرا حتى غلب على عقلهم.
مَآ أَنتَ إِلَّا بَشَرٌۭ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِـَٔايَةٍ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّٰدِقِينَ ﴿١٥٤﴾
«ما أنت» أيضا «إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنتم من الصادقين» في رسالتك.
قَالَ هَٰذِهِۦ نَاقَةٌۭ لَّهَا شِرْبٌۭ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍۢ مَّعْلُومٍۢ ﴿١٥٥﴾
«قال هذه ناقة لها شرب» نصيب من الماء «ولكم شرب يوم معلوم».
وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوٓءٍۢ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍۢ ﴿١٥٦﴾
«ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم» بعظم العذاب.
فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا۟ نَٰدِمِينَ ﴿١٥٧﴾
«فعقروها» عقرها بعضهم برضاهم «فأصبحوا نادمين» على عقرها.
فَأَخَذَهُمُ ٱلْعَذَابُ ۗ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَةًۭ ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ﴿١٥٨﴾
«فأخذهم العذاب» الموعود به فهلكوا «إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين».
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ ﴿١٥٩﴾
«وإن ربك لهو العزيز الرحيم».
كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴿١٦٠﴾
«كذبت قوم لوط المرسلين».
إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴿١٦١﴾
«إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون».
إِنِّى لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌۭ ﴿١٦٢﴾
«إني لكم رسول أمين».
فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴿١٦٣﴾
«فاتقوا الله وأطيعون».
وَمَآ أَسْـَٔلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِىَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴿١٦٤﴾
«وما أسألكم عليه من أجر إن» ما «أجري إلا على رب العالمين».
أَتَأْتُونَ ٱلذُّكْرَانَ مِنَ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴿١٦٥﴾
«أتأتون الذكران من العالمين» الناس.
وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَٰجِكُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ﴿١٦٦﴾
«وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم» أي أقبالهن «بل أنتم قوم عادون» متجاوزون الحلال إلى الحرام.
قَالُوا۟ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَٰلُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُخْرَجِينَ ﴿١٦٧﴾
«قالوا لئن لم تنته يا لوط» عن إنكارك علينا «لتكونن من المخرجين» من بلدتنا.
قَالَ إِنِّى لِعَمَلِكُم مِّنَ ٱلْقَالِينَ ﴿١٦٨﴾
«قال» لوط «إني لعملكم من القالين» المبغضين.
رَبِّ نَجِّنِى وَأَهْلِى مِمَّا يَعْمَلُونَ ﴿١٦٩﴾
«رب نجني وأهلي مما يعلمون» أي من عذابه.
فَنَجَّيْنَٰهُ وَأَهْلَهُۥٓ أَجْمَعِينَ ﴿١٧٠﴾
«فنجيناه وأهله أجمعين».
إِلَّا عَجُوزًۭا فِى ٱلْغَٰبِرِينَ ﴿١٧١﴾
«إلا عجوزا» امرأته «في الغابرين» الباقين أهلكناها.
ثُمَّ دَمَّرْنَا ٱلْءَاخَرِينَ ﴿١٧٢﴾
«ثم دمرنا الآخرين» أهلناهم.
وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًۭا ۖ فَسَآءَ مَطَرُ ٱلْمُنذَرِينَ ﴿١٧٣﴾
«وأمطرنا عليهم مطرا» حجارة من جملة الإهلاك «فساء مطر المنذرين» مطرهم.
إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَةًۭ ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ﴿١٧٤﴾
«إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين».
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ ﴿١٧٥﴾
«وإن ربك لهو العزيز الرحيم».
كَذَّبَ أَصْحَٰبُ لْـَٔيْكَةِ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴿١٧٦﴾
«كذب أصحاب الأيكة» وفي قراءة بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على اللام وفتح الهاء: هي غيضة شجر قرب مدين «المرسلين».
إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴿١٧٧﴾
«إذ قال لهم شعيب» لم يقل أخوهم لأنه لم يكن منهم «ألا تتقون».
إِنِّى لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌۭ ﴿١٧٨﴾
«إني لكم رسول أمين».
فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴿١٧٩﴾
«فاتقوا الله وأطيعون».
وَمَآ أَسْـَٔلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِىَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴿١٨٠﴾
«وما أسألكم عليه من أجر إن» ما «أجري إلا على رب العالمين».
۞ أَوْفُوا۟ ٱلْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا۟ مِنَ ٱلْمُخْسِرِينَ ﴿١٨١﴾
«أوْفوا الكيل» أتموه «ولا تكونوا من المخسرين» الناقصين.
وَزِنُوا۟ بِٱلْقِسْطَاسِ ٱلْمُسْتَقِيمِ ﴿١٨٢﴾
«وزنوا بالقسطاس المستقيم» الميزان السوي.
وَلَا تَبْخَسُوا۟ ٱلنَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا۟ فِى ٱلْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴿١٨٣﴾
«ولا تبخسوا الناس أشياءهم» لا تنقصوهم من حقهم شيئا «ولا تعثوْا في الأرض مفسدين» بالقتل وغيره من عَثِيَ بكسر المثلثة أفسد ومفسدين حال مؤكدة لمعنى عاملها.
وَٱتَّقُوا۟ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ وَٱلْجِبِلَّةَ ٱلْأَوَّلِينَ ﴿١٨٤﴾
«واتقوا الذي خلقكم والجبلة» الخليقة «الأولين».
قَالُوٓا۟ إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ ٱلْمُسَحَّرِينَ ﴿١٨٥﴾
«قالوا إنما أنت من المسحرين».
وَمَآ أَنتَ إِلَّا بَشَرٌۭ مِّثْلُنَا وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ ٱلْكَٰذِبِينَ ﴿١٨٦﴾
«وما أنت إلا بشر مثلنا وإن» مخففة من الثقيلة واسمها محذوف أي إنه «نظنك لمن الكاذبين».
فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًۭا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّٰدِقِينَ ﴿١٨٧﴾
«فأسقط علينا كسْفا» بسكون السين وفتحها قطعا «من السماء إن كنت من الصادقين» في رسالتك.
قَالَ رَبِّىٓ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴿١٨٨﴾
«قال ربي أعلم بما تعملون» فيجازيكم به.
فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ ٱلظُّلَّةِ ۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿١٨٩﴾
«فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة» هي سحابة أظلتهم بعد حر شديد أصابهم فأمطرت عليهم نارا فاحترقوا «إنه كان عذاب يوم عظيم».
إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَةًۭ ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ﴿١٩٠﴾
«إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين».
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ ﴿١٩١﴾
«وإن ربك لهو العزيز الرحيم».
وَإِنَّهُۥ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴿١٩٢﴾
«وإنه» أي القرآن «لتنزيل رب العالمين».
نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلْأَمِينُ ﴿١٩٣﴾
«نزل به الروح الأمين» جبريل.
عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُنذِرِينَ ﴿١٩٤﴾
«على قلبك لتكون من المنذرين».
بِلِسَانٍ عَرَبِىٍّۢ مُّبِينٍۢ ﴿١٩٥﴾
«بلسان عربي مبين» بيَّن وفي قراءة بتشديد نزل ونصب الروح والفاعل الله.
وَإِنَّهُۥ لَفِى زُبُرِ ٱلْأَوَّلِينَ ﴿١٩٦﴾
«وإنه» ذكر القرآن المنزل على محمد «لفي زُبُر» كتب «الأولين» كالتوراة والإنجيل.
أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ ءَايَةً أَن يَعْلَمَهُۥ عُلَمَٰٓؤُا۟ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ ﴿١٩٧﴾
«أو لم يكن لهم» لكفار مكة «آية» على ذلك «أن يعلمه علماء بني إسرائيل» كعبد الله بن سلام وأصحابه من الذين آمنوا فإنهم يخبرون بذلك، ويكن بالتحتانية ونصب آية وبالفوقانية ورفع آية.
وَلَوْ نَزَّلْنَٰهُ عَلَىٰ بَعْضِ ٱلْأَعْجَمِينَ ﴿١٩٨﴾
«ولو نزلناه على بعض الأعجمين» جمع أعجم.
فَقَرَأَهُۥ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا۟ بِهِۦ مُؤْمِنِينَ ﴿١٩٩﴾
«فقرأه عليهم» كفار مكة «ما كانوا به مؤمنين» أنفة من اتباعه.
كَذَٰلِكَ سَلَكْنَٰهُ فِى قُلُوبِ ٱلْمُجْرِمِينَ ﴿٢٠٠﴾
«كذلك» أي مثل إدخالنا التكذيب به بقراءة الأعجمي «سلكناه» أدخلنا التكذيب به «في قلوب المجرمين» كفار مكة بقراءة النبي.
لَا يُؤْمِنُونَ بِهِۦ حَتَّىٰ يَرَوُا۟ ٱلْعَذَابَ ٱلْأَلِيمَ ﴿٢٠١﴾
«لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم».
فَيَأْتِيَهُم بَغْتَةًۭ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴿٢٠٢﴾
«فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون».
فَيَقُولُوا۟ هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ ﴿٢٠٣﴾
«فيقولوا هل نحن منظرون» لنؤمن فيقال لهم: لا قالوا: متى هذا العذاب، قال تعالى.
أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ ﴿٢٠٤﴾
«أفبعذابنا يستعجلون».
أَفَرَءَيْتَ إِن مَّتَّعْنَٰهُمْ سِنِينَ ﴿٢٠٥﴾
«أفرأيت» أخبرني «إن متَّعناهم سنين».
ثُمَّ جَآءَهُم مَّا كَانُوا۟ يُوعَدُونَ ﴿٢٠٦﴾
«ثم جاءهم ما كانوا يوعدون» من العذاب.
مَآ أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُوا۟ يُمَتَّعُونَ ﴿٢٠٧﴾
«ما» إستفهامية بمعنى: أي شيء «أغنى عنهم ما كانوا يمتعون» في دفع العذاب أو تخفيفه أي: لم يغن.
وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنذِرُونَ ﴿٢٠٨﴾
«وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون» رسل تنذر أهلها.
ذِكْرَىٰ وَمَا كُنَّا ظَٰلِمِينَ ﴿٢٠٩﴾
«ذكرى» عظة لهم «وما كنا ظالمين» في إهلاكهم بعد إنذارهم ونزل ردا لقول المشركين.
وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ ٱلشَّيَٰطِينُ ﴿٢١٠﴾
«وما تنزلت به» بالقرآن «الشياطين».
وَمَا يَنۢبَغِى لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ ﴿٢١١﴾
«وما ينبغي» يصلح «لهم» أن ينزلوا به «وما يستطيعون» ذلك.
إِنَّهُمْ عَنِ ٱلسَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ ﴿٢١٢﴾
«إنهم عن السمع» لكلام الملائكة «لمعزولون» بالشهب.
فَلَا تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ فَتَكُونَ مِنَ ٱلْمُعَذَّبِينَ ﴿٢١٣﴾
«فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين» إن فعلت ذلك الذي دعوك إليه.
وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلْأَقْرَبِينَ ﴿٢١٤﴾
(وأنذر عشيرتك الأقربين) وهم بنو هاشم وبنو عبد المطلب "" وقد أنذرهم جهارا "" رواه البخاري ومسلم.
وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴿٢١٥﴾
«واخفض جناحكْ» ألن جانبك «لمن اتبعك من المؤمنين» الموحدين.
فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّى بَرِىٓءٌۭ مِّمَّا تَعْمَلُونَ ﴿٢١٦﴾
«فإن عصوك» عشيرتك «فقل» لهم «إني بريء مما تعملون» من عبادة غير الله.
وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ ﴿٢١٧﴾
«وتوكل» بالواو والفاء «على العزيز الرحيم» الله أي فوض إليه جميع أمورك.
ٱلَّذِى يَرَىٰكَ حِينَ تَقُومُ ﴿٢١٨﴾
«الذي يراك حين تقوم» إلى الصلاة.
وَتَقَلُّبَكَ فِى ٱلسَّٰجِدِينَ ﴿٢١٩﴾
«وتقلبك» في أركان الصلاة قائما وقاعدا وراكعا وساجدا «في الساجدين» المصلين.
إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ ﴿٢٢٠﴾
«إنه هو السميع العليم».
هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ ٱلشَّيَٰطِينُ ﴿٢٢١﴾
«هل أنبئكم» يا كفرا مكة «على من تنزل الشياطين» بحذف إحدى التاءين من الأصل.
تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍۢ ﴿٢٢٢﴾
«تنزل على كل أفاك» كذاب «أثيم» فاجر مثل مسيلمة وغيره من الكهنة.
يُلْقُونَ ٱلسَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَٰذِبُونَ ﴿٢٢٣﴾
«يلقون» الشياطين «السمع» ما سمعوه من الملائكة إلى الكهنة «وأكثرهم كاذبون» يضمنون إلى المسموع كذبا وكان هذا قبل أن حجبت الشياطين عن السماء.
وَٱلشُّعَرَآءُ يَتَّبِعُهُمُ ٱلْغَاوُۥنَ ﴿٢٢٤﴾
«والشعراء يتبعهم الغاوون» في شعرهم فيقولن به ويرونه عنهم فهم مذمومون.
أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِى كُلِّ وَادٍۢ يَهِيمُونَ ﴿٢٢٥﴾
«ألم تر» تعلم «أنهم في كل واد» من أودية الكلام وفنونه «يهيمون» يمضون فيجازون الحد مدحا وهجاء.
وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ﴿٢٢٦﴾
«وأنهم يقولون» فعلنا «مالا يفعلون» يكذبون.
إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَذَكَرُوا۟ ٱللَّهَ كَثِيرًۭا وَٱنتَصَرُوا۟ مِنۢ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا۟ ۗ وَسَيَعْلَمُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓا۟ أَىَّ مُنقَلَبٍۢ يَنقَلِبُونَ ﴿٢٢٧﴾
«إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات» من الشعراء. «وذكروا الله كثيرا» لم يشغلهم الشعر عن الذكر «وانتصروا» بهجوهم الكفار «من بعد ما ظلموا» بهجو الكفار لهم في جملة المؤمنين فليسو مذمومين قال الله تعالى: (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم) وقال تعالى (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدي عليكم) «وسيعلم الذين ظلموا» من الشعراء وغيرهم «أي منقلب» مرجع «ينقلبون» يرجعون بعد الموت.