الإعدادات
تفسير سورة المعارج (تفسير الجلالين)
سَأَلَ سَآئِلٌۢ بِعَذَابٍۢ وَاقِعٍۢ ﴿١﴾
«سأل سائل» دعا داع «بعذاب واقع».
لِّلْكَٰفِرِينَ لَيْسَ لَهُۥ دَافِعٌۭ ﴿٢﴾
(للكافرين ليس له دافع) هو النضر بن الحارث قال: "" اللهم إن كان هذا هو الحق "" الآية.
مِّنَ ٱللَّهِ ذِى ٱلْمَعَارِجِ ﴿٣﴾
«من الله» متصل بواقع «ذي المعارج» مصاعد الملائكة وهي السماوات.
تَعْرُجُ ٱلْمَلَٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِى يَوْمٍۢ كَانَ مِقْدَارُهُۥ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍۢ ﴿٤﴾
«تعرج» بالتاء والياء «الملائكة والروح» جبريل «إليه» إلى مهبط أمره من السماء «في يوم» متعلق بمحذوف، أي يقع العذاب بهم في يوم القيامة «كان مقداره خمسين ألف سنة» بالنسبة إلى الكافر لما يلقى فيه من الشدائد، وأما المؤمن فيكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا كما جاء في الحديث.
فَٱصْبِرْ صَبْرًۭا جَمِيلًا ﴿٥﴾
«فاصبر» وهذا قبل أن يؤمر بالقتال «صبرا جميلا» أي لا جزع فيه.
إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُۥ بَعِيدًۭا ﴿٦﴾
«إنهم يرونه» أي العذاب «بعيدا» غير واقع.
وَنَرَىٰهُ قَرِيبًۭا ﴿٧﴾
«ونراه قريبا» واقعا لا محالة.
يَوْمَ تَكُونُ ٱلسَّمَآءُ كَٱلْمُهْلِ ﴿٨﴾
«يوم تكون السماء» متعلق بمحذوف تقديره يقع «كالمهل» كذائب الفضة.
وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ ﴿٩﴾
«وتكون الجبال كالعهن» كالصوف في الخفة والطيران بالريح.
وَلَا يَسْـَٔلُ حَمِيمٌ حَمِيمًۭا ﴿١٠﴾
«ولا يسأل حميم حميما» قريب قريبه لاشتغال كل بحاله.
يُبَصَّرُونَهُمْ ۚ يَوَدُّ ٱلْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِى مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍۭ بِبَنِيهِ ﴿١١﴾
«يبصرونهم» أي يبصر الأحماء بعضهم بعضا ويتعارفون ولا يتكلمون والجملة مستأنفة «يود المجرم» يتمنى الكافر «لو» بمعنى أن «يفتدي من عذاب يومئذ» بكسر الميم وفتحها «ببنيه».
وَصَٰحِبَتِهِۦ وَأَخِيهِ ﴿١٢﴾
«وصاحبته» زوجته «وأخيه».
وَفَصِيلَتِهِ ٱلَّتِى تُـْٔوِيهِ ﴿١٣﴾
«وفصيلته» عشيرته لفصله منها «التي تؤويه» تضمه.
وَمَن فِى ٱلْأَرْضِ جَمِيعًۭا ثُمَّ يُنجِيهِ ﴿١٤﴾
«ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه» ذلك الافتداء عطف على يفتدي.
كَلَّآ ۖ إِنَّهَا لَظَىٰ ﴿١٥﴾
«كلا» رد لما يوده «إنها» أي النار «لظى» اسم لجهنم لأنها تتلظى، أي تتلهب على الكفار.
نَزَّاعَةًۭ لِّلشَّوَىٰ ﴿١٦﴾
«نزاعة للشوى» جمع شواة وهي جلدة الرأس.
تَدْعُوا۟ مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّىٰ ﴿١٧﴾
«تدعو من أدبر وتولى» عن الإيمان بأن تقول: إليَّ إليَّ.
وَجَمَعَ فَأَوْعَىٰٓ ﴿١٨﴾
«وجمع» المال «فأوعي» أمسكه في وعائه ولم يؤد حق الله منه.
۞ إِنَّ ٱلْإِنسَٰنَ خُلِقَ هَلُوعًا ﴿١٩﴾
«إن الإنسان خلق هلوعا» حال مقدرة وتفسيره.
إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعًۭا ﴿٢٠﴾
«إذا مسه الشر جزوعا» وقت مس الشر.
وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعًا ﴿٢١﴾
«وإذا مسه الخير منوعا» وقت مس الخير أي المال لحق الله منه.
إِلَّا ٱلْمُصَلِّينَ ﴿٢٢﴾
«إلا المصلين» أي المؤمنين.
ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ دَآئِمُونَ ﴿٢٣﴾
«الذين هم على صلاتهم دائمون» مواظبون.
وَٱلَّذِينَ فِىٓ أَمْوَٰلِهِمْ حَقٌّۭ مَّعْلُومٌۭ ﴿٢٤﴾
«والذين في أموالهم حق معلوم» هو الزكاة.
لِّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ ﴿٢٥﴾
«للسائل والمحروم» المتعفف عن السؤال فيحرم.
وَٱلَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ ﴿٢٦﴾
«والذين يُصدقون بيوم الدين» الجزاء.
وَٱلَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ﴿٢٧﴾
«والذين هم من عذاب ربهم مشفقون» خائفون.
إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍۢ ﴿٢٨﴾
«إن عذاب ربهم غير مأمون» نزوله.
وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَٰفِظُونَ ﴿٢٩﴾
«والذين هم لفروجهم حافظون».
إِلَّا عَلَىٰٓ أَزْوَٰجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴿٣٠﴾
«إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم» من الإماء «فإنهم غير ملومين».
فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذَٰلِكَ فَأُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ ﴿٣١﴾
«فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون» المتجاوزون الحلال إلى الحرام.
وَٱلَّذِينَ هُمْ لِأَمَٰنَٰتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَٰعُونَ ﴿٣٢﴾
«والذين هم لأماناتهم» وفي قراءة بالإفراد: ما ائْتُمِنوا عليه من أمر الدين والدنيا «وعهدهم» المأخوذ عليهم في ذلك «راعون» حافظون.
وَٱلَّذِينَ هُم بِشَهَٰدَٰتِهِمْ قَآئِمُونَ ﴿٣٣﴾
«والذين هم بشهادتهم» وفي قراءة بالجمع «قائمون» يقيمونها ولا يكتمونها.
وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴿٣٤﴾
«والذين هم على صلاتهم يحافظون» بأدائها في أوقاتها.
أُو۟لَٰٓئِكَ فِى جَنَّٰتٍۢ مُّكْرَمُونَ ﴿٣٥﴾
«أولئك في جنات مكرمون».
فَمَالِ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ ﴿٣٦﴾
«فمال الذين كفروا قبلك» نحوك «مهطعين» حال، أي مديمي النظر.
عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ عِزِينَ ﴿٣٧﴾
«عن اليمين وعن الشمال» منك «عزين» حال أيضا، أي جماعات حلقا حلقا، يقولون استهزاء بالمؤمنين: لئن دخل هؤلاء الجنة لندخلنها قبلهم قال تعالى:
أَيَطْمَعُ كُلُّ ٱمْرِئٍۢ مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍۢ ﴿٣٨﴾
«أيطمع كل امرىءٍ منهم أن يدخل جنة نعيم».
كَلَّآ ۖ إِنَّا خَلَقْنَٰهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ ﴿٣٩﴾
«كلا» ردع لهم عن طمعهم في الجنة «إنا خلقناهم» كغيرهم «مما يعلمون» من نطف فلا يطمع بذلك في الجنة وإنما يطمع فيها بالتقوى.
فَلَآ أُقْسِمُ بِرَبِّ ٱلْمَشَٰرِقِ وَٱلْمَغَٰرِبِ إِنَّا لَقَٰدِرُونَ ﴿٤٠﴾
«فلا» لا زائدة «أقسم برب المشارق والمغارب» للشمس والقمر وسائر الكواكب «إنا لقادرون».
عَلَىٰٓ أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًۭا مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ﴿٤١﴾
«على أن نبدل» نأتي بدلهم «خيرا منهم وما نحن بمسبوقين» بعاجزين عن ذلك.
فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا۟ وَيَلْعَبُوا۟ حَتَّىٰ يُلَٰقُوا۟ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِى يُوعَدُونَ ﴿٤٢﴾
«فذرهم» اتركهم «يخوضوا» في باطلهم «ويلعبوا» في دنياهم «حتى يلاقوا» يلقوا «يومهم الذي يوعدون» فيه العذاب.
يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلْأَجْدَاثِ سِرَاعًۭا كَأَنَّهُمْ إِلَىٰ نُصُبٍۢ يُوفِضُونَ ﴿٤٣﴾
«يوم يخرجون من الأجداث» القبور «سراعا» إلى المحشر «كأنهم إلى نَصْبِ» وفي قراءة بضم الحرفين، شيء منصوب كعلم أو راية «يوفضون» يسرعون.
خَٰشِعَةً أَبْصَٰرُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌۭ ۚ ذَٰلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلَّذِى كَانُوا۟ يُوعَدُونَ ﴿٤٤﴾
«خاشعة» ذليلة «أبصارهم ترهقهم» تغشاهم «ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون» ذلك مبتدأ وما بعده الخبر ومعناه يوم القيامة.