الإعدادات
تفسير سورة النازعات (تفسير الجلالين)
وَٱلنَّٰزِعَٰتِ غَرْقًۭا ﴿١﴾
«والنازعات» الملائكة تنزع أرواح الكفار «غرقا» نزعا بشدة.
وَٱلنَّٰشِطَٰتِ نَشْطًۭا ﴿٢﴾
«والناشطات نشطا» الملائكة تنشط أرواح المؤمنين، أي تسلها برفق.
وَٱلسَّٰبِحَٰتِ سَبْحًۭا ﴿٣﴾
«والسابحات سبحا» الملائكة تسبح من السماء بأمره تعالى، أي تنزل.
فَٱلسَّٰبِقَٰتِ سَبْقًۭا ﴿٤﴾
«فالسابقات سبقا» الملائكة تسبق بأرواح المؤمنين إلى الجنة.
فَٱلْمُدَبِّرَٰتِ أَمْرًۭا ﴿٥﴾
«فالمدبرات أمرا» الملائكة تدبر أمر الدنيا، أي تنزل بتدبيره، وجواب هذه الأقسام محذوف، أي لتبعثنَّ يا كفار مكة وهو عامل في.
يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلرَّاجِفَةُ ﴿٦﴾
«يوم ترجف الراجفة» النفخة الأولى بها يرجف كل شيء، أي يتزلزل فوصفت بما يحدث منها.
تَتْبَعُهَا ٱلرَّادِفَةُ ﴿٧﴾
«تتبعها الرادفة» النفخة الثانية وبينهما أربعون سنة، والجملة حال من الراجفة، فاليوم واسع للنفختين وغيرهما فصح ظرفيته للبعث الواقع عقب الثانية.
قُلُوبٌۭ يَوْمَئِذٍۢ وَاجِفَةٌ ﴿٨﴾
«قلوب يومئذٍ واجفة» خائفة قلقة.
أَبْصَٰرُهَا خَٰشِعَةٌۭ ﴿٩﴾
«أبصارها خاشعة» ذليلة لهول ما ترى.
يَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِى ٱلْحَافِرَةِ ﴿١٠﴾
«يقولون» أي أرباب القلوب والأبصار استهزاء وإنكارا للبعث «أئنا» بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية وإدخال الف بينهما على الوجهين في الموضعين «لمردودون في الحافرة» أي أنرد بعد الموت إلى الحياة، والحافرة: اسم لأول الأمر، ومنه رجع فلان في حافرته: إذا رجع من حيث جاء.
أَءِذَا كُنَّا عِظَٰمًۭا نَّخِرَةًۭ ﴿١١﴾
«أئذا كنا عظاما نخرة» وفي قراءة ناخرة بالية متفتتة نحيا.
قَالُوا۟ تِلْكَ إِذًۭا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌۭ ﴿١٢﴾
«قالوا تلك» أي رجعتنا إلى الحياة «إذا» إن صحت «كرة» رجعة «خاسرة» ذات خسران قال تعالى:
فَإِنَّمَا هِىَ زَجْرَةٌۭ وَٰحِدَةٌۭ ﴿١٣﴾
«فإنما هي» أي الرادفة التي يعقبها البعث «زجرة» نفخة «واحدة» فإذا نفخت.
فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ ﴿١٤﴾
«فإذا هم» أي كل الخلائق «بالساهرة» بوجه الأرض أحياءً بعدما كانوا ببطنها أمواتا.
هَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ مُوسَىٰٓ ﴿١٥﴾
«هل أتاك» يا محمد «حديث موسى» عامل في.
إِذْ نَادَىٰهُ رَبُّهُۥ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى ﴿١٦﴾
«إذ ناداه ربه بالوادِ المقدس طوىً» اسم الوادي بالتنوين وتركه، فقال:
ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُۥ طَغَىٰ ﴿١٧﴾
«اذهب إلى فرعون إنه طغى» تجاوز الحد في الكفر.
فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰٓ أَن تَزَكَّىٰ ﴿١٨﴾
«فقل هل لك» أدعوك «إلى أن تزكى» وفي قراءة بتشديد الزاي بإدغام التاء الثانية في الأصل فيها: تتطهر من الشرك بأن تشهد أن لا إله إلا الله.
وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ ﴿١٩﴾
«وأهديك إلى ربك» أدلك على معرفته ببرهان «فتخشى» فتخافه.
فَأَرَىٰهُ ٱلْءَايَةَ ٱلْكُبْرَىٰ ﴿٢٠﴾
«فأراه الآية الكبرى» من آياته السبع وهي اليد أو العصا.
فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ ﴿٢١﴾
«فكذب» فرعون موسى «وعصى» الله تعالى.
ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَىٰ ﴿٢٢﴾
«ثم أدبر» عن الإيمان «يسعى» في الأرض بالفساد.
فَحَشَرَ فَنَادَىٰ ﴿٢٣﴾
«فحشر» جمع السحرة وجنده «فنادى».
فَقَالَ أَنَا۠ رَبُّكُمُ ٱلْأَعْلَىٰ ﴿٢٤﴾
«فقال أنا ربكم الأعلى» لا رب فوقي.
فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلْءَاخِرَةِ وَٱلْأُولَىٰٓ ﴿٢٥﴾
(فأخذه الله) أهلكه بالغرق (نكال) عقوبة (الآخرة) أي هذه الكلمة (والأولى) أي قوله قبلها: "" ما علمت لكم من إله غيري "" وكان بينهما أربعون سنة.
إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَعِبْرَةًۭ لِّمَن يَخْشَىٰٓ ﴿٢٦﴾
«إن في ذلك» المذكور «لعبرة لمن يخشى» الله تعالى.
ءَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ ٱلسَّمَآءُ ۚ بَنَىٰهَا ﴿٢٧﴾
«أأنتم» بتحقيق الهمزتين وإبدال الثانية ألفاً وتسهيلها وإدخال ألف بين المسهلة والأخرى وتركه، أي منكرو البعث «أشد خلقا أم السماء» أشد خلقا «بناها» بيان لكيفية خلقها.
رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّىٰهَا ﴿٢٨﴾
«رفع سمكها» تفسير لكيفية البناء، أي جعل سمتها في جهة العلو رفيعا، وقيل سمكها سقفها «فسواها» جعلها مستوية بلا عيب.
وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَىٰهَا ﴿٢٩﴾
«وأغطش ليلها» أظلمه «وأخرج ضحاها» أبرز نور شمسها وأضيف إليها الليل لأنه ظلها والشمس لأنها سراجها.
وَٱلْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَىٰهَآ ﴿٣٠﴾
«والأرض بعد ذلك دحاها» بسطها وكانت مخلوقة قبل السماء من غير دحو.
أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَىٰهَا ﴿٣١﴾
«أخرج» حال بإضمار قد أي مخرجا «منها ماءها» بتفجير عيونها «ومرعاها» ما ترعاه النعم من الشجر والعشب وما يأكله الناس من الأقوات والثمار، وإطلاق المرعى عليه استعارة.
وَٱلْجِبَالَ أَرْسَىٰهَا ﴿٣٢﴾
«والجبال أرساها» أثبتها على وجه الأرض لتسكن.
مَتَٰعًۭا لَّكُمْ وَلِأَنْعَٰمِكُمْ ﴿٣٣﴾
«متاعا» مفعول له لمقدر، أي فعل ذلك متعة أو مصدر أي تمتيعا «لكم ولأنعامكم» جمع نعم وهي الإبل والبقر والغنم.
فَإِذَا جَآءَتِ ٱلطَّآمَّةُ ٱلْكُبْرَىٰ ﴿٣٤﴾
«فإذا جاءت الطامة الكبرى» النفخة الثانية.
يَوْمَ يَتَذَكَّرُ ٱلْإِنسَٰنُ مَا سَعَىٰ ﴿٣٥﴾
«يوم يتذكر الإنسان» بدل من إذا «ما سعى» في الدنيا من خير وشر.
وَبُرِّزَتِ ٱلْجَحِيمُ لِمَن يَرَىٰ ﴿٣٦﴾
«وبرزت» أظهرت «الجحيم» النار المحرقة «لمن يرى» لكل راءٍ وجواب إذا:
فَأَمَّا مَن طَغَىٰ ﴿٣٧﴾
«فأما من طغى» كفر.
وَءَاثَرَ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا ﴿٣٨﴾
«وآثر الحياة الدنيا» باتباع الشهوات.
فَإِنَّ ٱلْجَحِيمَ هِىَ ٱلْمَأْوَىٰ ﴿٣٩﴾
«فإن الجحيم هي المأوى» مأواه.
وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِۦ وَنَهَى ٱلنَّفْسَ عَنِ ٱلْهَوَىٰ ﴿٤٠﴾
«وأما من خاف مقام ربه» قيامه بين يديه «ونهى النفس» الأمارة «عن الهوى» المردي باتباع الشهوات.
فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِىَ ٱلْمَأْوَىٰ ﴿٤١﴾
«فإن الجنة هي المأوى» وحاصل الجواب: فالعاصي في النار والمطيع في الجنة.
يَسْـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَىٰهَا ﴿٤٢﴾
«يسَألونك» أي كفار مكة «عن الساعة أيان مرساها» متى وقوعها وقيامها.
فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَىٰهَآ ﴿٤٣﴾
«فيم» في أي شيء «أنت من ذكراها» أي ليس عندك علمها حتى تذكرها.
إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَىٰهَآ ﴿٤٤﴾
«إلى ربك منتهاها» منتهى علمها لا يعلمه غيره.
إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَىٰهَا ﴿٤٥﴾
«إنما أنت منذر» إنما ينفع إنذارك «من يخشاها» يخافها.
كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوٓا۟ إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَىٰهَا ﴿٤٦﴾
«كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا» في قبورهم «إلا عشية أو ضحاها» عشية يوم أو بكرته وصح إضافة الضحى إلى العشية لما بينهما من الملابسة إذ هما طرفا النهار، وحسن الإضافة وقوع الكلمة فاصلة.