أثر حلقات تحفيظ القرآن الكريم على التحصيل الدراسي والقيم الخلقية
إن المتأمل في حال السلف الصالح مع القرآن الكريم يرى أنموذجاً وقدوة عملية في التمسك بكتاب الله ، وكيف كان السلف يتواصون بحفظه وتلاوته حتى أنهم ليعقدون حلقات لتعلم القرآن وتعليمه .
ولقد سر النبي صلى الله عليه وسلم بانتشار هذا الخبر في المدينة وأثنى على أصحابه . وذلك لما للقرآن من أثر عظيم في تغيير حياة الناس .
وقد ثبت ذلك في تصرفات الناس كافة ، مؤمنهم وكافرهم . فقد كان أئمة الكفر يجتهدون في منع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قراءة القرآن الكريم في المسجد الحرام ، وفي مجامع العرب وما ذاك إلا لأنهم أدركوا تأثيره على الناس . فإن المتأمل في آيات القرآن الكريم يجد توجيهات صريحة لتحريك العقل وإعماله ؛ بل ومطالبته بذلك . قال تعالى : [ أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ] [ محمد / 24 ] فالذي حفظ القرآن إنما أعمل عقله بحفظ كتاب أنزل ، فأثر هذا في تفكيره ، وهذا ما أكده الثبيتي ( 1424 ه ) في دراسته حيث خلص إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى ) 0,05 (بين متوسط درجات الطلاب الحافظين ومتوسط درجات الطلاب غير الحافظين في قدرة التفكير الإبتكاري ( الطلاقة ، المرونة ، الأصالة ) .
كما اثبتت العديد من الدراسات أن حفظ القرآن الكريم أثر على تحصيل الطلاب الدراسي سواء التحصيل العام ؛ أو لبعض المواد . ويؤكد هذا ما أشار إليه العامر ( 1425 ه ) في دراسته حتى أن هناك فروقاً ذات دلالة إحصائية بين الطلاب الملتحقين بحلق حفظ القرآن الكريم ، وأولئك غير الملتحقين بتلك الحلق ، لصالح الطلاب الملتحقين من حيث ارتفاع نسبة المتفوقين دراسياً ، بينما نسبة الطلاب الحاصلين على تقدير مقبول فأقل ضعيفة في الطلاب الملتحقين بحلقات حفظ القرآن الكريم ، وفي هذا إشارة واضحة على أثر حفظ القرآن الكريم على التحصيل الدراسي .
كما أن أثر تحفيظ القرآن الكريم يمتد إلى الإملاء والتحصيل اللغوي في مجال القواعد النحوية ، كما يمتد هذا التأثير لتسجل جميع نواحي الحياة الحسية والمعنوية .
من هنا تأتي أهمية هذه الدراسة ، والتي تكمن في جانبين : أحدهما نظري والثاني تطبيقي . فبالنسبة للجانب النظري تكمن في موضوع هذه الدراسة ( حلقات تحفيظ القرآن ) وتستمد أهميتها من أهمية الإهتمام بالقرآن الكريم كمحاضن تريويه لها انتشار كبير في المجتمع السعودي . بالإضافة إلى ذلك ، فإنها تحدد العلاقة بين الإلتحاق بحلقة تحفيظ القرآن ، وبين نوعين هامين من المتغيرات الأول هو التحصيل الدراسي الذي يحظى بأهمية كبيرة في مجال التربية والتعليم ، والثاني يتجلى في مجموعة من القيم الخلقية التي لها أهمية في حياة المسلمين الإجتماعية كما ولها أهميتها على التنمية البشرية بشكل عام وهي الصدق ، بر الوالدين ، النظافة ، أدب الحديث ، الأمانة .
أما بالنسبة للجانب التطبيقي لهذه الدراسة ، فهي تبرز من خلال كونها تعين متخذي القرار من الإستفادة من حلقات تحفيظ القرآن الكريم وتفعيلها لتحقيق الأهداف الإجتماعية والتربوية ، كما أنها تفيد أولياء الأمور بعد اطلاعهم على العلاقة التي تربط التحاق الأبناء بحلقات القرآن الكريم بالتحصيل الدراسي والقيم الأخلاقية . بالإضافة إلى ذلك فإن هذه الدراسة تفتح للباحثين آفاقاً للبحث العلمي تتناول في مضامينها حلقات تحفيظ القرآن الكريم كمؤسسة تربوية قلّ تناولها الباحثون لها ودراستها .
وأخيراً فإن هذه الدراسة تعين القائمين على حلقات تحفيظ القرآن الكريم للوقوف على مستوى الطلاب الملتحقين بالحلقات من ناحيتي : التحصيل العلمي ، والقيم الأخلاقية ، ووضع خطط تربوية لتطوير تلك الحلقات . هذا وقد شملت هذه الدراسة فصولاً خمسة ، جاءت محاورها على الشكل التالي :
- مشكلة الدراسة
- الإطار النظري والدراسات السابقة
- منهج البحث وإجراءات الدراسة
- تحليل البيانات ونتائج الدراسة
- ملخص الدراسة وأهم نتائجها وتوصياتها
الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم, دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع
The Sciences of the Qur’an, Etiquette of the Qur’an & Character of Its Bearers
1431 هـ