وهو من نسل ملك العرب مالك بن فهم الدوسي الأزدي، وهو عالِم باللغة وشاعر وأديب عربي ومن أعظم شعراء العرب.
كان يقال عنه:
ولد ابن دريد في البصرة (233 هـ / 837 م) في عهد الخليفة العباسي المعتصم بالله.[2][6][7][8] كان بين أساتذته أبو حاتم السجستاني ، الرياشي (أبو الفضل العباس بن الفرج الرياشي))، عبد الرحمن بن عبد الله، ابن أخي الأصمعي، أبو عثمان سعيد بن هارون الأشنانداني (مؤلف كتاب المعاني)[2] والزيادي. اقتبس من كتاب "مسالمات الأشرف لعمه الحسن بن محمد.[9] أرجع ابن دريد أصوله إلى القحطانيين العرب.[7] يذكر ابن خلكان في قاموسه اسمه الكامل على النحو التالي:
تقدم كتابات ابن النديم قبل ذلك بقرنين من الزمان سلسلة نسب مختصرة قليلاً مع بعض الاختلافات:
عندما هاجم الزنج البصرة وقُتل الرياشي عام 871، فر إلى عمان،[2][11] والتي كان يحكمها أبو محمد المهلبي. يقال إنه مارس مهنة الطب على الرغم من عدم تبقي أي أعمال معروفة في العلوم الطبية من تأليفه.[12][13] بعد اثني عشر عامًا، قال ابن خلكان إنه عاد إلى البصرة لفترة ثم انتقل إلى بلاد فارس.[2] بينما في رواية النديم انتقل ابن دريد إلى جزيرة ابن عمر قبل أن ينتقل إلى بلاد فارس[9] حيث صار تحت حماية والي الأحواز عبد الله الميكالي وأبنائه، وحيث كتب أعماله الرئيسية. ومدح ابن دريد آل ميكال بقصيدته المشهورة المقصورة. وقدّم لهُ كتابه العظيم جمهرة اللغة سنة 297 هـ، وتقلد ابن دريد آنذاك، ديوان فارس فكانت كتب فارس لا تصدر إلا عن رأيه، ولا ينفذ أمراً إلا بعد توقيعه، وقد أقام هناك نحواً من ست سنوات، ويقال إنه في كل مرة كان يُعطى راتبه كان يتصدق به كله تقريباً للفقراء.[2] كان ابن دريد سخياً لا يمسك درهماً ولا يرد محتاجاً، عاد من الأحواز إلى البصرة ومنها إلى بغداد، عام 308هـ، وأنزله علي بن محمد الجواري بجواره في محلة باب الطاق وأكرمه.[2][8] تلقى ابن دريد معاشًا شهريًا قدره خمسون دينارًا من الخليفة المقتدر بالله دعمًا لأنشطته الأدبية التي استمرت حتى وفاته.[2] تعرّف في بغداد على محمد بن جرير الطبري.[14]
ومن شعره الذي يهجو به نفطويه النحوي قائلاً:
أف على النحو وأربابه | قد صار من أربابه نفطويه | |
أحرقه الله بنصف اسمه | وصير الباقي صراخاً عليه |
كان ابن دريد بارعاً في اللغة والأدب عالماً بأخبار العرب وأشعارهم وأنسابهم، قام في ذلك مقام الخليل بن أحمد الفراهيدي. ونبغ في الشعر حتى قيل عنه : أعلم الشعراء وأشعر العلماء. وقد وضع أربعين مقامة كانت هي الأصل لفن المقامات.[15]
أثنى كثير من العلماء على ابن دريد، حيث قال أبو الطيب اللغوي: ابن دريد انتهى إليه علم لغة البصريين وكان أحفظ الناس، وأوسعهم علماً، وأقدرهم على الشعر، وما ازدحم العلم والشعر في صدر أحدٍ ازدحامهما في صدر أبي بكر بن دريد.
روى ابن خلكان العديد من الحكايات عن ولع ابن دريد بالخمر، فعندما كان ابن دريد في سن التسعين أصيب بشلل جزئي إثر إصابته بجلطة دماغية، وتمكن من علاج نفسه بشربه،[16] ثم استأنف عاداته القديمة واستمر في التدريس. ومع ذلك، عاد الشلل في العام التالي أكثر شدة حتى لم يعد يتمكن سوى من تحريك يديه فقط. قال تلميذه أبو علي إسماعيل البغدادي أن الله قد عاقبه لقوله تلك المقولة في مقصورته مخاطبًا الدهر:
لَوِ اِعتَسَفتَ الأَرضَ فَـوقَ مَتنِـهِ | يَجوبُها ما خِفت أَن يَشكو الوَجـى |
ظل ابن دريد مشلولًا ومتألمًا لعامين آخرين، على الرغم من أن ذكاءه ظل حادًا وأجاب بأسرع ما أمكنه عن أسئلة تلاميذه حول فقه اللغة. كانت من بين مقولاته حينها لتلميذه أبو حاتم: "لو انطفأ نور عيني، لما وجدت أحدًا قادرًا على إرواء ظمئك للمعرفة".
كانت كلماته الأخيرة ردًا على أبي علي: "حال الجريض دون الكريض".[17] (وكانت هذه الكلمات مثلاً من العصر الجاهلي للشاعر عبيد بن الأبرص- تلفظ به عندما كان على وشك أن يُنفذ فيه حكم الإعدام بناء على أوامر من ملك الحيرة الأخير، النعمان بن المنذر، وأُمِر أن يقرأ أولاً بعض شعره.)[2][12][13][16][18]
توفي ابن دريد في أغسطس من عام 933، في يوم أربعاء،[19][20][21] ودفن على الضفة الشرقية لنهر دجلة في المقبرة العباسية المعروفة مقبرة الخيزران[22]، وكان قبره بجوار بازار الأسلحة القديم قرب الشارع الأعظم. توفي فيلسوف المعتزلة أبو علي الجبائي، في نفس اليوم. وقيل في بغداد "مات فقه اللغة واللاهوت في نفس اليوم!"[17] وكان يومها مطر شديد ولم يخرج بجنازته إلا نفر قليل من محبيه وعارفي فضله.
وقال جحظة البرمكي في رثاء ابن دريد:
فقدت بابن دريد كـل فـائدة | لمـا غدا ثالث الأحجار والتربِ | |
وكنت أبكي لفقد الجـود منفرداً | فصرت أبكـي لفقـد الجود والأدبِ |
يقال أنه ألف أكثر من خمسين كتابًا في اللغة والأدب. بصفته شاعرًا، كان تعدد مواهبه واتساع نطاقه يضرب به المثل، كما أن إنتاجه وصف بالمذهل. استشهد كثير من المؤلفين اللاحقين بمجموعته المكونة من أربعين قصة، على الرغم من ذلك لم يتبقى في الحاضر سوى أجزاء منها فقط.[23] ربما بسبب أصله العماني، احتوي شعره على بعض الموضوعات الخاصة بعمان.
تتلمذ على يديه كثير من العلماء والأدباء منهم أبو الفرج الأصفهاني صاحب كتاب "الأغاني" وأبو الحسن المسعودي مؤلف "مروج الذهب" وأبو عبيد الله المرزباني مؤلف "معجم الشعراء" وأبو علي القالي مؤلف كتاب "الأمالي" والنهرواني مؤلف "الجليس الصالح"،[45] وأخذ هو عن أبي حاتم السجستاني.
المجتنى لابن دريد_أبو بكر محمد الحسن دريد الأزدي ...
دائرة المعارف العثمانية بحيدر اباد
82
1382 - 1962
---
---