عدي بن زيد بن مالك بن عدي بن زيد بن مالك بن عدي بن الرقاع من عاملة. كنيته أبو داوود
سنة ولادته غير معروفة، لكنه سكن دمشق وعاصر عبد الملك بن مروان والوليد بن عبد الملك وسليمان بن عبد الملك وعمر بن عبد العزيز وقد امتدت خلافة هؤلاء حتى سنة 101 هجرية، توفي على الأرجح في عام 95 هجرية. وكان من حاضرة الشعراء لا من باديتهم كما يقول الأصفهاني في كتابه الأغاني.
كان أعرجا وعدّه الجاحط من البرصان، كانت له بنت تقول الشعر يقال لها سلمى، وكان مقدّما عند بني أمية، مدّاحا لهم، أكثر قصائده في مدح الوليد بن عبد الملك وعمر بن الوليد. وصلنا من ديوانه 1093 بيتا مجموعة في 76 قصيدة.
ذكره ابن خير الأشبيلي في فهرسته،ولقبه ابن دريد في كتاب الاشتقاق بشاعر أهل الشام[3].
وقد ذكره العلامة السيد حسن محسن الامين في مستدركات أعيان الشيعة، ولم يذكر أنه كان شيعيا، والظاهر بل الأكيد انه لم يكن كذلك، والمظنون أن سبب ذكر العلامة الأمين له هو انتسابه لبني عاملة فقط.
أصبحت أبياته مضربا للمثل واستشهد بها الكثير من أعلام اللغة والشعر والأدب.
لولا الحياء وان رأسي قد عسا | فيه المشيب لزرت أم القاسم | |
فـكأنها بين النسـاء أعارهـا | عينيه أحور من جاذر جاسم |
ثم قال جرير: ما كان يبالي إن لم يقل بعدها شيئا.
يثير عجاجة في كل ثغر | يهيم به عدي بن الرقاع |
ويعجبني البعاد كأن قلبي | يحدث عن عدي بن الرقاع |
أهم بهجوهم فأرى ضلالا | هجائي دون رهط ابن الرقاع |
حاولت ابن الرقاع أن يواجه جرير في الشعر فلم يستطع ذلك ثم خافه واستنجد بالوليد بن عبد الملك أن يمنع لسان جرير عنه
قال جرير:
يقصر باع العاملي عن الندى | ولكن أ... العاملي طويل |
وكان جرير يهزا به ويعيره بنسبه وبعد أن سمع العاملي هذا البيت من جرير وثب على أقدام الخليفة الوليد بن عبد الملك وأخذ يقبلها وقال أجرني منه ياأمير المؤمنين فأجاره وقال لجرير لئن شتمته لاجلدنك حتى تعيبك الشعراء بذلك فتركه جرير ويظهر أن ابن الرقاع أراد مواجهة جرير ليشتهر من ورأه ولكن بعد ماذاق قوة وصلابة شعره وأثر وقعه أثر العودة على الشهرة.
له أبيات غزلية من أرق الشعر العربي كقوله:
وَكَـأَنَّـهـا بَيْنَ النِّـسـاءِ أَعارَهـا | عَيْنَيْهِ أَحْوَرُ مِنْ جَآذِرِ جاسِمِ | |
وَسْنانُ أَقْصَدَهُ النُّعاسُ فرنقت | في جـفـنه سـِنَـةٌ وليس بِنائِمِ |
وكقوله:
لو ثوى لا يريمها ألف حول | لم يطل عندها عليه الثواء | |
أهـواهـا شـفه أم أعيرت | منظرا غير ما أعير النساء |
ويروي المؤرخون أنه لما وصل في إنشاد قصيدته الدالية إلى هذا البيت:
تزجي أغن كان أبرة روقه | قلم أصاب من الدواة مدادها |
وسمعه الشعراء سجدوا له، فلما استغرب الناس أن يسجد الشعراء لبيت من الشعر، قال الشعراء: إنا نعرف مواضع السجود في الشعر كما تعرفون مواضع السجود في القرآن.
ومن الإبداع في شعره في غير الغزل قوله:
والنـاس أشباه وبين حـلـومهم | بون كـذاك تفـاضل الأشـيـاء | |
بل ما رأيت جبال أرض تستوي | فيما عسيت ولا نجـوم سـماء | |
والمجد يورثـه امرؤ أشـباهـه | ويموت آخر وهو في الأحياء |
ومن شعره:
فلو قبل مبكاهـا بكيت صبابـة | إليها شفيت النفس قبل التندم | |
ولكن بكت قبلي فهيج لي البكا | بكاها فقـلت: الفضل للمتقدم |
ديوان عدي بن الرقاع العاملي ...
163
1990
حسن محمد نور الدين
---