الأستاذ الدكتور مروان العطية من المحقيقين البارزين في وطننا العربي ..
فرزقه .. الله بسطة في العلم والجسم ..فقد أغنى المكتبة العربية .. بفكره وبقلمه ...ولديه
أكثر من ثلاثين ألف عنوان في مكتبته ... وله سبعون مؤلفاً - ولفضيلته... ذاكرة بحثية أدبية وافرة ... ومكتبة غنية ثرة عامرة
أجرت الحوار جريدة الفرات السورية العدد 1940
البحث ، الدراسة ، جمع الكتب نفيسها ونادرها جميعها تدور في رحى تكوينه الثقافي الوافر والزاخر بمعطيات الثقافة والأدب والدراسة والتحقيق ... وتبقى مكتبته حديث الناس وشغلهم وسؤالهم متى جمعها وكيف ... أسئلة كثيرة دارت حول ثقافة الدكتور مروان العطية ومكتبته التي ضمّت بين رفوفها أكثر من ثلاثين ألف كتاب وحصيلة نتاجه الأدبي سبعين مؤلفاً ومايزال العطاء جارياً ، الفرات زارت الدكتور العطية في منزله وحطت الرحال عندَ مكتبته وحاورته فكان اللقاء التالي :
تهتم بالأدب العربي وبالدراسات الأدبية فما رأيك بالأدب العربي حاليا ، وأين هو من المشهد الثقافي العالمي !؟
قد أنظر لهذا الأمر بعين مستبشرة ، إلى حدّ ما، وبشيء من عدم الذهاب بعيداً في ذلك.
فيمكن القول : إن المشهد الثقافي الآن يعيش في حالة متعافية متباينة محاولاً أن يستمر في التصاعد، وإثبات الذات. بيد أنه لابد من الاعتراف أن هذا المشهد قد تجاوز ـ لحسن الحظ ـ مرحلة محاولة النهوض، ومرحلة الوقوف برأسه، ليبدأ في السير المتواصل الحثيث .
والأدب والثقافة في العصر الحديث تختلف عن العصور القديمة من حيث توسع الاهتمامات البشرية ومستوى التقدم الحضاري خصوصاً بعد اكتشاف البترول وظهور الثورة الصناعية وتقدم العلم وسبل الاكتشاف والتطور التقني على صعيد كافة المجالات الحيوية. والمشهد الثقافي هو ما يلمس في الواقع من فعاليات على كافة الأصعدة الإنسانية وما يرصد من حركة البشر تجاه عملية البناء الحضاري وقد يدرس هذا المشهد في دائرة واسعة للبشر على هذه المعمورة، وقد يدرس في إقليم معين، ويدرس أيضاً في قطر من الأقطار لاكتشاف معالم هذا المشهد الثقافي ومميزاته ومقارنته بالأقطار الأخرى المجاورة وغير المجاورة.
والعمل الأدبي والثقافي في داخل كياننا كأمة وكمجتمع يلتقي في اللغة والدين، من هنا يجري رافد آخر من روافد العمل الثقافي وهو الحوار العربي العربي، والمشهد الثقافي يُلمس في النتاجات الأدبية كالشعر والقصة والرواية والمسرح والمقالة ويلحق بهذه النتاجات النقد الأدبي المصاحب لكل هذه النتاجات الأدبية، وكذلك يلمس هذا المشهد الثقافي في المؤسسات الثقافية التي تقوم بتنظيم العمل الثقافي والأدبي والفكري والفني كالأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون والنوادي ومؤسسات الجوائز التقديرية والجامعات والمعاهد، إلخ...
وأنا قد أختلف مع رؤية المترجم العالمي الشهير دينيس جونسون ديفيز رائد ترجمة الأدب العربي إلى اللغة الانجليزية الذي أعرب عن عدم رضاه عن الأدب العربي والمشهد الثقافي العربي في الوقت الحاضر مشيرا إلى أنه يفضل عصر الرواد مثل طه حسين وعباس العقاد وتوفيق الحكيم ويحيى حقي ونجيب محفوظ والطيب صالح.
- تمتلك مكتبة عامرة ثرية غنية ، لها أهميتها وحضورها على مستوى سورية والوطن العربي ؛ فليتك تحدثنا عن ذاك العشق الذي مازلنا ندهش له !؟
بمناسبة الحديث عن هذا العشق أحب أن أقول أنني ألفت كتابا سميته :»عشاق الكتب»ونشرت منه فصولا هذا العشق الذي تملك عليّ حياتي منذ نعومة أظفاري
وكنت في بداية نشأتي أستأجر الكتب من كُتبي قديم ، كان في الشارع العام ، وهو من بيت جراد ـ رحمة الله عليه ـ ، وكان محله في الشارع العام ، مقابل قهوة الناصر ـ تقريباً ـ وكنت أستأجر منه الكتب (بفرنك وفرنكين ، وأحيانا بربع ليرة سورية) ؛ وإذا تأخر الكتاب عندي يأخذ عليه غرامة مالية ، أدفعها بكل أريحية وبهذا التهمت كثيرا من كتبه ...
ومن طرائف ما أذكره عندما كنت طالبا في جامعة حلب ، وذهبت إلى صاحب لي في مكتبة القلعة ، وأعطيته ألفي ليرة سورية (وكانت مبلغا كبيرا ، قد تشتري به بيتا آنذاك)
فقال لي : يا مروان ، والله حرام تشتري بها كتب ، ما رأيك أن آخذ لك أرضاً في منطقة حلب الجديدة ، وكان ثمن المتر وقتئذ ربع ليرة سورية ، أو نصف ليرة سورية ، فقلت له :
ماذا تنفعني هذه الأراضي !؟ أنا أريد أن أشتري بها كتبا ، كما طلبتها من أهلي ، وهي لأجل ذلك .
- ماذا أعطى الترحال والتنقل والمؤتمرات الكثيرة التي شاركت بها للدكتور مروان ثقافيا وأدبيا وفكريا !؟
الشيء الكثير قال سبحانه وتعالى : {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ}
كما أمر جلّ اسمه بالسفر فقال:{فَانتَشِرُوافِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ}
وقال جلّ وعلا: { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ }
وقيل: ربما أسفر السفر عن النظر، وتعذرّ في الوطن الوطر.وأنا في كل المؤتمرات التي شاركت فيها :في المغرب والجزائر وتونس والسودان ومصر وبيروت وطهران ، وأبو ظبي وسلطنة عُمان وغيرها .. تعرفت على معالم لاتنسى ، وعلماء خالدين في الذاكرة . رأيت بلاداً وعباداً ، واستفدت فوائد لاتعد ولا تحصى ، وإنني أجد نفسي كالنحلة التي تتنقل من غصن إلى غصن، ومن زهرة إلى أخرى للبحث عن الرحيق الذي يتحول إلى شهد فيه غذاء وشفاء.
- لكم خبرة مشهودة في تحقيق التراث الذي تتعشقونه ، فما رأيك في تحقيق التراث ، وما المنهجية المتبعة في تحقيقة !؟
المخطوطات جزء من تراث الأمة ، ووثيقة من وثائق وجودها الحضاري والقومي ، لذا سعت الأمم إلى صيانة مخطوطاتها ، والتفنن في سبل صيانتها وإخراجها من خزائنها المظلمة إلى النور . إن الإيمان بالتراث ، والعمل على إحيائه ، وتحليله ، ودراسته بروح علمية متزنة هو مظهر من مظاهر الإيمان بالأمة ، وهو في حقيقته يمثل إرادة الأمة ، وعزمها ، ويقينها بقوة وجودها ، وهو عامل ثقة ووحدة ، وعامل ثورة وبناء إذا ما أحسن استعماله ودراسته في هَدْي النظرة الثاقبة ، والنهج الموضوعي الملتزم . وقد عالج علماؤنا العرب كثيراً من المسائل ، التي نعالجها اليوم في تحقيق المخطوطات ، مثل :المقابلة بين النسخ ، وإصلاح الخطأ ، وعلاج السقط ، وعلاج الزيادة ، وعلاج التشابه بين قسم من الحروف ، ووضع الحواشي ، وعلامات الترقيم والرموز والاختصارات ، وثبت المصادر . ولهم مؤلفات نافعة في هذا الباب كثيرة مشهورة ...
وتحقيق المخطوطات العربية والإسلامية مصطلحاً يطلق على ما يقوم به الباحث والمحقق من إخراج نصوص المخطوطات في صورة صحيحة متقَنة، ضبطاً وتشكيلاً، وشرحاً وتعليقاً، وفق أصول متبَعة معروفة لدى الذين يتعاطون هذا العلم، وعرفه بعضهم بالقول : علم بأصول لإخراج النص المخطوط على الصورة التي أرادها صاحبها من حيث اللفظ والمعنى، فإن تعذّر هذا فيجب أن تكون عبارات النص على أقرب ما يمكن من ذلك. ولا يمكن أن يتصدر لمهمة التحقيق من هب ودب بل لابدَّ من مؤهلات علمية في محقق المخطوطات العربية ومنها مؤهلات العامة أن يكون عارفًا باللُّغة العربية - ألفاظها وأساليبها - معرفةً وافية.وذا ثقافةٍ عامة عالية . وعلى عِلم بأنواع الخطوط العربية، وأطوارها التاريخية.وعلى دراية كافية بالمراجع والمصادر العربية (ببليوغرافيا)، وفهارس الكتب العربية. وعارفًا بقواعد تحقيق المخطوطات، وأصول نشر الكتب .
أما المؤهلات الخاصة: بالإضافة إلى ما سلف - أن يكون متخصصًا به، عارفًا بأصوله، فمن أراد تحقيق مخطوطٍ في النحو، فعليه أن يكون نحْويًّا ذا دراية بتاريخ النحو والنحاة ومدارسهم، ومن أراد التحقيق في الرياضيات، فعليه أن يكون رياضيًّا ذا دراية بتاريخ العلوم عند العرب... وهكذا.
وانطلاقا من الرغبة في إذكاء الوعي العربي بتراثه القديم، وحرصًا على نشر أعماله الخالدة التي لا يزال أكثرها مخطوطًا حتى اليوم ، فإن كثيرا من الجامعات العربية أصبحت تعطي شهادة الماجستير أو الدكتوراه من خلال تحقيق كتاب ودراسته دراسة علمية متقنة بحسب قواعده وأصوله ...
- ناهزت مؤلفاتك السبعين مؤلفاً ، عماذا دارت !؟
مؤلفاتي أكثرها في الأدب العربي ، والتراث العربي ، وهي تدور في غالبها ضمن اختصاصي ، أو ضمن تعشقي للتراث العربي ، ومن هنا تجدني أحيانا أنشر كتبا متعلقة بعلوم القرآن ، مثل الموسوعتين : جمال القراء وكمال الإقراء ، وهو في اثني عشر جزءاً .
موسوعة الأسماء والأعلام المبهمة في القرآن الكريم ، وهو في أربعة أجزاء
ولعل أهم مؤلفاتي التي أفتخر بها ، والتي لاقت قبولا عند الناس وطوحت شرقاً وغرباً ، وتجدها في جميع مساجد الدنيا ، من أمريكا إلى كندا ، إلى فرنسا ، إلى ألمانيا ، إلى جميع البلدان العربية . وهو المعجم المفهرس لموضوعات القرآن الكريم . وقد طبع منه حتى الآن نحو مليون نسخة .
- هل هناك أعمال قادمة في مجال التأليف والتحقيق !؟
نعم ، ما أكثرها ! تحت يدي الآن : المعجم الجامع (وهو يتضمن كل ما يتطلبه المثقف المعاصر من طالب وكاتب وأديب ومهندس وطبيب ....) .وغايات البيان في ماءات القرآن ، لبرهان الدين إبراهيم بن عمر الجعبري ، المتوفى سنة 732هـ .
وهو كتاب يتحدث عن (ما) في القرآن ، لغوياً ونحوياً وقراءة ، وتميز صاحبه بالثقافة العميقة ، والإطلاع الواسع مما أعطى الكتاب صبغة جديدة ، تميزه عن غيره من كتب العلماء . وبالمناسبة هو من قلعة جعبر ، التي تقع على مقربة من مدينة الرقة .
وهناك المعجم الشامل للتراث العربي ، ولو اكتمل لطبع في خمسة عشر مجلدا ، وقد اتفقت مع دار الكتب المصرية على طباعته ? بمشيئة الله - .
وهناك أيضا الإعلام بما ليس في الأعلام ، وينتظر أن يظهر أيضا في خمسة عشر مجلدا ، حيث إنني أعمل فيه من سنة 1976م ، على شكل بطاقات.وغير ذلك كثير ....
- اللغة العربية لغتنا التي نفتخر بها ، أين هو موقعها بين اللغات الحية في العالم !!؟
هذا سؤال فضفاض ، ويحتاج إلى بحث مطول ، ولكنني سوف أجيبك عليه باختصار ، وقدر الإمكان المتاح في هذه الصحيفة : إن اللغة العربية أداة التعارف بين ملايين البشر المنتشرين في آفاق الأرض، وهي ثابتة في أصولها وجذورها، متجددة بفضل ميزاتها وخصائصها .
واللغة العربية هي أداة الاتصال ونقطة الالتقاء بين العرب وشعوب كثيرة في هذه الأرض أخذت عن العرب جزءاً كبيراً من ثقافتهم واشتركت معهم - قبل أن تكون ( الأونيسكو ) والمؤسسات الدولية - في الكثير من مفاهيمهم وأفكارهم ومثلهم، وجعلت الكتاب العربي المبين ركناً أساسياً من ثقافتها، وعنصراً جوهرياً في تربيتها الفكرية والخلقية .
إن الجانب اللغوي جانب أساسي من جوانب حياتنا، واللغة مقوم من أهم مقومات حياتنا وكياننا، وهي الحاملة لثقافتنا ورسالتنا والرابط الموحد بيننا والمكون لبنية تفكيرنا، والصلة بين أجيالنا، والصلة كذلك بيننا وبين كثير من الأمم .
لقد غدت العربية لغة تحمل رسالة إنسانية بمفاهيمها وأفكارها، واستطاعت أن تكون لغة حضارة إنسانية واسعة اشتركت فيها أمم شتى كان العرب نواتها الأساسية والموجهين لسفينتها، اعتبروها جميعاً لغة حضارتهم وثقافتهم فاستطاعت أن تكون لغة العلم والسياسة والتجارة والعمل والتشريع والفلسفة والمنطق والتصوف والأدب والفن .
وأورد هنا بعض الأقوال لبعض العلماء الأجانب قبل العرب في أهمية اللغة العربية . يقول الفرنسي إرنست رينان : (( اللغة العربية بدأت فجأة على غاية الكمال، وهذا أغرب ما وقع في تاريخ البشر، فليس لها طفولة ولا شيخوخة .)) ويقول الألماني فريتاغ : (( اللغة العربية أغنى لغات العالم )) . ويقول الدكتور طه حسين : (( إن المثقفين العرب الذين لم يتقنوا لغتهم ليسوا ناقصي الثقافة فحسب، بل في رجولتهم نقص كبير ومهين أيضاً.))
وهناك تحديات كبيرة تواجه اللغة العربية!!!
لقد اتخذت محاولات الطعن في العربية أشكالاً ومظاهر شتى, فهي تلبس تارة ثوب الطعن في الأدب القديم وصحته, وتظهر تارة بمظهر تشجيع اللهجات المحلية لتفتيت اللغة الواحدة وتمزيق الناطقين بها, وتارة تلبس ثوب الثورة على القديم والدعوة إلى التجديد. فمن مناد بالتمرد على الأسلوب العربي القديم, وهو لا يتمرد في حقيقته على قِدَم الأسلوب وإنما يتمرد على صحة اللغة وسلامتها, ومن قائل بضيق العربية وقصر باعها عن مواكبة الحضارة, ومن مصرح بهجر الحرف العربي إلى الحرف اللاتيني, ومن داع إلى تغيير القواعد.. ومن داعٍ للاعتراف بالعلمية وما فيها من أدب وفن .! ويلبس كل ذلك ثوب الإصلاح اللغوي .
ودفعت هذه الاتهامات أحد المفكرين إلى أن يصرخ من المرارة : (( هل من حق الصهاينة أن يحيوا العبرية الميْتة, ومن واجبنا أن نميت العربية الحية ؟!)). ويقول الدكتور عمر فروخ في هذا المعنى : (( أعجب من الذين يدرسون اللغات الميْتة, ثم يريدون أن يميتوا لغة حية كالعربية .))!!
يقولُ أحـدُ الغَيورين علـى هـذه اللغـة : إنّ اللغـةَ العربيةَ لغـةُ قرآننا الكريـم و ذاكرةُ أمّتِنا و مستودعُ تراثِها ، و هي الرابطة التي جمعت و تجمع بين أبناء الأمّة فكراً و نزوعَاً و أداءً ، آلاماً و آمالاً ، تاريخاً وحاضراً و مستقبلاً إنها رمزٌ لِكِـياننا و ثقافـتنا.
ويقول شاعر النيل حافظ إبراهيم من قصيدته الرائعة :
أرى لـرجالِ الغربِ عِـزّاً وَ مَـنعةً = وَكم عزَّ أقـوامٌ بعِـزِّ لـغاتِ
أَتَـوا أَهْلَـهُمْ بِـالمُعْجِـزَاتِ تَفَنُّنـاً = فَيَـا لَيْتَكُـمْ تَـأْتُـونَ بِالكَلِمَـاتِ
- ما أهمية المكتبة والكتاب !!؟ وكيف يكون طالب العلم مكتبته بحسب خبرتك وتجربتك !؟
الكتاب هو الجليس الطيب ساعة الوحدة ، وهو وعاء العلم الذي يمكن للإنسان أن يضحك بواسطة ما يتضمنه من نوادر وملح ،بل ويعجب من غرائبه أيضا، وفضلا عن هذا وذاك، فالكتاب يحفظ العلم من الضياع .
ولا يخلو عالم أو طالب علم من مكتبة لأنه لا يمكن أن يستغنى عن الكتب , وقد اهتم أجدادنا بالكتاب والمكتبة ؛ حتى زاد هذا الاهتمام ووصل إلى حد التكاثر والتفاخر !!!
ففي « نفح الطيب « للمقّريّ في وصف قرطبة قال : وهي أكثر بلاد الأندلس كتبا وأشد الناس اعتناء بخزائن الكتب . صار ذلك عندهم من آلات التعين والرئاسة حتى إن الرئيس منهم الذي لا تكون عنده معرفة , يحتفل ويهتم أن يكون في بيته خزانة كتب...)).
والمكتبة هي المصنع الذي تصنع فيه العقول ، وتصاغ فيه الأذواق ،ففي المكتبة يكتسب التلميذ الذوق السليم والرفيع عن طريق القراءة الماتعة والمفيدة ، وفيها أيضا ينمي قدراته العقلية عن طريق الارتقاء بالمعرفة من فهم بسيط إلى فهم أرقى و المكتبة بما فيها من كتب متنوعة تمحو آثار الأمية ،وتجعل الإنسان قادرا على مواصلة ومواكبة التحولات والتغــيرات التي يعرفها العالم من حوله سياسية كانت أم اجتماعية أم اقتصادية.
وتعتبر المكتبة فضاء خصبا للعلم والمعرفة ، فهي معتقل الباحثين رغم اختلاف مستوياتهم العلمية والعمرية ؛ إنها بالكاد خزان الثقافة التي لاغنى لطالب العلم عنه تلميذا كان أو طالبا أو باحثا ، غير أن المكتبة رهينة بوجود الكتاب والقارئ فلا معنى لها في غياب أحد الطرفين .
وعلى الطالب الذي يريد أن يكون مكتبة خاصة أن يستعين بذوي الخبرة من أهل العلم ، وممن سبقوه في هذا الشأن .
- ماذا تعني مكتبة الدكتور مروان ، للدكتور مروان !؟
كل شيء (هي البحر الذي أعيش فيه ؛ ولا أستطيع الخروج منه )!!! وأتمنى أن تبقى عامرة لأحفاد أحفادي ، يستفيدون منها ، ويفيدون أبناء بلدهم ... شأن المكتبات الأخرى في كل البلدان
- ماذا تريد في النهاية أن تقول !؟
إن العلم نور يستضيء به العبد فيعرف كيف يعبد ربه ، وكيف يعامل عباده ، فتكون مسيرته في ذلك على علم وبصيرة 0وإن الله يرفع أهل العلم في الآخرة وفي الدنيا، أما في الآخرة فإن الله يرفعهم درجات بحسب ما قاموا به من الدعوة إلى الله عزَّ وجلّ والعمل بما عملوا من صالح الأعمال ...
وفي الدنيا يرفعهم الله بين عباده بحسب ما قاموا به ، قال الله تعالى: ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ) ( سورة المجادلة، الآية: 11).
وليس هذا فقط فللعلم فضائل كثيرة ، ومناقب وآيات وأخبار صحيحة مشهورة مبسوطة في طلب العلم.
وتجد كثيراً منها في كتابيّ : أدب العلم والمعلم والمتعلم / طبعة مكتبة الثقافة الدينية بمصر . والدر النضيد في أدب المفيد والمستفيد / شبكة صوت القلم العربي بمصر .
والرسول الكريم ــ عليه الصلاة والسلام ــ لم يرغب أحداً أن يغبط أحداً على شيء من النعم التي أنعم الله بها عليه ؛ إلا على نعمتين هما:
- طلب العلم والعمل به وأسال الله ـ جلّ شأنه ـ أن يوفقنا جميعاً لكل ما يرضيه.
البلاغة, الأدب, الشعر والشعراء, اللغة العربية
91
---
محمد زغلول سلام - مصطفى الصاوي
---