ابن شهيد الأندلسي

ابن شهيد الأندلسي
  • الدولة الأندلس

هو أبو عامر أحمد بن أبي مروان عبد الملك بن مروان بن ذي الوزارتين الأعلى أحمد بن عبد الملك بن عمر بن محمد بن عيسى بن شهيد الأشجعي الأندلسي القرطبي؛ وهو من ولد الوضاح بن رزاح الذي كان مع الضحاك بن قيس الفهري يوم مرج راهط.

ابن شهيد هو وزيرٌ وشاعرٌ وأديبٌ أندلسي ؛ وُلد سنة 382ھ بقرطبة، في خلافة هشام بن الحكم، ونشأ في كَنَف أسرة من أصحاب المناصب المرموقة في الدولةِ الأمويةِ بالأندلس، فجدّه عيسى بن شهيد كان حاجبًا للأمير عبد الرحمن بن الحكم، وجده أحمد بن عبد الملك كان من قادة ووزراء الخليفة الناصر لدين الله، وهو أول من سُمّي بذي الوزارتين في الأندلس، وكان أبوه عبد الملك وزيرًا في عهد الخليفة هشام المؤيد بالله، وكان من ندماء الحاجب المنصور.

فنشأ مُكلّلًا بهالة من الوَجاهة الاجتماعية، ومُتمرِّغًا في التَّرف والنعيم، واستعمله عبد الرحمن المستظهر الأموي وزيرًا فترة حكمه، وقد نبغ في اللغة والشعر والأدب، واعتبره البعض أرسخ أهل الأندلس في الأدب، كما اشتهر بالجود والكرم، وحسن الجوار، ولما ضاقت به الأحوال كان يتكسّب بشعره في المدح.

أقوالٌ في ابن شهيد الأندلسي :-
● يقول شوقي ضيف :” كان ابن شهيد كاتبًا وأديبًا كبيرًا، بقدر ما كان شاعرًا مجيدًا، وقد شهد له النقاد بتميزه في فن النثر أكثر من الشعر، وأثنوا على تفوقه فيه”.

● ويقول المؤرخ حازم عبد الله خضر عن ابن شهيد الأندلسي : ” كان له باعًا طويلًا في الجانب الأدبي، وكانت له بصمات لا يستهان بها، كانت شاهدةً على مدى ثقافته الواسعة، وسعة إطلاعه، وقد استعرض قدراته وثقافته في تطرقه لشتى الموضوعات، ونحسب أن توفيقه في فن النثر تجاوز ما حالفه من توفيق في فن الشعر”.

● وقد وصف أبو النصر بن خاقان قدراته الإبداعية قائلًا : “توغل في شعاب البلاغة وطرقها، وأخذ على متعاطيها ما بين مغربها ومشرقها، لا يقاومه عمرو بن بحر، ولا تراه يغرف إلا من بحر “، وعمرو بن بحر هو الجاحظ.

● وقال ابن خلكان: “كان ابن شُهيد الأندلسي مُتفننًا بارعًا في فنونه”.

● وقال عنه ابن حزم مفتخرًا: “ولنا من البلغاء أحمد بن عبد الملك بن شُهَيد، صديقنا وصاحبنا – وهو حي لم يبلغ بعد سن الاكتهال – وله من التّصرف والتّمكن من وجوه البلاغة وشعابها مقدار يكاد ينطق فيه بلسانٍ مُركّب من لساني عمرو وهو الجاحظ، وسهل وهو ابن هارون”.
● وقال الذهبي: ” هو البليغ، جاحظ وقته، كان حَاملَ لوَاء النَّظمِ والنَّثرِ بالأَندَلسِ، وله تَرسُّلٌ فَائِق”

● قيل فيه أيضًا: ” شعره جيد، فيه الهَزل والجدّ”.

مؤلفات ابن شهيد الأندلسي :-
● حانوت عطار: وقد اهتم فيه بالترجمة لشعراء وأدباء الأندلس، منذ الفتح وحتى عصره، وأورد فيه مختاراته الشعريّة، وآرائه النقدية في هؤلاء الشعراء والأدباء؛ وقد كان هذا المؤلف شاهدًا على تمكنه من الأدوات النقدية، وكان هذا الكتاب مُجسّدًا للجانب الأدبي في المجتمع الأندلسي، قال عنه العماد الأصفهاني: “أنه يشتمل على مُلحٍ من أبكار الأفكار”.

● رسالة التوابع والزوابع: وهو عبارة عن قصة من نسج خياله، يروي فيها قصة رحلته إلى عالم الجن الخفيّ، والتي اتصل خلالها بشعراء الجن، وتبادل معهم الإنشاد والشعر والنثر، مستعرضًا من خلال قصته الوهمية أرائه في الشعر والأدب واللغة، وناظمًا خلالها الكثير من نثريَّاته وأشعاره، وناقدًا خصومه في الشعر والأدب، مُشيرًا إلى علو كعبه عليهم في هذا الميدان، ولم يخلُ أسلوبه – كعادته – من الهَزل، وروح الدعابة، وإيراد الطرائف.

مقاييسه الأدبية:-
كان ابن شهيد الأندلسي صاحب منهج خاص في تصنيفه للأدباء والشعراء، وكان منهجه هذا هو الميزان الذي يزن به ما يقع بين يديه من أدبياتٍ وأشعار، فصنفهم على ثلاثة أصناف، وزَعم أن من تخلّف عنها فهو لا يُعتدُّ به، وهذه الأصناف هي:

الذين لديهم القدرة على توليد المعاني وابتكارها، لكن يعجزهم إحكام صياغة التعبير، فيقصرون دون إدراك بهاء البهجة.
أصحاب الحدة البيانية، الذين يعتمدون على اندفاع وانصباب الكَلِم، وهم قادرون على الملائمة بين الفكرة الصعبة والمبتكرة، والتعبير المحكم، ويجترئون على مزج هذه بتلك، فيُولدون من امتزاجهما شيئًا عجبًا.
صنف ماهر في التلفيق والتلزيق، يتحايلون بقريحتهم، وقَبول صنعتهم، فيَجبرون نقص الفكرة ويسدون الخلل.
من مناقبه في الكرم:-
وفد رجل من أهل طُليطلة إلى قُرطبة، مُلتمسًا سعةً في الرزق، بعد أن اشتد به الحال، وضاقت به السُبُل، فلما رأى أهل قرطبة ما به من حال، أشفقوا عليه وعلى عياله، فأرشدوه إلى ابن شهيد الأندلسي ، لما اشتهر به من إغاثة الملهوف، والكرم والجود، فلما دخل عليه؛ قرّبه من مجلسه وأكرمه، وأمر له بالعطايا، وفي اليوم الثاني؛ أمر الخادم باصطحابه خارج الدار، فاصطحبه الخادم إلى دارٍ قد أعدها ابن شُهيد وأهداها له، وعمّرها بالخيرات الوافرة له ولعياله.

شعره:-
من أشعار ابن شهيد الأندلسي قوله:

فَكَأَنَّ النُّجُوْمَ فِي اللَّيْلِ جَيْشٌ .. دَخَلُوا لِلْكُمُوْنَ فِي جَوْفِ غَابِ

وَكَأَنَّ الصَّبَاحَ قَانِصُ طَيْرٍ .. قَبَضَتْ كَفُّه بِرِجْلِ غُرَاب

ومن رقيق شعره أيضًا:

ولمّــا تَــمَـلأَ مِـن سُـكْـرِهِ .. فنامَ ونامَت عُيونُ العَسَسْ

دَنَــوْتُ إِلَيـهِ عـلى بُـعْـدِهِ .. دُنُوَّ رَفِيقٍ دَرَى ما الْتَمَسْ

أَدِبُّ إِلَيْهِ دَبِــيـبَ الكَـرَى .. وأَسْـمُـو إِلَيْهِ سُمُوَّ النَّفَسْ

أُقَـبِّلـُ مـنـه بَياضَ الطُّلَى .. وأَرْشُـفُ مـنه سَوادَ اللَّعَسْ

وبِـتُّ بـه لَيْـلتـي نـاعِـمًا .. إِلى أَنْ تَبَسَّمَ ثَغْرُ الغلَسْ

صداقته مع ابن حزم:-
جمعت أواصر الصداقة بين ابن شُهيد الأندلسي وابن حزم، فقد كانا متعاصرين ومتناظرين، ودارت بينهما الكثير من المناوشات والمداعبات الشعرية، وفي أواخر حياة ابن شهيد؛ لما داهمه المرض، كان يخاطب صديقه ابن حزم في أشعاره، ويصرّح بشعوره باقتراب المنية، ويوصي ابن حزم أن يبقى على العهد في ذِكراه، فيقول له:

فمَن مُبْلِغٌ عَني ابْنَ حَزْمٍ وكانَ لي .. يَـداً فـي مُـلِمَّاتِـي وعِـنْدَ مَضَايقِي

عَــلَيْــكَ سَـلامُ اللَّهِ إِنـي مُـفـارِقٌ .. وحَـسْـبُـكَ زادًا مِـن حَـبـيـبٍ مُـفَارِقِ

فلا تَنْسَ تَأْبِينِي إِذا ما فقدتَني .. وتَـذْكـارَ أَيَّامِـي وفَـضْـلَ خـلائِقِـي

وحَـرِّكْ بـه بـاللَّهِ مِـن أَهْـلِ فَـنِّنا .. إِذا غَــيَّبــُونــي كُـلَّ شَهْـم غُـرانِـق

عَسَى هامَتي في القَبْرِ تَسْمَعُ بَعْضُه .. بـتَـرْجِـيـعِ سـارٍ أَوْ بـتَطرْيبِ طارِقِ

فـلي فـي ادِّكارِي بَعْدَ مَوْتي راحةٌ .. فـلا تـمـنَـعُـونـيـهـا عُلالَة زاهِقِ

وإِنـي لأَرجُـو اللَّهَ فـيـما تَقَدَّمَتْ .. ذُنُـوبـي بـه مـمّا دَرى مِن حَقائِقي

وفاته:-

توفي ابن شهيد الأندلسي في قرطبة في جمادى الأولى عام 426 هـ، ودُفن في مقبرة أم سلمة، وصلى عليه حاكم المدينة أبو الحزم جهور بن محمد بن جهور الكلبي.

ابن شهيد الأندلسي

الكتب 2

التهذيب بمحكم الترتيب- ت الضامن

التهذيب بمحكم الترتيب- ت الضامن

التهذيب بمحكم الترتيب- ت الضامن ...

الأقسام: النحو, أصول النحو, اللغة العربية

الناشر: دار البشائر الاسلامية

عدد الصفحات: 369

سنة النشر: ---

المحقق: حاتم صالح الضامن

المترجم: ---

التهذيب بمحكم الترتيب

التهذيب بمحكم الترتيب

النحو العربي هو علم يختص بدراسة أحوال أواخر الكلمات من حيث الإعراب والبناء مثل أحكام إعراب ...

الأقسام: النحو, أصول النحو, اللغة العربية

الناشر: مكتبة المعارف

عدد الصفحات: 382

سنة النشر: 1999-1420

المحقق: د. علي حسين البواب

المترجم: ---