مولد الزيات ونشأته
ولد الزيات في قرية كفر دميرة القديم التابعة لمركز طلخا بمحافظة الدقهلية بمصر في 16 جمادى الآخرة 1303 هـ/2 إبريل 1885 م، ونشأ في أسرة متوسطة الحال، تعمل بالزراعة. تلقى تعليمه في كتاب القرية، فحفظ القرآن وتعلم القراءة والكتابة، ثم أرسل إلى أحد العلماء في القرية المجاورة ليتعلم القراءات السبع وأجادها في سنة واحدة.
تعليمه الجامعي وعمله
التحق الزيات بالجامع الأزهر وهو في الثالثة عشرة من عمره، وظل فيه عشر سنوات، وتلقى في أثنائها علوم الدين واللغة العربية، إلا أنه كان يفضل الأدب فتعلق بدروس الشيخ سيد علي المرصفي الذي كان يدرس الأدب في الأزهر، كما حضر شرح المعلقات للشيخ محمد محمود الشنقيطي، أحد أعلام اللغة العربية البارزين آنذاك.
اتصل بطه حسين، ومحمود حسن الزناتي، وكانوا يقضون أوقاتا طويلة في دار الكتب المصرية لمطالعة عيون الأدب العربي، ودواوين فحول الشعراء. ولكن لم يكمل الزيات دراسته بالأزهر وإنما التحق بالجامعة الأهلية فكان يدرس بها مساء ويعمل صباحا بالتدريس في المدارس الأهلية. والتقى الزيات في عمله بالعديد من رجال الفكر والأدب في عصر النهضة، مثل: العقاد، والمازني، وأحمد زكي، ومحمد فريد أبو حديد. ولقد اختارته الجامعة الأمريكية بالقاهرة رئيسا للقسم العربي فيها في عام 1922 م، وفي أثناء ذلك التحق بكلية الحقوق الفرنسية، وكانت الدراسة بها ليلاً، ومدتها ثلاث سنوات، أمضى منها سنتين في مصر، وقضى الثالثة في فرنسا حيث حصل على ليسانس الحقوق من جامعة باريس في سنة 1925 م. في عام 1929 م اختير أستاذا في دار المعلمين في بغداد، فترك العمل في الجامعة الأمريكية وانتقل إلى هناك. ولم ينتمِ الزيات طيلة حياته لأي حزب سياسي. وظل الزيات محل تقدير وموضع اهتمام حتى وفاته في القاهرة في صباح الأربعاء الموافق 16 ربيع الأول 1388 هـ/12 مايو 1968 عن عمر ناهز 83 عاما. وقد نقل جثمانه إلى قرية كفر دميرة ودفن فيها.
مجلة الرسالة
المقالة الرئيسة: مجلة الرسالة
بعد عودة الزيات من بغداد عام 1933 م ترك التدريس، وانتقل للصحافة والتأليف. وفي 18 رمضان1351 هـ/15 يناير1933 م قام بإصدار مجلة الرسالة، التي أثرت بقوة في الحركة الثقافية الأدبية في مصر.
استمر صدور «الرسالة» نحوا من عشرين عاماً، وكانت مدرسة أدبية ومجالاً لظهور كتاب وشعراء من الجيل الجديد بنوا شهرتهم على صفحاتها. وقد أصدر الزيات بعد ذلك مجلة أخرى اسمها «الرواية» وكانت تختص بالقصة القصيرة أو الرواية المطولة تنشرها مسلسلة، واستمر صدورها عامين وكتب فيها كبار القصصيين، كما كانت تشجع القصصيين الشبان وبينهم كاتب ناشئ هو الأديب نجيب محفوظ، وكانت أول قصة نشرها بعنوان «ثمن الزوجة»، ثم أدمجت «الرواية» بالرسالة وأخيراً اضطر الزيات إلى التوقف عن إصدار «الرسالة الرواية» بسبب الظروف الاقتصادية، وتولى رئاسة مجلة الأزهر. ولما أممت الصحافة في مصر، حاولت وزارة الإرشاد القومي إحياء «الرسالة» وعينت الزيات رئيساً لتحريرها مرة أخرى، ولكن المحاولة لم تنجح لأن الزمن كان قد تغير، وأذواق القراء قد تطورت، والصحافة اتجهت وجهات جديدة، فلم يكتب للرسالة أن تستعيد مكانتها السابقة أو تجدد مجدَها القديم، وتوقفت مرة أخرى بعد بضعة أعداد، وكان صدورُها في مرحلتها الثانية دليلاً صارخاً على أن الصحافة لا يمكن أن تكون جزءا من الجهاز الحكومي، ولا تعيش إلا في جو الحرية وهوائها الطلق.
الزيات أديبا
يعد الزيات صاحب أسلوب خاص في الكتابة، وهو أحد أربعة عُرف كل منهم بأسلوبه المتميز وطريقته الخاصة في الصياغة والتعبير، والثلاثة الآخرون هم: مصطفى صادق الرافعي، وطه حسين، والعقاد، ويقارن أحد الباحثين بينه وبين العقاد وطه حسين، فيقول: «والزيات أقوى الثلاثة أسلوبا، وأوضحهم بيانا، وأوجزهم مقالة، وأنقاهم لفظا، يُعْنى بالكلمة المهندسة، والجملة المزدوجة، وعند الكثرة الكاثرة هو أكتب كتابنا في عصرنا»
امتاز أسلوب الزيات بنصاعة الديباجة وروعة البيان، وكان يولي دقة اللفظ وموسيقى الجملة وإيقاعها عناية كثيرة، وكان يعمد إلى السجع من وقت لآخر دون تكلف ولا إملال. وقد اتهمه البعض بتغليب الأسلوب على الفكرة والشكل على الموضوع، ولكنه كان أديباً مترسلاً يتحرى المعنى النبيل في اللفظ الجميل، وكان له أثر كبير في رعاية سلامة اللغة العربية، وكان يحرص على الأسلوب العربي السليم في كل ما ينشره في «الرسالة». وكان يفتتح كل عدد من أعدادها بافتتاحية من طول واحد، متخيرة الألفاظ، يستوحي موضوعاتها من أحداث الساعة، وقد جمعها فيما بعد في كتاب من أربعة أجزاء بعنوان «وحي الرسالة».
ما قاله النقاد عنه
الزيات أحد أعلام كثيرين أنجبهم الريف المصري وأطلعهم على الحياة الأدبية مشاعل مضيئة، كان لها في تاريخنا الأدبي المعاصر أثر كبير، ودور لن تغفى عليه الأيام.
يقول (العقاد): الزيات كاتب متأنق لا يكتب الصفحة الواحدة إلا في يومين أو أيام، ولولا اضطراره إلى مسايرة (الرسالة) لشغل نفسه بالصفحة الواحدة أسابيع، وتأنق الزيات تأنق مقبول.. ولكنه حرم أسلوبه من قوة الحركة، فهو يقهر القارئ على الوقوف من وقت إلى وقت ليسأل عن الطريق.
وفي أسلوبه يقول (محمد مندور): أسلوب الزيات مصنوع صنعة محكمة، صنعة كاملة، ولكن الصنعة تبعدنا عن الحياة، ولكن الكمال يمل. وهناك في أساليب كبار الكتاب ما يحسه البلاغيون والنحويون ضعفاً وعيباً ولكنه أمارة الأصالة ودليل الطبع، وإذا كان في جلال أسلوب (شكسبير) أو (فاليري) ما يسمونه كسر البناء، فكيف لا يطمئن جهد الزيات حتى يقيم الموازين، ويقيس المسافات.
من مؤلفاته
تاريخ الأدب العربي
في أصول الأدب
دفاع عن البلاغة
وحي الرسالة" وجمع فيه مقالاته وأبحاثه في مجلة الرسالة.
ومن أعماله المترجمة من الفرنسية:
آلام فرتر" لغوته.
رواية روفائيل للأديب الفرنسي لامارتين.
بالإضافة لذلك له مجموعة قصصية بعنوان «من الأدب الفرنسي».