Main Menu

بديع الزمان الهمذاني

  • Country ايران

أحمد بن الحسين بن يحيى بن سعيد التغلبي، المكني بأبي الفضل، ولقبه المشهور به بديع الزمان الهمذاني، هو كاتب وأديب مشهور، ونسبته الهمذاني تعود لمكان ولادته وهو همذان منطقة تقع في بلاد فارس، إلا أنه عربي الأصل، وهذا ما ساعد بديع الزمان الهمذاني أن يكون على دراية بالثقافة الفارسية من جهة، والعربية من جهة أخرى، ولم تكن هذه المعرفة سطحية، إنما يعد من العلماء الضليعين بالأدب العربي والفارسي، حتى إنه من الأدباء متعددي المواهب، فقد كان كاتبًا وأديبًا وشاعرًا.وقضى بديع الزمان الهمذاني حياته متنقلًا ما بين المدن الفارسية والأفغانية، ولعل هذا ما زاد من خبراته وثقافته، وفي كل مكان كان يسافر إليه كان يختلط بأهل العلم والأدب والشعر، حتى توصل إلى المكانة التي توصل إليها، وتمكن من الكتابة في مجالات مختلفة من الأدب، ومما يجدر ذكره أنه عاصر الدولة العباسية، وكان يدين بدين الإسلام، ويفتخر بنسبه العربي الذي يعود إليه، فهو تغلبي ينتسب إلى بني تغلب.
نشأ الأديب المشهور بديع الزمان الهمذاني في وسط أسرة عربية مرموقة، ولها مكانتها العلمية بين الناس، وكانت ولادته في مدينة همذان، المعروفة بالفارسية بهمدان، وكان يفتخر بهذا النسب ويقول: "إني عبد الشيخ، واسمي أحمد، وهمذان المولد، وتغلب المورد، ومضر المحتد" وكانت نشأته بين العلماء والأدباء والمفكرين في مدينة همذان الفارسية، فقد تعلم اللغة على يد اللغوي والأديب الشهير أحمد بن فارس صاحب كتاب المجمل، ومن الشيوخ الذين تتلمذ لهم الشيخ ابن لال، وابن تركمان، وعبد الرحمن الإمام، وأبو بكر بن الحسين الفراء، فكيف لمن نشأ في ظل هذا الجو المملوء علمًا وثقافة وأدبًا ولغةً ألا يبدع كل هذا الإبداع في حياته، ولم تتوقف علومه وثقافته على ما نشأ عليه في الصغر، بل رحلاته التي سافر فيها إلى جرجان ونيسابور وغيرها من المناطق زادت من تعرفه إلى شخصيات مهمة، مثل الصاحب بن عباد، وأبو بكر الخوارزمي، وغيرهم من الشخصيات المهمة. ومع أن أكثر ما ارتبط به اسم بديع الزمان الهمذاني هو مقاماته المشهورة التي تركها، إلا أنه ترك غير المقامات نتاجًا كبيرًا في التأليف والشعر، وكان بديع الزمان ذائع الصيت بين الملوك والخلفاء، إضافة إلى التفاف كثير من طلاب العلم حوله، كما أنه تمكن من الاتصال بكثير من أعيان المدن التي كان يسافر إليها،واختلفت الروايات وتعددت حول وفاة الأديب بديع الزمان الهمذاني، منها أنه مات إثر نوبة قلبية، وفي رواية أخرى أنه دُفن حيًا بعد أن دخل في غيبوبة وظن أهله أنه مات ودفنوه، وهناك من سمع صوت نبش قبره ليلًا وعندما شاهدوه في اليوم التالي وجدوه ميتًا وهو يقبض على لحيته بيده، وكانت وفاته عن عمر يناهز الأربعين، وذلك سنة 398 للهجرة الموافق 1008 للميلاد.
غادر بديع الزمان بلد مولده همذان وهو في سن الثانية عشر من عمره، وانتقل إلى أصفهان، وبعد أن بلغ أشده اتصل بحلقة الشاعر الصاحب بن عباد، ولأنه كان في بدايات شبابه، فقد تأثر تأثرًا كبيرًا بأساليب مدرسة الصاحب بن عباد، وطرق تفكيره، وبعد أن بدأت شخصية بديع الزمان تأخذ طابعها الخاص والمميز، رحل إلى جرجان، وهناك خالط العلماء فيها، وكانوا يُسمّون بالإسماعيلية، وقضى معهم فترة من الزمن، ينهل من علومهم، ويأخذ فلسفتهم الباطنية في التفكير. وبعدها رحل إلى نيسابور، وهناك كان على تواصل مع أبي بكر الخوارزمي، ومما يروى أنه حلصت معركة أدبية بينهما، وتمكن من الانتصار على الخوارزمي، وفي نيسابور أملى بديع الزمان الهمذاني مقاماته على طلاب العلم، والتي مازال الخلاف حول عددها الصحيح موجودًا إلى الآن، وبعد نيسابور كانت وجهة الهمذاني مدن أخرى مثل خراسان وسجستان والغزنة موطن الدولة الغزنوية وكرمان، وكان في هذه الأسفار يتكسب المال في شعره ونثره، لا سيما أنه كان مشهورًا بين الملوك وكبار الشخصيات، فنال منهم الكثير من العطايا والأموال، مما ساعده في تحسين أحواله، وآخر محطات ترحاله كانت الهراة، وفيها استقر وتزوج وعاش فيها حياة هنيئة سعيدة، حتى إنه نسي همذان ونسي أهله، واقتنى الكثير من البيوت والأراضي التي جعلته يشعر بالاستقرار، ويبتعد عن السفر والترحال من مكان إلى آخر.تميز بديع الزمان الهمذاني بنتاج أدبي كبير ومتنوع، فقد اشتهر بالدرجة الأولى بمقاماته النثرية التي كتبها، إلا أنه كان في نثره يضمن الشعر من تأليفه، وأحيانًا من تأليف غيره، إضافة إلى ما اشتُهر به من فن الرسائل، ومما يتسم به نتاج النثر لبديع الزمان الهمذاني هو غلبة الصنعة والتكلف فيها، فقد كان يكثر من التسجيع في نصوصه، ويبالغ في استخدام الطباق والجناس، والترادف اللفظي، إضافة إلى الإكثار من الجمل الاعتراضية التي توضح المقصود ببعض العبارات، وكانت أعماله لا تخلو من الاقتباسات من القرآن الكريم، وتضمين الأبيات الشعرية من تأليفه أو لشعراء غيره. وإضافة إلى مقاماته يروى أن له ديوان شعر، ومجموعة رسائل جمعها في كتاب، وإن ما غلب على نصوص بديع الزمان الهمذاني من استخدام مختلف الأساليب البلاغية والمحسنات اللفظية والمعنوية جعل بعض الدارسين والنقاد يصفونه أنه ينتمي إلى مدرسة البديع التي أسسها ابن العميد، ومما يزيد من اهتمام بديع الزمان بهذه الصنعة هو معاصرته للعصر العباسي، وهو معروف بعصر البديع، والاهتمام بالصنعة والتكلف، ولعل هذا الاهتمام بالصنعة في العصر العباسي كان نتيجة تأثير البيئة المحيطة، ومظاهر الترف والرفاهية التي عاشها الأدباء في هذا العصر.
إن ما تركه بديع الزمان الهمذاني من رسائل تم جمعها في كتاب وطُبع بنسخة قديمة، والكتاب مذيل في حواشيه ببعض مقامات بديع الزمان الهمذاني، وإن من يطلع على الكتاب يتبين معه أن أحد طلاب بديع الزمان هو الذي كتب هذه الرسائل بناء على طلب من بديع الزمان الهمذاني، وفي ما يأتي أمثلة لبعض هذه الرسائل: رسالة كُتبت عن المناظرة بين بديع الزمان والخوارزمي: "إنا وطئنا خراسان فما اخترنا إلا نيسابور دارًا، وإلا جوار السادة جوارًا، لا جرم أنا حططنا بها الرحل ومددنا عليها الطنب، وقديمًا كنا نسمع بحديث هذا الفاضل فنتشوقه، ونخبره على المغيب فنتعشقه، ونقدر أنا لو وطئنا أرضه، ووردنا بلده يخرج لنا في العشرة عن القشرة، وفي المودة عن الجلدة... فأخلف ذلك الظن كل الإخلاف، واختلف ذلك التقدير كل الاختلاف". رسالة إلى الشيخ أبي عبد الله الحسين بن يحيى: "كتابي أطال الله بقاء الشيخ وللشيخ لذة في السب والعتب، وطبيعة في العنف والعسف، فإذا أعوزه من يغضب عليه فأنا بين يديه، وإذا لم يجد من يصونه فأنها زبونه، والولد عبد ليست له قيمة، والظفر به غنيمة، والوالد مولى أحسن أم أساء، فليفعل ما يشاء.

إن ما يرويه الرواة عن بديع الزمان الهمذاني أنه لم يترك نتاجًا كبيرًا، فقط ترك المقامات، وديوان رسائل، وديوان قصائد، إلا أن هذا النتاج تميز بالصنعة الأدبية، ومما يُروى أنه كانت في أغلبها تخرج منه عفو الخاطر ويرتجلها ارتجالًا، فهذا نتاج ليس بالقليل، ومن أبرز قصائد بديع الزمان الهمذاني، ولعل منها ما كان يضمن بعض أبياته في مقاماته:وكلني بالهم والكآبة أيا من تعرض للداهيه كذا من شام بارقة الثنايا أقضي العمر تشبيها مدحت الأمير وأيامه فلا يثقل عليك أذى عدو ليل الصبا ونهاره سكران نحن من العيش في ظنون ويك يا دهر لحاك الله لو كان بالدهر لحر يدان لا ولا لا لست من قدرته ما للخزامى تعود نسرينا أملس في جانبه خشونة تعالى الله ما شاء يا آل عصم أنتم أولو العصم أإن كنت ذا عاهة ساقطا إمامي لا يعادله إمام يا لمة ضرب الزمان ومضطغن على الألباب قاس أقول لإحدى المعضلات العظائم دخلت على الرسول وكان غثا يا معجبا مرح العنا أيا جامع المال من حله أحاجيكم وليس لكم هنة كدور عمامتي شكلا مرت بنا وعينها يا شادناً لو لم تكن وأحور ساجي الطرف أغرى بي الضنى يا ملك الشرق عمدة الدول لعمر المعالي إن مطلبها سهل إن لم يكن هذا الصدود فصالا سماء الدجى ما هذه الحدق النجل الشعر أصعب مذهبا ومصاعدا لو كانت النيرات أخمصكا قرة عيني بذكا محبتي أي فلكا تلبس لباس الرضا أنت في دنياك هذي يا قلب ما أغفلك أنا في اعتقادي للتسن حديقة الجو غضي هذه الحدقا لئن صوت الرعد في أفقه لك الخير من طيف على النأي طارق وعجوز كأنها قوس لام وفتية كنجوم الليل مسعدة يا شيخ أي رفاق السير مسبوق مهلا أبا بكر فزندك أضيق دارك بالبعد وسيري ضعيف ينتابني في كل وقت صيف عشرون من عمري تنفيتها خلقت كما ترى صعب الثقاف كلام الشيخ مولانا كلام لئن أحرزك الداعي قسماً لا زعزع الشيب يا نفس صبرا وإلا فاهلكي جزعا ليهنك عهد لا يضاع وإن نأت وأبى الدهر لقد جذذ يا أبا الفضل بط فضلك بط أبا الفضل لا تشدد يديك على بطي يا أبا الفضل ما وفيت بشرطي يا أبا الفضل قد تأخر بطي إن لله عبادا إشرب فقد آن أوان النشاط فلو نظمت الثريا ولقد دخلت ديار فارس تاجرا راض كلا أو ساخط كالراضي أعددت للضيف بيتا أنعت جهما لم أجد فيما مضى ألا يا راكبا غرر المعاصي يقتلني باللحظ من لحظه أبا سعد رويدك في مراسك يروعك النرجس منه الناكسه لا والذي شق خمسي غضي جفونك يا رياض يا تائها في لجة السكر ما كان ليلي ليلا.
مقامات بديع الزمان في أغلبها كانت تتناول موضوعًا واحدًا وتعرضه بطرق مختلفة وبأسلوب فكاهي مضحك، وهذا الموضوع هو الكدية، إضافة إلى أنه كتب مقامات أخرى في المدح، والوصف، والنقد، والأدب، والوعظ، والحجاج، ولعل ما ورد أنه أملى المقامات على طلاب العلم دون غيرها من أعماله الأدبية سببه أن هذه المقامات كانت سهلة الحفظ، وذلك لما فيها من سجع بين عباراتها، وترادف لفظي يسهل حفظها معه، إضافة إلى محاولة تقريب المعاني من ذهن المتلقي باستخدام الأساليب البلاغية من التشبيه والكناية والاستعارة والتعابير المجازية، وكل ذلك في قالب منمق، وأسلوب قصصي بديع وطريف، ولغة جزلة تنقل أخبار المجتمع، وتصف أحوال الناس بدقة وبراعة، ومن هذه المقامات المقامة البغدادية، والمقامة البشرية، والغيلانية، والإبليسية، والرستانية. وواحد من الأمثلة على مقاماته المقامة البغدادية التي ورد فيها: "حدَّثَنَا عِيَسى بْنُ هِشَامٍ قَالَ: "اشتهيت الأزاذ وأنا ببغداد، وليس معي عقد على نقد، فخرجت انتهز محاله حتى أحلني الكرخ، فإذا انا بسواديّ يسوق بالجهد حماره ويطرف بالعقد إزاره، فقلت: ظفرنا والله بصيد، وحياك الله أبا زيد، من أين أقبلت؟ وأين نزلت؟ ومتى وافيت؟ وهلم إلى البيت، فقال: السوادي لست بأبي زيد ولكني أبو عبيد، فقلت: نعم لعن الله الشيطان، وأبعد النسيان، أنا أنسانيك طول العهد، واتصال البعد فكيف حال أبيك؟ أشابّ كعهدي، أم شاب بعدي؟ فقال قد نبت الربيع على دمنته، وأرجو أن يصيره الله إلى جنته، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم"

بديع الزمان الهمذاني

Books 3

من المقامة المضيرية

من المقامة المضيرية

من المقامة المضيرية - بديع الزمان الهمذاني ...

Categories: علم التجويد

Publisher: جامعة اليرموك

Number of Pages: 28

Year of Publication: ---

Book Checker: ---

Book Translator: ---

مقامات بديع الزمان – بشرح محيي الدين عبدالحميد

مقامات بديع الزمان – بشرح محيي الدين عبدالحميد

مقامات بديع الزمان - بشرح محيي الدين عبدالحميد ...

Categories: البلاغة, الأدب, اللغة العربية

Publisher: جمعية الرعايه المتكامله-مكتبة الاسرة

Number of Pages: 563

Year of Publication: 2002م

Book Checker: محمد محى الدين عبدالحميد

Book Translator: ---

ديوان بديع الزمان الهمذاني

ديوان بديع الزمان الهمذاني

Categories: البلاغة, الأدب, الشعر والشعراء, اللغة العربية

Publisher: دار الكتب العلمية_بيروت

Number of Pages: 156

Year of Publication: 2003

Book Checker: يسري عبدالغني عبدالله

Book Translator: ---