أحد شيوخ ليبيا الموحدين الصادقين الصادعين الثابتين نحسبه والله حسيبه ولا نزكيه على الله ..
وهو من القلة القليلة التي صدعت بالحق في زمن البدع والخرافات والباطل
لقد قضى الشيخ ورفاقه الذين يقارب عددهم 1206 في مجزرة ومذبحة أبي سليم - سجن بوسليم طرابلس - ليبيا
و هي من أفظع مجازر التاريخ الإنساني فقلما تقع مثل هذه المجازر وبكل هذه الملابسات ..
فالضحايا في أغلبهم موقوفون فقط على ذمة التحقيق ولم تثبت عليهم تهمة هذا إن كان هناك ثمة تهمة.وهم سجناء يقبعون خلف أسوار وأقفال، والجلاد طاغوت من طواغيت العرب .. نسأل الله أن يهلكه .والقضية بعنوان (ربي الله .. ولا اله إلا الله(
الشيخ ناضل بقلمه ولسانه للذب عن هذا الدين
فقد كانت له الكثير من المؤلفات والمنظومات والقصائد وهي في عمومها تدور حول العقيدة والأخلاق والفقه، وقصائد أخرى تحكي أحوال السجن وأوجاعه
في أول عيد له في السجن أهدي الشيخ لابنه قصيدة يقول مطلعها :
أصبح الصبح فلا السجن ولا السجان في بلدي
هذا الذي قد قيل .. هل صدقت يا ولدي
واذكر يوما ان احد شعراء مدينته وكان دكتوراً ارسل له يذكره بهذه القصيدة، فرد الشيخ بقصيدة طويلة أحفظ منها هذا الجزء حيث يقول الشيخ :
الحمد لله مالي دونه إرب *** ولا إلى الخلق عندي مطلق طلب
وإن شعرك يا دكتور هيجني *** فصارت النفس بالأشواق تضطرب
فالقلب حنّ إلى أم مفزعة *** طوال الليالي على الأحباب تنتحب
يا رب أنت ترى أما ملوعة *** وانت تعلم من جاروا وما السبب
يارب بدد وشتت شمل من ظلموا *** واجعلهم فريسة في القفر تنتهب
واني لأذكر أطفالا يقال لهم *** هذا أبونا وأنتم هل لكم نسب
ولا اشك بأنهم قالوا *** ونحن أيضا لنا وسط السجون أب
نعم أبونا لعفو الله منتظر *** لا عفو من غيره يرجى ويرتقب
وإن شعرك يا دكتور ذكرني *** منابر الحق حيث العلم والأدب
والنقد والدين والأخلاق غايتنا *** عقد به درر الياقوت والذهب
كثير اولئك الابطال الذين فقدتهم هذه الأمة والذين قدّر اللهم لهم هذه الميتة السوية
وهي أن يفصل هذا الرأس عن هذا الجسد في سبيل الله
لقد اصطفاهم الله واختار لهم هذه الميتةلترتفع أرواحهم في عرس جماعي تكبير وتهليل في الأرض وزغاريد وأفراح في السماء
اللهم فرج عن اخواننا ..اللهم فرج عن اخواننا ..
رسالة الشيخ إلى محبيه داخل السجن وخارجه
هذه القصيدة قالها الشيخ رحمه الله ردا على مراسلات الإخوة في قاطع "ج" من سجن أبي سليم، بعد أن نقل إلى قاطع "ب" ، إذ أن سجن أبي سليم مقسم إلى ثلاثة أقسام : "أ" "ب " "ج"...
حمداً لمن سجدت له الأَقمارُ *** والشمس والأَملاك والأَخيارُ
ثم الصلاة على النبي محمد *** من أَشرقت بقدومه الأَنوارُ
يا من حَلَلتُم بالسجون تحيةً *** مني إِليكم أَيها الأَحرارُ
أَنتم وربِّ البيت في حريةٍ *** هيهات يَعدِلُ وزنها الدينارُ
يا إِخوتي ليس السجينُ هو الذي *** عنَّتْه أَغلالٌ لهم وجدارُ
ليس السجين هو الرهينُ بعُزْلةٍ *** ويُصَدُّ عنه الأَهلُ والزُّوارُ
كلا ولا هو من يُصَفَّدُ جسمُه *** بحديدهم وتُحيطُه الأَسوارُ
إِنَّ السجينَ هو المُكَبَّلُ بالهوى *** والعقلُ منه مُقَّيدٌ مُحتارُ
إِنَّ السجين هو الأَسيرُ لشهوةٍ *** مَلَكَتْهُ عبداً والهوى غدَّار
أَيُعَدُّ في السجن الذي هو عابدٌ *** في خلوة كي تُوضَعَ الأّوزارُ
أَنتم إِذاً والله أَحرارٌ وإِنْ *** ضُرِبتْ عليكم عُزلةٌ وحِصارُ
يا أَيها الأَحبابُ إِنَّ فِراقَكم *** كالنّار ما بلغته بل هو نارُ
والله ما سالت لسجني دمعةٌ *** رُغم العذاب وإِنني صبَّارُ
لكنما دمعي لأَجل فِراقكم *** وبِعادكم يا إِخوتي مِدْرارُ
لا فرق بين قواطعٍ وقواطعٍ *** جُورٌ بها قد عمَّ واستكبارُ
ما كَفكفَ الدمع الذي هو نازلٌ *** مِن مُقلتيَّ كأَنه أَنهارُ
إِلا مُؤانسة الأَحبة ها هنا *** نِعْمَ الرجالُ إِذا اعْترتْ أَوعارُ
هم سامَرونيَ أَلفة ومحبة *** وتآنساً يا حبذا السُّمَّارُ
وكذلكم كنتم لهم سَلَفاً نَعم *** لم أَنسَ عهداً كله استبشارُ
جلساتكم.. بسماتكم.. كلماتكم *** تَذكارُ قلبي حَبذا التذكارُ
هم يُقرئونكمُ السلام تحيةً *** وُداً لكم نسماتُه أَزهارُ
يا أَيها الأَحبابُ مني بَلِّغوا *** أُمَّاً لها رغم الجراحِ وقَارُ
أَني على العَهد الذي هو بيننا *** ابنٌ مُطيعٌ مُشفقٌ وقَّارُ
وبإِذنه يا أَمي إِني راجعٌ *** مهما عَتا المتغطرسون وجاروا
ورسالتي للزوج أَني مثلما *** عَهِدَتْ وإِنْ طالتْ بيَ الأَسفارُ
يا زوجُ إِني راجعٌ بالنصرِ لا *** تخشيْ عليَّ فربِّيَ القهارُ
ربِّي بناتك بالعفاف ودثِّري *** بالصبر إِن دموعهنَّ غِزارُ
يا أَيها الأَحبابُ عندي مَطْلبٌ *** منكم فإِنَّ شِعاركم؛ إيثارُ
هلاَّ حَمِلْتم للبنين وصيةً *** عندي على تنفيذها إِصرارُ
لاتحسبوني بالوصية قانِطاً *** فالفألُ عندي في الحياةِ شِعارُ
قولوا لهم يا قُرَّة العين التي *** قد أُوذيتْ في الله لا تنْهَارُ
وتمسَّكوا بشريعة الله التي *** ظَلْنا عليها كالليوث نَغارُ
هي حِصْنُنا وقِلاعنا ولِبَاسنا *** منها شعارٌ دائمٌ ودِثارُ
هي نهجُنا هي فكرنا هي روحنا *** فَلَنا بها طولَ الحياة مَنَارُ
سيروا على نَهج الذين نُحبُّهم *** أَعني الذين على الهداية ساروا
يا إِخوتي قولوا لهم لكمُ أَبٌ *** سيفٌ على بِدَعِ الهوى بَتَّارُ
ما زال عبد الله جَلْداً صامداً *** في وجه من هو كاذبٌ مكَّارُ
ما زال طَوداً شامخاً لا ينثني *** إِلا لِمَنْ هو قاهرٌ جَبَّارُ
يا إِخوتي لَسْتُ المُزكِّيَ نفسَهُ *** بِمَدِيحها إِنَّ المديحَ دمَارُ
مع أَنني أَدرى بنفسي منكمُ *** فأَنا الفقيرُ لِمَا حَبَا الغفارُ
لكنني بالمدح صِرتُ مُفاخراً *** فالمدح في ساح النضالِ فَخَارُ
لي أُسوة بالسابقين فإِنهم *** فخِروا وقد رَمَقَتْهم الأَبصارُ
مِنْ ذاك مِشْية مَن يَتِيه تفاخراً *** بين الصفوف وإِنه كَرَّارُ
هي مِشيةٌ مكروهةٌ إِلا إِذا *** دارَ النِّزالُ فربُّها مغوارُ
وأَنَبِّهُ الإِخوانَ أَني لستُ مِنْ *** أَهل العلوم وهم لَنَا أَنوارُ
بلْ يا أَخي ثقتي بهم إِنني *** تلميذهم وبنهجهم سَيَّارُ
مع أَنني مُسترشِدٌ ببيانهم *** إِني لأَعلامِ الهُدى وقَّارُ
يا أَيها الأَحبابُ هذا خِلُّكم *** فادعوا لهُ إِنْ لاحَتْ الأَسحارُ
سبحانه حمداً له لا ينتهي *** فهو القدير المَالكُ الغفَّارُ
صلُّوا على خيرِ الأَنامِ وسلِّموا *** يا إِخوتي ماغنَّت الأَطيارُ
رحم الله الشيخ عبد الله وسنحاول ان ننشر للشيخ ترجمة مفصلة
عدة الطلاب في رسم الكتاب ...
الرسم العثماني, القراءات وعلومها, علم التجويد
21
---
---
---