الإسلام |
---|
مفهوم الله في الأديان |
---|
يُؤمن المُسلمون بأنّ الله هو خالق الحياة والكون والمخلوقات وكُلّ ما هو موجود، ومُدبر جميع الأمور ومُقدر كُل ما يسري ويجري بقدرِه، وله جميع صفات الكمال المُطلق المُنزه عن النقصان فليس كمثله شيء، فلا تُشبّه صفاته بصفات المخلوقات، فهو أول بلا ابتداء ودائم بلا انتهاء، لا يفنى ولا يبيد، ولا يكون إلا ما يُريد، لا تبلغه الأوهام ولا تُدركه الأفهام وهو حيٌ قيّوم لا ينام ولا يغفل عن نظره شيء. غني عن الزمان والمكان، ولا تتغير صفته ولا تنقسم ولا تتجزئ ولا تزيد ولا تنقص.[4] فهو الذي يُنّعم ويُعذّب ويُسعد ويشقي، وكُل المخلوقات تُرد إليه وتقف بيّن يديه وتُحشر له، وهو صاحب الحساب وهو الحكم الفصّل فلا جنةّ َإلا برحمته ولا عذاب إلا بعدله.
يؤمن المسلمون أن الله مستوٍ على عرشه فوق السماوات فلا شيء يعلوه وهو فوق كُل شيء وتحته كُل شيء.[5] فهو الغنيّ بذاته عن جميع المخلوقات، فلم يسبق وجوده وجود، والمخلوقات كُلها بقبضته لا تنفك عن محض علمه وتقديره وتدبيره، يُميت ويُحييّ ويمنع ويعطي، يعلم الغيّب الكبير المُتعال، فيعلم مثاقيل الجبال وعدد حبات الرمال، ومكاييل البحار، وعدد قطر الأمطار، وما تساقط من ورق الأشجار، يعلم ما كان وما يكون وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، فهو سبب وجود كُل عدم وسبب عدم كُلِ ما كان موجود، الغنى والفقر، والشفاء والمرض، والنجاة والهلاك، والحياة والممات والبلاء والنِعم كُلها بأمره، فلا نافع ولا ضار سواه، ولا مانع ولا مُعطى إلا هو، له الاسم الأعظم الذي تُكشف به الكُربات وتستنزل به البركات وتُجاب به الدعوات.
كما يؤمن المسلمون بأن الله حيٌ لا يموت، فلم يسبق وجوده عدم ولا يلحق بقاءه فناء، وله وحده البقاء والدوام، فلا أول قبلَه ولا آخر بعده، وهو الظاهر الذي لا شيء فوقه والباطن الذي لا شيء دونه، الباقي في أزل الأزل إلى أبد الأبد، وكل شيء فانٍ ومُنتهٍ ومآله إلى العدم إلا ذاته. تفرّد بالأَحَدِيّة بلا انتهاء، وتسربل بالصمديّة بلا فناء، مُتصف بالجود والكرم قبل وجود الوجود، مُنزه في وحدانيّته عن الآباء والأبناء والجدود والأحفاد، مُقدَّس في ذاته عن الصاحبة والمصحوب والوالد والمولود.
وهو الذات الذي اصطَفَى مِن عبادِهِ ليُتمم رسالة توحيده وعبادته، فهو الوحيد المُستحق للعبادة والذلة والخضوع والانفراد بالكمال والتنزيه عن كًل لَغْطٍ وسوء، فلا شريك له في العبادة والمُلك، فله النفس وإليه المرجع والمآب والمآل والمُنتهى والمُشتكى والتحاكم والتخاصم، فهو الذي لا غنى لشيءٍ عنه، ولا بُد لكل شيءٍ منه، وهو الذي رِزْقُ كُل شيء عليه، ومصير كُل شيءٍ إليه، وملُكيّة كل شيء له، وحُبِ كُل شيءٍ فيه.
يُقر المُسلمون بإن لله صفاتاً قد وصفها نفسه ولا تتشابه ولا تُقارن بتلك الصفات الموجودة في الخلائق، ومثال ذلك الرحمة والعدل والعظمة، فهو الرحيم التي تتسع رحمته السماوات والأرض وما بينهما، وهو أرحم بالعباد من الأم بولدها، فيغفر الزلات ويعفو عن الخطيئات ويمحو السيئات ولا يملُ من تكرار التوبة ويغفر ذنوباً كالجبال ولا يُبالي. وهو شديد العقاب لا يظلم ولا يأكل حق مخلوقٍ ولا كائن، فُكل حقوق العباد تُرفع إليه ولا تُرد إلا به، وهو العظيم الذي ليس كعظمته شيء، فلا تُدرك عظمته العقول والأبصار، وهو العدل الذي حرّم الظلم على نفسه وعباده، فلا يُعذب أحداً إلا بذنب ولا ينقص أحدا من حسناته ولا يعطي أحداً من سيئات غيره ولا يكلف نفساً إلا ما تقدر عليه ولا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه.
لا يفوت على بصره وسمعه وعِلمه شيء، فيسمع دبيب النمل ويسمع السر كما يسمع الجهر، ويعلم الخافي كما يعلم الظاهر. ويبصر حركات المخلوقات في البر والبحر وتحت ظلام الليالي السود، لا تدركه الأبصار ولا الأسماع وهو الواحد المعبود. وهو العليم بكل شيء، بما كان وبما يكون وبما لم يكن، يعلم السر وأخفى، لا يشغله شيء عن شيء، ولا صوت عن صوت، ولا خلق عن خلق، السر والعلن عنده سواء. والله جميل الذات، وجميل الصفات، وجميل الأفعال، وجميل الأسماء. وله نورٌ لو رُفع عنه الحجاب لأحرقت سَبَحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه، ولنور وجهه أشرقت الظلمات.
كما يرى المسلمون -باستثناء بعض الطوائف منهم- بأن رؤية الله لا تكون إلا في الجنة، وهي أعظم نعمةٍ ينعم بها الإنسان على الإطلاق، وهو أفضل النعيم وأجلّ التكريم. وثُبت في السنة النبوية بأن الله يضحك ولكن ليس كضحك المخلوق، ويغضب ولكن ليس كغضب المخلوق، ويفرح في توبة المؤمن ولكن ليس كفرح المخلوق، وله من الصفات الفعليّة التي هيّ ليست كصفات البشر والمخلوقات.
ورد ذكر لفظ (الله) في القرآن 2724 مرة منها:
'الله': اسم الجلاله كما في الديفيهي.
وهذا من بيان قدرة الله على خلقه حيث لم يصرف قلب أو عقل أحد من مخلوقاته إلى أنْ يُسمَّى أو يتسمى باسمه العظيم.
الله هو لفظ الجلالة الأعظم، وأهل اللغة يقولون هو من ألِه أي عَبَد. وفي اللغة الإله هو المعبود، من العبادة. فهي في الأصل مشتقة من كلمة «الإله» أي المعبود فحُذفت الهمزة التي في وسط الكلمة فصار عندنا «الله». والَّذي يرجح ذلك هو استعمالات كلمة «الله». حيث أنّ استعمالاتها تدل على أنها من الأعلام غير الممنوعة من الصرف والتي لا تقبل التنوين وهذه من خصائص الأسماء التي تعرف بالألف واللام. فالأسماء إذا لم تكن ممنوعة من الصرف تُنوّن (عليٌ، محمداً) وتُجر بالكسرة (بمحمدٍ)، أما إذا كانت ممنوعة من الصرف فتُجر بالفتحة (عند إلياسَ، مع عيسىَ، لإبراهيمَ). إذا تأملنا كلمة الله فهي تُجر بالكسرة (باللهِ وعند اللهِ). لكنها لا تُنوّن إطلاقا على غرار الأسماء المُعرّفة بالألف واللام، فأنت لا تقول «البيتٌ» إلا إذا حذفت الألف واللام فتقول «بيتٌ» والذي لا يُنوّن وهو غير ممنوع من الصرف لا يقبل إلا أن يكون إسما معرفا بـالألف واللام مثل «البيت». يمكن استنتاج أن كلمة «الله» معرفة بـالألف واللام جُعلت علما على اسم الإله الحق تسري عليها أحكام الأسماء المعرفة بـالألف واللام ثم أصبحت اللام لازمة لتدل على أن الإله الحق واحد هو الله الذي يستحق اسم المعبود قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (سورة الإخلاص).
أصل لفظ «الله» هو الإلاه، نقلت حركة الهمزة إلى لام التعريف ثم سكنت وحذفت الألف الأولى لالتقاء الساكنين وأدغمت اللام في اللام الثانية، وحذفت الألف بعد اللام الثانية لكثرة الاستعمال. فالإله مصدر من أله يأله إذا عبد، والمصدر في موضع المفعول أي المعبود.[16]
لم يتوافق مترجمو القرآن على ترجمة لفظ «الله» إلى الإنجليزية، فمنهم مَنْ ترجمه إلى "God" كما في ترجمة قرآن الدراسة لأنهم رأوا أنّ هذه الترجمة جائزة[17] لمن لا يعلم العربية، ولأنّها أقرب إلى أن يفهما الإنجليزي الذي لا يفقه لفظ الجلالة[18]، ومن المترجمين مَنْ اجتنب "God" وكتب "Allah" كما في ترجمة محمد مارمادوك بكتال لأنهم رأوا[19] أنّ لفظ "God" لا يثير في ذهن القارئ الإنجليزي ما يثيره لفظ الجلالة الذي لا يطابق "God" كلَّ المطابقة لعدة أسباب، منها:
إذا أراد الداعي مناداةَ الله، قال «يا ألله» بالهمزة المقطوعة كتابة ونطقاً، ويجوز له أن يقول «يا الله» بهمزة وصل مكتوبة في أول لفظ الجلالة، ويكون النطق «يَ الله»، كما يجوز أن تُحذف «ياء النداء»، ويُعوّض عنها بميم مشددة في آخر لفظ الجلالة، فيقال ويُكتب «اللَّهُمَّ» بهمزة وصل في أول الكلمة، وميم مشددة مفتوحة في آخرها، كقوله : {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ}.[20]
لا تُكتب الهمزة في أول لفظ الجلالة «ألله»، بل تُكتب همزة الوصل «الله»، غيرَ أنها كُتبتْ مقطوعةً في قراءة شاذة لحمّاد عن عاصم، إذ رُويَ عنه «الم، ألله لا إله إلا هو الحي القيّوم»، بقطع الهمزة، وهذا القطع يُعد من النوادر الشاذة في اللغة.[21]
في اللهجة البغدادية، عند البدء باسم الجلالة، فإن الهمزة هي همزة قطع دائماً.[22]
في عام 1991م، كتب صدّام حسين عبارة «ألله أكبر» بيده بهمزة القطع لا الوصل، وأمرَ بأن توضع على علم العراق،[23] وظلت العبارة مكتوبة حتى عام 2008 حين حُذفت همزة القطع «ألله» وكتبتْ همزة وصل «الله».
الإيمان بالله هو أحد أركان الإيمان.
معرفة الله هي أصل الدين وركن التوحيد وأول الواجبات الشرعية في الإسلام فمن لم يؤمن بالله ليس في ملة الإسلام مطلقًا.
القرآن الكريم تدبر وعمل ...
التربية القرآنية, علوم القرآن, اللغة العربية, تدبر القرآن
30 مجلد
---
---
---