المولد والنشأة...
ولد أحمد بن علي بن أحمد شوقي يوم 20 رجب 1287هـ الموافق 16 أكتوبر/تشرين الأول 1868 في حي الحنفي بالقاهرة القديمة، لأب کردي وأم من أصول ترکية شرکسية، وكانت جدته لأمه تعمل وصيفة في قصر الخديوي إسماعيل وعلى قدر كبير من الغنى والثراء، فتكفلت بتربيته ونشأ معها في القصر.
التحق في الرابعة من عمره بـ"كتاب الشيخ صالح" في حي السيدة زينب فحفظ بعضا من القرآن الكريم وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم دخل "مدرسة المبتديان" (الابتدائية)، وبعدها دخل الثانوية فأظهر نبوغا فائقا كوفئ عليه بالإعفاء من المصروفات الدراسية، وانكب على دواوين فحول الشعراء العرب حفظا واستظهارا، فطفق الشعر يجري على لسانه.
الدراسة والتكوين...
التحق وهو في الخامسة عشرة من عمره بمدرسة الحقوق والترجمة -كلية الحقوق لاحقا- منتسبا إلى قسم الترجمة، وبعد تخرجه سافر 1887 إلى فرنسا على نفقة والي مصر العثماني الخديوي توفيق، فتابع دراسة الحقوق في مونبلييه واطلع على روائع الأدب الفرنسي، وعاد إلى مصر 1891.
الوظائف والمسؤوليات...
عُين عقب رجوعه من فرنسا رئيسا للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي، وانتدب سنة 1896 لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين المنعقد بجنيف في سويسرا.
التجربة الأدبية
بدأت مواهب شوقي الشعرية تلفت الأنظار وهو طالب في مدرسة الحقوق، كما دأب -خلال وجوده في فرنسا- على إرسال قصائد في مدح الخديوي توفيق، وبعد عودته إلى مصر أصبح "شاعر القصر" المقرب من الخديوي عباس حلمي الذي تولى الحكم إثر وفاة والده توفيق، وكانت سلطته مهددة بهيمنة المحتل الإنجليزي.
يرجع النقاد تأييده للخديوي إلى عدة أسباب، منها أن الخديوي هو ولي نعمته الذي تولى رعايته، ومنها الدافع الديني الذي كان يوجه الشعراء على اعتبار أن الخلافة العثمانية هي خلافة إسلامية يجب عليهم الدفاع عنها.
هاجم شوقي الاحتلال البريطاني لمصر مما أدى إلى نفيه إلى إسبانيا 1914، وفي المنفى اطلع على الأدب العربي ومظاهر الحضارة الإسلامية في الأندلس فنظم الكثير من درر شعره إشادة بها، وحنينا إلى بلده مصر التي عاد إليها بعد قضائه أربع سنوات في المنفى.ومن المنفى أرسل نونيته السائرة "أندلسية"، يعارض فيها نونية ابن زيدون "أضحى التنائي":
يا نائح الطلح، أشباه عوادينا * نشجى لواديك أم نأسى لوادينا؟
…
رمى بنا البين أيكا غير سامرنا * أخا الغريب، وظلا غير نادينا!
…
آها لنا نازحي أيك بأندلس * وإن حللنا رفيفا من روابينا!
يرى كثيرون أن شوقي كان يملك خيالا خصبا وعاطفة صادقة ومشاعر جياشة، وكان صاحب موهبة شعرية فذة أكمل بها المهمة التي بدأها الشاعر المصري محمود سامي البارودي لإحياء الشعر العربي وإعادته إلى مستواه الرفيع في عهوده الزاهرة، إلا أن مدرسة العقاد النقدية -وعلى رأسها الأستاذ سيد قطب– نالت من شوقي وشعره، ووجهت إليهما إهانات مؤلمة.
وقد كان شوقي من أخصب شعراء العربية إنتاجا، فقد كتب ما يزيد على 23 ألفا وخمسمائة بيت، وفي سنة 1927 بايعه شعراء العرب كافة "أميرا للشعراء" في حفل كبير أقيم بالقاهرة، وبعد ذلك انصب اهتمام شوقي على الشعر المسرحي فأصبح رائده الأول على المستوى العربي.
المؤلفات...
جمع شوقي شعره في ديوان "الشوقيات" الذي صدر في أربعة أجزاء، ثم قام الدكتور محمد السربوني بجمع الأشعار التي لم يضمها الديوان في مجلدين أطلق عليهما "الشوقيات المجهولة".
اشتهر أمير الشعراء بشعر المناسبات الاجتماعية والوطنية، وبالشعر الديني الذي خصص له العديد من القصائد، منها: "نهج البردة"، و"الهمزية النبوية"، و"سلوا قلبي"، وله ملحمة رجزية طويلة بعنوان: "دول العرب وعظماء الإسلام" بلغت 1726 بيتا، نظمها في منفاه بالأندلس.
كتب العديد من المسرحيات الشعرية منها: "مصرع كليوباترا"، و"مجنون ليلى"، و"قمبيز"، و"علي بك الكبير"، و"أميرة الأندلس"، و"عنترة"، و"الست هدى"، و"البخيلة"، و"شريعة الغاب"، وكتب أيضا روايات منها: "الفرعون الأخير"، و"عذراء الهند"، وله في النثر كتاب "أسواق الذهب" الذي انتهج فيه أسلوب المقامات الأدبية.
الوفاة...
توفي أمير الشعراء أحمد شوقي يوم 14 جمادى الآخرة 1351هـ الموافق 14 أكتوبر/تشرين الأول 1932، بعد فراغه من نظم قصيدة طويلة يحيي بها "مشروع القرش" الذي نهض به شباب مصر في تلك الفترة.