نسبه
هو الشيخ المقرئ المفسِّر محمَّد سعيد بن محمَّد فقير الحسيني الهروي البحريني الأفغاني، ينتهي نسبه إلى الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، ولد عام (1361 هـ ــ ١٩٣٧م) في قرية (سَرْحَدْ مَيْمَنْد) بولاية (هِرَات) بأفغانستان، ودخل البحرين في أوائل السبعينيات برعاية كريمة من ملك البحرين، قادمًا من مكة المكرمة، ولم يكن علم التجويد في البحرين مشتهراً بين خواص طلبة العلم فضلًا عن عوامهم.
تعليمه
درس الشيخ محمد سعيد الحسيني العلوم الشَّرعية وغيرها على يد عدد من علماء عصره، في عدَّة مدارس، فكانت بدايته مع جامعة دار العلوم الإسلاميَّة في كراتشي، ثم مدرسة تجويد القرآن (موتي بازار) في لاهور، وتعدّ أكبر المعاهد للتَّجويد والقراءات، كما درس في الجامعة الأشرفيَّة في لاهور، لمؤسِّسها المفتي محمَّد حسن الأمرتسري، ثم الجامعة العربيَّة الإسلاميَّة في كراتشي، لمؤسِّسها: المحدِّث يوسف بنوري، وحصل منها على درجة الماجستير بمرتبة جيِّد جداً.
شيوخه
تعلم الشَّيخ على يد كثير من الشيوخ في شتَّى الفنون والعلوم، فأخذ علم التجويد برواية حفص عن الشَّيخ ملَّا محمَّد عظيم، وعن الإمام عبدالمالك جِـيْـوَن أبادي، حتى حصل على الشَّهادة والسَّند عنه، في جامعة دار العلوم الإسلاميَّة، وأخذ أيضًا عن المحدِّث المقرئ محمود شاه القادري المعروف بأبي الوفا الأفغاني الذي اختبره في بقية القرآن، وأجازه إجازة عامَّة.
أما الشيخ إظهار أحمد التَّهانوي فأخذ عنه علم القراءات العشر بطريق الشَّاطبيَّة، وأخذ عن الشَّيخ خدائي بخش الضَّرير، وشيخ القراءات فتح محمَّد إسماعيل بانيبتي، القراءات العشر بطريق طيِّبة النَّشر لابن الجزري، والقراءات الشَّاذة.
وفي التفسير أخذ الشيخ الحسيني عن الإمام محمَّد طاهر، والشَّيخ غلام الله خان، والشَّيخ رسول خان الهزاروي، والشَّيخ أحمد علي اللَّاهوري صاحب تفسير القرآن العزيز، والشَّيخ محمَّد أمير البنديالوي.
وأخذ العالم الجليل علم الحديث عن الشَّيخ المفتي ولي حسن طونكي، والشَّيخ رسول خان الهزاروي الذي أعطاه السند لـ"سنن التِّرمذي"، وأخذ عن الشَّيخ محمَّد إدريس الكاندهلوي، والشَّيخ محمَّد يوسف بنّوري "صحيح البخاري"، والشَّيخ محمَّد إدريس الميرطهي، والشَّيخ عبدالرَّحمن الأشرفي أخذ عنهما "صحيح مسلم"، و"سنن ابن ماجه"، والشَّيخ عُبيد الله الأشرفي، والشَّيخ محمَّد السُّواتي أخذ عنهما سنن أبي داود، والشَّيخ بديع الزَّمان الكملْ بوري أخذ عنه سنن النَّسائي، والموطأ برواية محمَّد بن الحسن إلى أن أجازه الشَّيخ غلام الله خان إجازة عامَّة في الحديث.
رحلة نشر العلم
بعد مرحلة التَّتلمذ والدِّارسة جاء وقت التَّدريس ونشر العلم، وقد انتقل الشَّيخ للتَّدريس ولم يتعد عمره عشرين عامًا في عدَّة مدارس، وسافر عدَّة بلدان حتَّى استقرَّ المقام به بمملكة البحرين، وكانت أولى محطاته باكستان بجامعة دار العلوم حقَّانيَّة في بيشاور، حيث عمل مدرِّساً للتَّجويد، ثم المدرسة الصَّادقيَّة العربيَّة "مَنْجَنْ آباد" في ولاية بَهَاول نَكَر، ثم مدرسة "تقويم الإسلام" بمنطقة شيش محل بلاهور، مدرساً للتَّجويد والقراءات، إلى أن بلغ مقام العلم بمدرسة دار العلوم، في كراتشي ليشغل منصب رئيس هيئة التَّدريس شعبة التَّجويد والقراءات، من سنة 1389هـ إلى سنة 1403هـ، وقبل مغادرته لمحطته الجديدة أسَّس الشَّيخ مدرسة "دار القرآن" في لاهور.
أما المحطة الثانية فكانت مكة المكرمة، حيث عُيِّن مدرِّساً للتَّجويد والقراءات في دار الأرقم بن أبي الأرقم، بالحرم المكِّي الشَّريف، من عام 1973 إلى 1975م.
وبعد أن ذاع صيت الشَّيخ محمد سعيد الحسيني في أرجاء البلاد العربية، قرر أن يحط رحاله في مملكة البحرين عام 1976 م، بعدما لقي رعاية كريمة من ملك البحرين، اختار على إثرها أن تكون مملكة البحرين دار المقام والوطن والمثوى الأخير، ولكن قبل رحيله عن الدنيا جعل لنفسه صدقة علم جارية؛ حيث أسَّس عدة مدارس وجمعيات، منها: مركز أبي بن كعب للبنين، ومركز أسماء بنت الصِّديق للبنات، لتحفيظ القرآن الكريم، ومركز أم ورقة بنت الحارث، ومركز أم الدرداء الصُّغرَى، لعلوم القرآن للنِّساء، وجمعية الإصلاح والجمعية الإسلاميَّة اللتان عقد فيهما الحلقات القرآنية النَّسائيَّة لتدريس التَّجويد، كما أنشأ صندوق الإنفاق الخيري "جمعية التَّربية الإسلاميَّة سابقًا"، فضلًا عن أن أشرف على التَّدريس في دار القرآن الكريم بجامع أحمد الفاتح الإسلامي، لتدريس التَّجويد والقراءات، ودرَّس فيه، حتى أخذ عنه جمع غفير من طلاب العلم ذكورًا وإناثًا علم التَّجويد، وعلم القراءات السَّبع، والعشر الصُّغرَى، وعلم التَّفسير، وعلم الحديث، وغير ذلك، وأغلب الأسانيد القرآنيَّة في البحرين تدور عليه، ومن أواخر دروسه قبل وفاته مجلس قراءة وسماع لكتب الإمام التِّرمذي مثل "الجامع الكبير"، ليلبي بعدها نداء ربه بنفس مطمئنة في شهر شعبان عام 1439 هـ، 2018 م.