هو الحكم بن حكيم بن نفر بن قيس بن جحدر ابن ثعلبة، ينتمي إلى قبيلة طيء إحدى قبائل قحطان اليمانيّة، التي سكنت شمال نجد بين جبلي أجأ وسلمى، وهو أحد فُحول الشعراء الإسلاميين، وُلد في الشام، و أقام في الكوفة وتُوفي بها، كُنيته أبو نفر، أو أبو ضبية.
لقبه الطرماح طغى على اسمه الأصلي، واشتهر به بين الناس، والطرماح هو الرجل الذي يرفع رأسه في شموخ زهوًا، أو طويل القامة، وكانت نشأته في بيت عز وشرف في قومه، وتزوج في مُقتَبَل عمره من امرأة تُدعى سُليْمة، أنجب منها ولدين.
كان جنديًا في صفوف الجيش، وكان ذلك سبيله إلى كسب عَيْشه، فكَثُر تجواله بين البلدان، تاركًا زوجه وأولاده، راحلًا إلى كرمان ثم قزوين، باحثًا عما يَسد عجزه الماديّ، وقلة ذات يده، وبالرغم من كثرة شكواه وتَملْمله من اضطراب أوضاعه المادية، إلا أن شخصيته لمْ تَخل من أَنَفَة الكِبر ونَبرة الاستعلاء، فتراه يقول:
أنا الشمسُ لما أن تغيَّب ليلُهــا .. وغــارت فما تبدو لعينٍ نجومها
أجرُّ خطاي في مَعَدٍّ وطيّء .. وأَغشمها، فَلْيَنهَ نفساً حليمُها
بَرَز الطرماح بن حكيم من بين شعراء العصر الأمويّ، ونشأ في خِضّم ما اشتعل في ظلّ الخلافة الأموية من الفتن، والصراعات، والعصبيّة القبليّة، فتجلّت مواقفه السياسية والعَقَديّة بين طيّات أشعاره.
دلّت كثير من أشعار الطرماح بن حكيم على أنه كان على مذهب الخوارج، وذلك بإجماع روايات المؤرخين، لكنه لم يكن زاهدًا لمتاع الحياة مثلهم، بينما اختلفت الروايات حول الفرقة التي ينتمي إليها تحديدًا، فقِيل الصفرية وقِيل أيضًا الأزارقة، وقد جمعت أواصر الصداقة المتينة بينه وبين الشاعر الكميت، على اختلافهما المَذهَبيّ والقَبَليّ؛ فكانت صداقتهما موضع دهشة كثير من الناس، حتى قِيل للكميت: “لا شيء أعجب من صفاء ما بينك و بين الطرمّاح على بعد ما بينكما من النَّسَب و المذهب و البلاد؛ هو شاميّ قحطانيّ خارجيّ و أنت كوفيّ نزاريّ شيعيّ”.
كان الفخر والهجاء هما الغرضين الطاغيين والأساسيين في ديوان الطرماح بن حكيم ، وكان شعره ولاسيما الهجاء يتّسم بروعةالأساليب، وأصالة التراكيب، وبدوية التعبير، شأنه شأن كثير من الشعراء الذين تجلّت النزعة البدوية في أشعارهم، مثل كعب بن زهير، وذي الرمة، والبحتري، ومن بديع فخره بنفسه وخَيْلائه قوله:
لقـد زادنــي حبــا لنفســـي أننــي .. بغيــض إلى كل امرىء غير طائل
مـلأت عليــه الأرض حتــى كأنهــــا .. مـن الضيق في عينيه كفة حابل
وإنــي شقـي باللئــــام ولاتــرى .. شقيـــا بهم إلا كريم الشمائل
تُوفي الطرماح بن حكيم بعدما أَسَنّ، واختلفت الروايات حول تحديد سنة وفاته، فقيل: إنه توفي سنة 102 ھ وقيل أيضاً سنة 125ھـ.