المتلقون للقرآن الكريم مباشرةً من النبي ﷺ (12)

12 *– مُعَاذُ بنُ جَبَلِ – رضي الله عنه* -* .
مُعَاذُ بنُ جَبَلِ بنِ عَمْرو بنِ عَائِذِ بنِ عَدِيِّ بنِ كَعْبِ بنِ أُدِّيِّ بنِ سَعْدِ بنِ عَدِيِّ بنِ أَسَدِ بنِ سَارِدَةَ بنِ تَزِيدِ بنِ جُشَمِ بنِ الخَزْرَجِ الأَنْصَارِيُّ الخَزْرَجَيّ، الْسُّلَمِيُّ، أَبُوْ عَبْد الرَّحْمَن،.
*نشأته ورحلاته* :
أسلم ثم شهد العقبة وهو ابن ثمان عشرة سنة أو دونها، وشهد بدراً والمشاهد كلها مع النبي ﷺ ، وقد بعثه رسول الله ﷺ إلى اليمن و أَقَرَّهُ الصديق – رضي الله عنه- على ذلك يعلم الناس الخير باليمن ثم هاجر إلى فلسطين و الشام فكان بها حتى مات.
*تلقيه للقرآن* :
يُعَدُّ معاذ بن جبل – رضي الله عنه- أحد الذين جمعوا القرآن حفظاً على عهد النبي ﷺ، وقد وردت عنه الرواية في حروف القرآن وهو الذي قال عنه النبي ﷺ : « خذوا القرآن من أربعة من عبد الله ابن مسعود وأُبَيّ بن كعب ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة»، وقد تتلمذ على يد ابن مسعود ابتداءً: فعن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه- قال: جاء معاذ إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله أقرئني، فقال رسول الله ﷺ : « أقرئه » فأقرأته ما كان معي ثم اختلفت أنا وهو إلى رسول الله ﷺ فقرأه معاذ فكان معلماً من المعلمين على عهد رسول الله ﷺ .
*الأدلة على أنه من أهل القرآن :*
لم يذكر الإمام الذهبي الصحابي الجليل معاذ بن جبل – رضي الله عنه- في كتابه “معرفة القراء الكبار”، مع أن المتتبع لأخباره وسيرته يجد أنه من أهل القرآن، وذلك من خلال:
1️⃣ تزكية الرسول ﷺ له مورداً يُتلقى عنه القرآن، وعالماً يفتي الناس، ويرسله النبي ﷺ بذلك إلى مكة بعد الفتح، ثم إلى اليمن بعد تبوك، وشاهد ذلك ما رواه عبد اللَّهِ بن عَمْرو – رضي الله عنهما – قال: سمعت النبي ﷺ يقول: « اسْتَقْرِئُوا الْقُرْآنَ من أَرْبَعَةٍ من ابن مَسْعُودٍ وَسَالِمٍ مولى أبي حُذَيْفَةَ وَأُبَيٍّ وَمُعَاذِ بن جَبَلٍ ».
2️⃣ وجاء أن سهل بن عَمْرو القرشي كان يختلف على معاذ – رضي الله عنه- وهو في مكة ليقرئه القرآن.
3️⃣ و عن عَبْد اللهِ بن عَامرِ أنه قال: « بعث عُمَر بن الخَطَّاب – رضي الله عنه- إلى كل مصر من الأمصار رجلاً من الصحابة يعلمهم القرآن والأحكام، فبعث إلى الشام معاذ بن جبل وأبا الدر داء، قال ابن عامر : وقرأت عليهما».
ث‌- كما ذكرت قراءة ابن عامر على معاذ في كتاب – المصباح- لأبي الكرم.
*تلامذته في القراءة* :
أخذ عنه القراءة: أبو تميم الجيشاني، وعَبْد اللهِ بن عَامرِ.
*جهوده في علم القراءات* :
1️⃣- روى الكثير من القراءات القرآنية وردت في كتب السنة.
2️⃣- كان أحد الذين جمعوا القرآن على عهد النبي ﷺ ، عن قَتَادَةَ قال سمعت أَنَسَاً يقول: « جَمَعَ الْقُرْآنَ على عَهْدِ رسول اللَّهِ ﷺ أَرْبَعَةٌ كلهم من الْأَنْصَارِ مُعَاذُ بن جَبَلٍ وَأُبَيّ بن كعب وَزَيْد ابن ثَابِت وأبو زَيْدٍ، قال قَتَادَة:ُ قلتُ لِأَنَسٍ: مَنْ أبو زَيْدٍ ؟ قال: أَحَدُ عُمُومَتِي ».
ت‌- أمر النبي ﷺ أصحابه أن يقرؤوا القرآن عليه، عن عَمْرو عن إبراهيم عن مَسْرُوقٍ عن عبد اللَّهِ بن عَمْرو – رضي الله عنهما – سمعت النبي ﷺ يقول: « اسْتَقْرِئُوا الْقُرْآنَ من أَرْبَعَةٍ من ابن مَسْعُودٍ وَسَالِمٍ مولى أبي حُذَيْفَةَ وَأُبَيٍّ وَمُعَاذِ بن جَبَلٍ ».
3️⃣- كما استخلفه النبي ﷺ على أهل مكة يعلمهم القرآن، وذلك عند ما خرج رسول الله ﷺ من الجعرانة معتمراً فاعتمر منها فبات بالجعرانة خَلَّفَ معاذ بن جبل – رضي الله عنه- يفقِّه الناس ويعلمهم القرآن، وجاء عن مجاهد أنه قال: « لما فتح رسول الله ﷺ مكة وسار إلى حنين استخلف عليها عَتَّاب بن أسيد يصلي بالناس وخَلَّفَ معاذ بن جبل – رضي الله عنه- يقرئهم القرآن ويفقههم»، وممن علم معاذ t القرآن في هذه المهمة سهيل بن عمرو؛ حتى إن كان لقد شحب لونه وكان كثير البكاء رقيقاَ عند قراءة القرآن لقد رئي يختلف إلى معاذ بن جبل– رضي الله عنه- حتى يقرئه القرآن وهو بمكة حتى خرج معاذ من مكة.
4️⃣- جاء معاذ بن جبل t في سند الإمام السبعي عَبْد اللهِ بن عَامرِ، كما صرَّح بذلك ابن عامر نفسه، فهذا إمام ثقة يذكر سنده فعندما بُعث معاذ بن جبل – رضي الله عنه- ليعلم القرآن في الشام كان ابن عامر يقيم فيها، فمن الغريب إنكار قراءته عليه، بل من المتوجب أن يأخذ ابن عامر عنه، كيف لا وهو يسعى لأن يكون من أهل القرآن.
5️⃣- عَلَّمَ معاذ – رضي الله عنه- أهل اليمن القرآن، وقد أخذ عنه الكثير القرآن، وسنورد أسماء من أخذ عنه من أهل اليمن عند ذكر تأسيسه لمدرسة الإقراء، وكان العامة يسمعون منه القرآن حين يصلي بهم إماماً، كما أخرج البخاري.

وضع معاذ – رضي الله عنه- بمعية الإمام عَلِيّ بن أَبِي طَالِب وأبي موسى – رضي الله عنه- حجر الأساس لأول مدرسةٍ قرآنية في اليمن، آتت فيما بعد من ثمارها الشيء الكثير، *و من أبرز الأسماء في هذه المدرسة من أهل اليمن في القرن الأول الهجري* :
*1* ) أَبَانُ بنُ سَعِيْدِ ت (27هـ)، الذي هاجر إلى اليمن لِيُعَلِّم الناس بها, وبنى فيها مسجداً وكان يؤم الناس بالصلاة فيه، وكان يعلم أهل اليمن القرآن والحديث الشريف، ومن أنجب طلابه فيها النعمان بن بزرج الأنباري .
*2* ) أَبُوتَمِيْمُ الجَيْشَانِيُّ عبد الله بن مالك ت(77هـ)، قرأ القرآن الكريم على الصحابي الجليل معاذ بن جبل – رضي الله عنه- حيث تلا عليه القرآن في اليمن، ومما يؤكد ذلك ما أورده الدولابي قال: «عن أبي تميم الجيشاني قال : تعلمت القرآن من معاذ بن جبل حين قدم علينا اليمن ».
*3)* أَبُو خَلِيْفَةٍ الطَّائِيُّ ت(100هـ)، أخذ القراءة عنه جماعة من أهل اليمن منهم وَهْبُ بنُ مُنَبْه بن كامل, وكان له مسجد بصنعاء عرف باسمه، ويُعَدُّ من أوائل القراء المرتحلين إلى اليمن، ويمكننا أن نعتبره ممثلاً لمدرستي الكوفة والبصرة في اليمن.
*4* ) وَبْرُ بنُ يَحْنَس الكَلْبِيُّ الخُزَاعِيُّ – رضي الله عنه- ، علم بنات النعمان بن بزرج القرآن.
*5)* أُمُّ سَعِيْد ابْنَةُ بَزْرَج، كانت أول من صلى إلى القبلة وقرأ القرآن بصنعا.
*6* ) حَشَكُ بنُ عَبْد الحَمِيْد الأبْنَاوِيُّ، يُعَدُّ أول من قرأ القرآن بمدينة صنعاء من الرجال ، وكان حشك قاضياً لأبي بكر الصِّدِيْق ، كان حشك وعَبْد الرَّحْمَن بن بزرج، أبرز قراء اليمن في ذلك الوقت.
*7* ) عبْدُ اللهِ بنُ مَرْثَدِ بنِ يَزِيْدِ، وهو أول من جمع القرآن بصنعاء.
*8* ) عَطَاءُ بنُ مَرْكَبُوْذ، وهو ممن جمع القرآن بصنعاء.
*9* ) محمد بن داود بن قيس الصنعاني كان معلماً للقرآن في الجامع الكبير بصنعاء.
7️⃣- كما بعث عمر – رضي الله عنه- معاذاً – رضي الله عنه- ليعلم أهل فلسطين القرآن، عن محمد بن كعب القرظي، قال: «جمع القرآن في زمان النبي ﷺ خمسة من الأنصار معاذ بن جبل وعُبَادَة بن الصَّامِت وأُبَيّ ابن كعب وأبو أيوب وأبو الدرداء، فلما كان زمان عُمَر بن الخَطَّاب – رضي الله عنه- كتب إليه يزيد بن أبي سفيان، إن أهل الشام قد كثروا ورَبَوا، وملأوا المدائن، واحتاجوا إلى من يعلمهم القرآن، ويفقههم فأعني يا أمير المؤمنين برجال يعلمونهم فدعا عمر أولئك الخمسة فصار معاذ إلى فلسطين».
8️⃣- كان لمعاذ – رضي الله عنه- ورده اليومي من القرآن فكان لا يختم في أقل من ثلاث، تمثلاً بتوجيه المصطفى ﷺ ، فعن أبي العالية قال: « إن معاذ بن جبل – رضي الله عنه- كان لا يقرأ القرآن في أقل من ثلاث ».
9️⃣- كان – رضي الله عنه- يعرف أهل القرآن ويدعوهم بهذه الصفة ويهدي لهم النصح، خرج معاذ بن جبل – رضي الله عنه- على الناس فجعل يذكرهم ويقول: « يا أهل القرآن، ومستحفظي الكتاب، وأنصار الهدى والحق والرحمة، إن رحمة الله لا تنال، وجنته لا تدخل بالأماني، ولا يؤتي الله تعالى المغفرة والرحمة الواسعة إلا الصادق المصدق، واستحيوا رحمكم الله من ربكم أن يراكم فراراً عن عدوكم، وأنتم في قبضته وليس لكم ملتحد من دونه ولا عز بغيره »، يمشي في الصفوف ويذكرهم حتى إذا بلغ من ذلك ما أحب ورأى من الناس الذي سره لهم، ثم حرضهم وانصرف إلى موقفه رحمه الله.
🔟- كان – رضي الله عنه- على علم بعلوم وآداب القرآن.
س‌- كما تعلم – رضي الله عنه- من النبي ﷺ أحكام القرآن.
*وفاته* :
هناك شبه اتفاق بين المؤرخين وأصحاب التراجم على أن معاذ بن جبل – رضي الله عنه- توفي في الأردن سنة ثمان عشرة هجرية، وخالفهم يحيى بن معين، وعلي بن عبد الله التميمي، وأبو الحسن المدائني، مترددين بين ثلاثة أقوال، حيث قالوا : مات سنة سبع عشرة، أو ثماني عشرة، أو تسع عشرة، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة.

مواضيع ذات صلة

اترك تعليقا


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.