المتلقون للقرآن الكريم مباشرةً من النبي (3)

3- عُثْمَانُ بنُ عَفَّان -رضي الله عنه –.

عُثْمَانُ بنُ عَفَّانِ بنِ أبي الْعَاصِ بنِ أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ شَمْسِ بنِ عَبْدِ مَنَافِ القرشِيُّ، يجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم في عبد مناف، أبو عبد الله، وقيل: أبو عمرو، يلقب بذي النورين، ولد بعد الفيل بست سنين.

تلقيه للقرآن الكريم :

جمع القرآن حفظاً وعرضه على رسول الله ﷺ، والأدلة على ذلك كثيرة منها:

  • أنه رأسٌ في إسناد قراءة الأئمة: عَبْد اللهِ بن عَامرِ ت(118هـ) ، وعَاصِم بن أَبِي النُّجود ت(128هـ)، وحَمْزَة بن حَبِيْب الزَّيْات ت(158هـ) , وعلي الكسائي ت(189هـ) ، وأبي عَمْرو بن العلاء ت(154هـ) ، و يعقوب الحضرمي ت(205هـ).
  • تصدَّره للإقراء، ولجمع المصحف، ورجوع الصحابة إليه عند الاختلاف في أوجه الكتابة للمصحف الإمام.

تلامذته في القراءة:

عرض عليه القرآن: المغيرة بن أبي شهاب المخزومي ت(91هـ)، وأبو عَبْد الرَّحْمَن الْسُّلَمِي ت(73هـ)، وزر بن حُبَيْش ت(82هـ) ، وأبو الأَسْوَد الدُّؤَلِيّ ت(69هـ)، ويقال: عرض عليه عَبْد اللهِ بن عَامر ت(118هـ).

جهوده في علم القراءات :

  • روى الكثير من القراءات المتواترة وكذلك الشاذة .
  • كان من أكبر كُتَّاب الوحي فور نزوله على النبي ﷺ .
  • حظي بشرف جمع المسلمين على رسم واحد للقرآن الكريم، فعن عُبَيْد الله بن عبد الله بن عتبة قال: «إن أول من جمع القرآن في مصحف وكتبه عُثْمَان بن عَفَّان ثم وضعه في المسجد فأمر به يُقرأ كل غداة ».
  • كان له دور بارز في حفظ القراءات القرآنية، ومنع أي شجار بين المسلمين بشأنها، عن مصعب بن سعد قال: « جلس عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه على المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إنما عهدكم بنبيكم منذ ثلاث عشرة سنة، لم أنتم تختلفون في القراءة ؟ يقول أحدكم لصاحبه ما تتم قراءتك ! قال : فعزم على كل من كان عنده شيء من القرآن إلا جاء به، قال : فجاء الناس بما عندهم فجعل يسألهم عليه البينة، أنهم سمعوه من رسول الله ﷺ ثم قال: من أعرب الناس؟ قالوا: زَيْد بن ثَابِت، كاتب رسول الله ﷺ، قال: فلْيُمْلِ سعيد، وليكتب زيد، وكتب مصاحف وفرَّقها في الأجناد ».
  • حَسَمَ أمر القراءة بما لم يثبت في العَرْضة الأخيرة،

 وكانت نتيجة هذا الحسم :

أولاً : أن كل قراءة لا توافق الرسم بقيت خارج النص المتفق عليه .

ثانياً: أبعد عدداً من الروايات التي لم توافق العَرْضة الأخيرة.

  • أصبح منذ ذلك الحين رسم عُثْمَان رضي الله عنه شرطاً أساسياً من شروط قبول القراءة، فكل قراءة لا توافق الرسم تبقى خارج المصحف.
  • عاضد المصحف المرسوم المكتوب إلى الأمصار بالمقروء المسموع، فبعث مع كل مصحف قارئاً مُجِيداً يقوم مقام الإعجام، حيث كانت مهمة كل قارئ من هؤلاء أن يضبط لأهل ذلك المصر الأداء، فكان عبد الله بن الْسَّائِب مقرئ المصحف المكي، والمغيرة بن أبي شهاب مقرئ المصحف الشامي، وأبو عَبْد الرَّحْمَن الْسُّلَمِي مقرئ المصحف الكوفي، وعامر ابن قيس مقرئ المصحف البصري، وأمر زَيْد بن ثَابِت أن يُقرئ الناس بالمدينة ، فكان صنيعه رضي الله عنه أنه جمع بين الكتابة والسماع .
  • خصَّص لحاملي القرآن وحُفَّاظه كفالةً من بيت مال المسلمين؛ تشجيعاً لهم، ولشرف ما يحملونه، وتحفيزاً لحفظه بين العامة، حيث كان من ضمن مرسوم خلافة عُثْمَان رضي الله عنه: « أن حامل القرآن وسليل حامل كتاب الله عز وجل له في بيت مال المسلمين في كل سنة مئتا دينار، فإن مات وعليه دين قضى الله عز وجل ذلك الدين ».

مما سبق نجد أن الأثر الذي تركه عُثْمَان رضي الله عنه في مجال القراءات وعلومها :

  • إضفاء الشرعية على القراءات المختلفة التي تدخل في إطار النص المدون والأصل الشرعي .
  • حماية القراءات من الضياع، ومنع أي شجار بين المسلمين بشأنها.
  • استبعاد مالا يتطابق تطابقاً مطلقاً مع النص القرآني الأصيل.
  • وقاية المسلمين من وقوع أي شقاق فيما بينهم .
  • كان لتلامذته الأثر العظيم في نقل القراءات، والقيام بتدريسها.

منزلته وفضله :

يكفي في فضله الحديث الصحيح الذي رواه الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: « اشترى عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه الجنة من النبي رضي الله عنه مرتين بيع الحق؛ حيث حفر بئر معونة، وحيث جهَّز جيش العسرة »، كما أنه تروج بابنة رسول الله ﷺ رقية، فولدت له عبد الله وبه كان يُكَنَّى، ثم كُنِّيَ بابنه عمرو، فلما توفيت رقية ليالي بدر زوَّجه النبي صلى الله عليه وسلم بأختها أم كلثوم.

وفاته :

     قتل شهيداً مظلوماً في داره، وكان صائماً ثامن عشر الحجة سنة خمس وثلاثين للهجرة، وله اثنتان وثمانون سنة، وهناك قول: إنه مات سنة أربع وثلاثين، والقول الأول هو المشهور، والله أعلم.

 

د. فيصل الجودة

مواضيع ذات صلة

اترك تعليقا


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.