هدايات سورة البقرة (6)

الهداية السادسة: تكريم الله للإنسان بأن جعله خليفته في أرضه .

﴿وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة  قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون ﴾[سورة البقرة – الآية 30].

  • بعد أن بين الله سبحانه للناس أن الهداية في القرآن (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين)، بين غايتي وجوده في الأرض:
  1. الغاية الأولى: العبادة:( يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون…)، فبما أن الله تعالى هو الخالق لك أيها الناس ، وسخر لك هذه الأرض وما فيها فهو المستحق الأوحد للعبادة.
  2. الغاية الأخرى للخلق: الاستخلاف في الأرض:(وإذ قال بك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة…).

فالإسلام عبادة وعمارة، نسك وحياة، تشريع وتنفيذ، نظام شامل للكون والحياة والإنسان، ينظمه الهدى والنور الذي أودعه الله في كتابه (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين).

الربط بين آيات العبادة والاستخلاف:

  •   عُطِفَتْ قصة خلق أول البشر على قصة خلق السماوات والأرض؛ انتقالاً من الاستدلال على أن الله واحد وعلى بطلان الشرك؛ ليجمع بين تعدد الأدلة وبين مختلف حوادث تكوين العوالم وأصلها؛ ليعلم المسلمون ما علمه أهل الكتاب من العلم الذي كانوا يباهون به العرب(حوادث تكوين العوالم) وهو ما في سفر التكوين من التوراة.
  • موقع الدليل بخلق آدم على الوحدانية هو أن خلق أصل النوع أمر مدرك بالضرورة لأن كل إنسان إذا لفت ذهنه إلى وجوده علم أنه وجود مسبوق بوجود أصل له بما يشاهد من نشأة الأبناء عن الآباء فيوقن أن لهذا النوع أصلا أول ينتهي إليه نشؤُه.

من صور تكريم الله للإنسان:

  • خُلِقَ الإنسانُ لأَمرٍ عظيم، خلقه الله ليكون مستخلفاً في الأرض مالكاً لما فيها، فاعلاً مؤثراً فيها، إنه الكائن الأعلى في هذا الملك العريض، والسيد الأول في هذا الميراث الواسع.

دور الإنسان في الحياة لا يقارن بدور المادة:

  •  ودوره في الأرض وفي أحداثها وتطوراتها هو الدور الأول، إنه سيد الأرض، وسيد الآلة، إنه ليس عبدا للآلة كما هو في العالم المادي اليوم، وليس تابعا للتطورات التي تحدثها الآلة في علاقات البشر وأوضاعهم، وكل قيمة من القيم المادية لا يجوز أن تطغى على قيمة الإنسان، ولا أن تستذله أو تخضعه أو تستعلي عليه، وكل هدف ينطوي على تصغير قيمة الإنسان مهما يحقق من مزايا مادية هو هدف مخالف لغاية الوجود الإنساني،  فكرامة الإنسان أولاً، واستعلاء الإنسان أولاً، ثم تجيء القيم المادية تابعة مسخرة.
  •  والنعمة التي يمتن الله بها على الناس هنا وهو يستنكر كفر الكافرين، وليس مجرد الإنعام عليهم بما في الأرض جميعاً، ولكنها إلى ذلك سيادتهم على ما في الأرض جميعاً، ومنحهم قيمة أعلى من قيم الماديات التي تحويها الأرض جميعاً، هي نعمة الاستخلاف والتكريم فوق نعمة الملك والانتفاع العظيم، ونعمة التحرر عما سوى الله (وهو مفهوم العبادة لله تعالى).

مواضيع ذات صلة

اترك تعليقا


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.