لنعيش سوياً مع سورة الفاتحة، الزاد الروحي والإيماني للمسلم، يرددها المسلم كل يوم سبع عشرة مرة على الأقل، هذه السورة تحتاج منا إلى تدبر وتأمل حتى تصبح زاداً غير منقطع، لو تأملت قول الله تعالى: ﴿الحمد لله رب العالمين﴾، ستجد أن الحمد أعمّ من الشكر، فالحمد يكون على النعمة و غيرها كـ (الابتلاءات والمحن والمصائب و حوادث الزمان)، فأنت عند الابتلاء و وقوع أقدار الله المؤلمة عليك تقول:(الحمد لله على كل حال)، بينما الشكر لا يكون إلا على النعمة فقط، فالحمد أعمّ وأشمل، فكل حامد شاكر، وليس كل شاكر حامد، استحضار هذا المعنى في الذهن عند القراءة في الصلاة يشعرك بأنك قد حمدت ربك بما هو أهل له، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم:(… فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين، قال الله: حمدني عبدي)، وتتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم:(…والحمد لله تملئ الميزان).
ثم ننتقل إلى قول الله تعالى:﴿الرحمن الرحيم﴾ الرحمن بكل الكائنات، الرحيم بالمؤمنين، فهو يوليهم رعايته، فقد جعل لهم ودَّا؛ ولأنه ﴿الرحمن الرحيم﴾ فقد جعل لنا مفتاح الخير، وهو: (طلب الهداية) في كل ركعة من كل صلاة:﴿إهدنا الصراط المستقيم﴾، فنحن نثني على الله تعالى حق الثناء؛ فمن رحمته أن وفقنا لطلب الهداية التي بها صلاح الدارين في كل ركعة، فإذا قلنا ذلك، (قال الله: أثنى عليّ عبدي).
وبعد حمد الله والثناء عليه، نمجده ونفوض الأمر إليه، عند تلاوتنا لقوله تعالى:﴿مالك يوم الدين﴾، و في القراءة الأخرى: ﴿ملك يوم الدين﴾ فهو ملك هذا اليوم ومالكه، وقال:﴿مالك يوم الدين﴾ ولم يقل: مالك الدين؛ لأن للدين يوم مشهود، يوم يلقى فيه كل عامل عمله ويوفى جزائه، ﴿يوم ينظر المرء ما قدمت يداه﴾، فأحق ما قال العبد بأن يصف الله بأنه مالك هذا اليوم ومليكه، فهو يمجده، وفي نفس الوقت يفوض الأمر إليه، ويسلم رقبته لخالقه، ( … وإذا قال العبد: مالك يوم الدين، قال الله: مجدني عبدي) وفي رواية:( فوضني عبدي)، فوضناه بأن يعاملنا برحمته لا بأعمالنا، نسأل الله السلامة والنجاة.