7 – زَيْد بن ثَابِت بنِ الضَّحَّاك – رضي الله عنه- .
زَيْد بن ثَابِت بنِ الضَّحَّاكِ بنِ زَيْدِ بنِ لَوْذانِ بنِ عَمْرو بنِ عَبْدِ بنِ عَوْفِ بنِ غَنْمِ بنِ مَالِكِ بنِ النَّجَارِ الأَنْصَارِيّ الخَزْرَجِيُّ المَدَنِيُّ، أَبُوْ سَعِيْد، وقيل: أَبُوْ خَارِجَة.
تلقيه القرآن :
مما يؤكد تلقي زيد بن ثابت للقرآن الكريم من النبي ﷺ و حفظه له في سن مبكر:
1 . ما أورده كُتَّاب التراجم من أن زَيْد بن ثَابِت – رضي الله عنه- قال: « أُتِيَ بي النبي ﷺ مَقْدَمَة المدينة، فقالوا: يا رسول الله هذا غلام من بني النجار قد قرأ مما أنزل عليك سبع عشرة سورة، قال: فقرأت على رسول الله ﷺ فأعجبه ذلك ».
2 . ثبوت عرض زَيْد بن ثَابِت – رضي الله عنه- سوراً من القرآن على النبي ﷺ، ومن ذلك ما أخرج البخاري وغيره، عن زَيْد بن ثَابِت – رضي الله عنه- قال: « قرأت النجم عند النبي ﷺ فلم يسجد فيها ».
3 . ومما يؤكد أنه عرض القرآن كاملاً على النبي ﷺ أنه في رأس إسناد الأئمة : ابن كثير، وعاصم، وأبي عَمْرو بن العلاء من السبعة، ويعقوب من الثلاثة المكملين للعشرة.
تلامذته في القراءة :
قرأ عليه من الصحابة: أبو هريرة، وابن عَبَّاس – رضي الله عنهما- ومن التابعين: أبو عَبْد الرَّحْمَن الْسُّلَمِي، وأبو العالية الرِّياحي، وأبو جعفر.
جهوده في القراءات وعلومها :
1️⃣ نقل الكثير من القراءات المتواترة والشاذة، وكتب التفسير والقراءات زاخرة بها.
2️⃣ جاء زَيْد بن ثَابِت – رضي الله عنه- في رأس إسناد الأئمة : ابن كثير، وعاصم، وأبي عَمْرو بن العلاء من السبعة، ويعقوب من الثلاثة المكملين للعشرة.
3️⃣ كان على رأس كُتَّاب الوحي للنبي ﷺ و كان من أَكْتَبِ الناس، في البخاري عن سَهْلِ بن سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّهُ قال: « رأيت مَرْوَانَ بن الْحَكَمِ جَالِسًا في الْمَسْجِدِ فَأَقْبَلْتُ حتى جَلَسْتُ إلى جَنْبِهِ فَأَخْبَرَنَا أَنَّ زَيْد بن ثَابِت أخبره أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَمْلَى عليه لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ في سَبِيلِ اللَّهِ قال: فَجَاءَهُ ابن أُمِّ مَكْتُومٍ وهو يُمِلُّهَا عَلَيَّ فقال: يا رَسُولَ اللَّهِ لو أَسْتَطِيعُ الْجِهَادَ لَجَاهَدْتُ وكان رَجُلًا أَعْمَى فَأَنْزَلَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى على رَسُولِهِ ﷺ وَفَخِذُهُ على فَخِذِي فَثَقُلَتْ عَلَيَّ حتى خِفْتُ أَنَّ تَرُضَّ فَخِذِي ثُمَّ سُرِّيَ عنه فَأَنْزَلَ الله عز وجل غَيْرُ أُولِي الضَّرَر»، وفي رواية مصعب بن سعد: « أن عُثْمَان – رضي الله عنه- قال: من أكتب الناس؟ قالوا: كاتب رسول الله ﷺ زَيْد بن ثَابِت »، وعن زَيْد بن ثَابِت – رضي الله عنه- قال: « كنا مع رسول الله نؤلف القرآن من الرقاع ».
4️⃣ يُعَدُّ أحد الذين جمعوا القرآن الكريم على عهد النبي ﷺ، ومن ذلك ما أخرجه الحاكم وصحَّحه عن زَيْد بن ثَابِت – رضي الله عنه- قال: « كنا حول رسول الله ﷺ نؤلِّف القرآن من الرقاع ». قال الحاكم: « وفيه الدليل الواضح أن القرآن إنما جمع في عهد رسول الله ﷺ».
5️⃣ كان على إحاطة تامة بالقرآن وترتيب سوره وآياته، ولعل الجمع الأول والثاني قد أكسبه هذه المهارة، وقبل ذلك شهوده لنزول الوحي، وشاهد هذه الإحاطة: ما أخرجه البخاري عن خَارِجَةَ بن زَيْدٍ أَنَّ زَيْد بن ثَابِت – رضي الله عنه- قال:« نَسَخْتُ الصُّحُفَ في الْمَصَاحِفِ فَفَقَدْتُ آيَةً من سُورَةِ الْأَحْزَابِ كنت أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقْرَأُ بها فلم أَجِدْهَا إلا مع خُزَيْمَةَ بن ثَابِتٍ الأَنْصَارِيّ الذي جَعَلَ رسول اللَّهِ ﷺ شَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ».
6️⃣ اختاره أبو بكر الصِّدِيْق – رضي الله عنه- على رأس اللجنة المكلفة بجمع القرآن، عن زَيْد بن ثَابِت – رضي الله عنه- قال: «أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ وَعِنْدَهُ عُمَرُ، فَقال: أَبُو بَكْرٍ إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي فَقال: إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِالنَّاسِ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ فِي الْمَوَاطِنِ فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْقُرْآنِ، إِلاَّ أَنْ تَجْمَعُوهُ، وَإِنِّي لأَرَى أَنْ تَجْمَعَ الْقُرْآنَ قال أبو بَكْر:ٍ قلت لِعُمَرَ: كَيْفَ أَفْعَلُ شيئاً لم يَفْعَلْهُ رسول اللَّهِ ﷺ ؟ فقال عُمَرُ: هو والله خَيْرٌ، فلم يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي فيه حتى شَرَحَ الله لِذَلِكَ صَدْرِي، وَرَأَيْتُ الذي رَأَى عُمَرُ، قال زَيْد بن ثَابِت وَعُمَرُ عِنْدَهُ جَالِسٌ لَا يَتَكَلَّمُ، فقال أبو بَكْرٍ: إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ، عَاقِلٌ، ولا نَتَّهِمُكَ، كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ ، فَتَتَبَّعِ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ فَوَ اللَّهِ لو كَلَّفَنِي نَقْلَ جَبَلٍ من الْجِبَالِ ما كان أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ من جَمْعِ الْقُرْآنِ، قلت كَيْفَ تَفْعَلَانِ شيئاً لم يَفْعَلْهُ رسول الله ﷺ ؟ فقال أبو بَكْر:ٍ هو والله خَيْرٌ، فلم أَزَلْ أُرَاجِعُهُ حتى شَرَحَ الله صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ الله له صَدْرَ أبي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقُمْتُ فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ من الرِّقَاعِ وَالْأَكْتَافِ وَالْعُسُبِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ… »،
سبب اختيار أبي بكر الصِّدِيْق لزيد توفر المقومات الأساسية فيه وهي :*
1) كونه شاباً، حيث كان عمره إحدى وعشرين سنة، فيكون أنشط لما طُلب منه.
2 ) كونه عاقلاً فيكون أوعى له، إذ مَن وهب الله له عقلاً راجحاً فقد يسر له سبيل الخير.
3) كونه ثقةً، فليس هو موضعاً للتهمة، فيكون عمله لذلك مقبولاً، وتركن إليه النفس، ويطمئن إليه القلب.
4) كونه كاتباً للوحي، فهو بذلك ذو خبرة سابقة في هذا الأمر، وممارسته عملية فليس غريباً عن هذا العمل، ولا دخيلاً عليه.
5) ويضاف لذلك أنه أحد الذين جمعوا القرآن على عهد النبي ﷺ .
7️⃣ كان في رأس اللجنة التي شكلها عُثْمَان بن عَفَّان – رضي الله عنه- لرسم المصحف، ويدل على ذلك ما أخرجه البخاري عن أَنَسٍ: «أَنَّ عُثْمَان دَعَا زَيْد بن ثَابِت، وَعَبْدَ اللَّهِ بن الزُّبَيْر، وَسَعِيدَ بن الْعَاصِ، وَعَبْد الرَّحْمَن ابن الْحَارِثِ بن هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا في الْمَصَاحِفِ، وقال عُثْمَان لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلَاثَةِ: إذا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْد بن ثَابِت في شَيْءٍ من الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ فَفَعَلُوا ذلك »، وكان الصحابة يقولون: « غلب زَيْد بن ثَابِت الناس على اثنين القرآن والفرائض ».
8️⃣ وضع البذرة الأولى لتأسيس مدرسة الإقراء بمكة، وكان من أنجب طلابه بها عبد الله بن عَبَّاس – رضي الله عنهما-.
9️⃣ كما كان على علم بعلوم القرآن، ومن ذلك:
1 ) معرفته المكي والمدني، ومن ذلك أنه قال: « نزلت الأنفال بالمدينة ».
2 ) وكذلك علمه بأسباب النزول.،كما في البخاري سبب نزول( فمالكم في المنافقين) ،عندما اختلف على قتلهم الصحابة ، فنزلت الاية.
وفاته :
اختلف في زمن وفاة زَيْد بن ثَابِت – رضي الله عنه- ، فقيل: توفي سنة اثنتين أو ثلاث وأربعين، وقيل: خمس وأربعين، وقيل: سنة ثمان وأربعين، وقيل: سنة أربع أو خمس وخمسين، وقيل: سنة ست وخمسين ، والمشهور والله أعلم أنه توفي في أيام مُعَاوِيَة سنة خمس وأربعين للهجرة وهو ابن ست وخمسين سنة.
د. فيصل الجودة