قال الله سبحانه في سورة الحجر : { وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاء بُرُوجاً وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ [16] وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ [17] إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ [18]} [الحجر : 16 - 18 ] . وقال في سورة الصافات : { إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ [6] وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ [7] لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ [8] دُحُوراً وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ [9] إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ [10]} [ الصافات : 6 – 10 ] . سؤال : لماذا قال في الحجر : ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ ﴾ , وقال في الصافات : ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾ ؟ الجواب : إن معني ﴿ مبين ﴾ ظاهر للمبصرين . ومعني ﴿ ثاقب ﴾ نافذ بضوئه وشعاعه المنير , ونير أي : متقد . والثقب : الخرق النافذ . و ﴿ المارد ﴾ هو العتي الشديد , فإن معني ﴿ تمرد ﴾ عتا . و ﴿ الرجيم ﴾ هو الملعون , وهو المطرود المبعد , والمرمي بالشهب , قال تعالي : ﴿ وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ ﴾ [ الملك : 5 ] . والوصف بالمارد أقوي وأشد من الوصف بالرجيم . و ﴿ الخطف ﴾ هو الاستلاب والاختلاس والاخذ في خفة وسرعة , قال تعالي : ﴿ حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ﴾ [ الحج : 31 ] . و ﴿ الاستراق ﴾ أخذ الشئ بخفية . واستراق السمع قد يكون بالتنصت , ولا يقتضي الحركة . أما الخطف ففيه سرعة واختلاس واستلاب . فالمقام في الصافات أشد ؛ وأسرع , وفيه حركة وسرعة , وهو الخطف استدعي من الحفظ ما هو أشد , فقال : أ- ويقذفون من كل جانب . ب- وقال : ﴿ دحورا ﴾ وهو مصدر بمعني الحال , أي : مطرودين علي سبيل الاهانة والاذلال , أو مفعول له . ت- وقال : ﴿ وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ ﴾ , وهو أقوي من ﴿ حفظناها ﴾ المذكورة في آية الحجر ؛ لأنه مصدر , وهو غير مقيد بزمن والمصدر أقوي من الفعل . ث- وقال : ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ ﴾ أي : دائم . ج- وفال : ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾ وهو أقوي من المبين ؛ لأنه مبين وزيادة , وأنه قد يخرق أجسادهم ويثقبها . أما المبين فقد يكون ذا نور قليل , ولا يقتضي شدته, فناسب كل تعبير موضعه . ﴿أسئلة بيانية في القرآن الكريم الجزء الثاني ص : 74﴾