سؤال : ما الفرق بين الخوف والخشية والوجل ؟ الجواب : قيل : إن " الخوف توقع مكروه عن أمارة مظنونة أو معلومة " . " والخشية خوف يشوبه تعظيم , وأكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشي الله منه ؛ ولذلك خص العلماء بها في قوله : ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ﴾ [ فاطر : 28 ] . وقيل : الخشية أشد الخوف وأعظمه . وقيل : ربما قيل : خشيت بمعني علمت . قال تعالي في آل عمران : ﴿ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ [ آل عمران : 175 ] . وقال : ﴿ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ﴾ [ المائدة : 3 ] . فذكر الخوف في آل عمران ؛ ذلك أنه في سياق توقع مكروه , فهي في سياق القتال . قال تعالي : { الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [173] فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ [174] إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [175]} [ آل عمران : 173 – 175 ] . وليس السياق في المائدة في مثل ذلك . وقال تعالي مخاطبا موسي – عليه السلام - : ﴿ فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لَّا تَخَافُ دَرَكاً وَلَا تَخْشَى ﴾ [ طه : 77 ] . فذكر الخوف في قوله : ﴿ لَّا تَخَافُ دَرَكاً ﴾ وعطف عليه الخشية , فقال : ﴿ وَلَا تَخْشَى ﴾ , قيل : إن المعني " لا تخاف أن يدرككم فرعون وجنوده من خلفكم . ولا تخشي أن يغرقكم البحر من قدامكم ... والخشية أعظم الخوف , وكأنه إنما اختيرت هنا لأن الغرق أعظم من إدراك فرعون وجنوده لما أن ذلك مظنة السلامة . ولا ينافي ذلك أنهم إنما ذكروا أولا ما يدل علي خوفهم من حيث قالوا : ﴿ إنا لمدركون ﴾ ؛ ولذا سورع إلي إزاحته بتقديم نفيه " . وأما الوجل فهو الفزع والخوف , وقيل : اضطراب النفس لتوقع مكروه . وعلامته حصول القشعريرة واضطراب القلب , قال تعالي : ﴿ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ [ الحج : 35 ] . ومعني : ﴿ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ : " أي : فزعت استعظاما لشأن الجليل وتهيبا منه , وهذا الوجل في فلب المؤمن كضربة السعفة , كما جاء عن عائشة – رضي الله تعالي عنها - , وعلامته حصول القشعريرة " . وعن أم الدرداء رضي الله عنها أن الوجل في القلب كاحتراق السعفة , أما تجد له قشعريرة " . ومن الملاحظ أنه لم يرد في القرآن إسناد الوجل من الله إلا للقلب . قال تعالي : ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ [ الانفال : 2 ] . وقال : { وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ [34] الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } [ الحج : 34- 35 ] . وقال : ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ [ المؤمنون : : 60 ] . وورد الوجل من الملائكة في قصة ابراهيم علي العموم , ولم يخصه بالقلب , فقال : { إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ [52] قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ } [ الحجر : 52 – 53 ] . ولم يرد في القرآن الكريم إسناد الخشية أو الخوف إلي القلب . ﴿أسئلة بيانية في القرآن الكريم الجزء الثاني ص : 138﴾