الإعدادات
برنامج لمسات بيانية آية ﴿11﴾: ﴿إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ﴿11﴾﴾ فكرة عامة عن هذه الاية: بالنسبة للذين تقدموا قال ﴿وَسَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴿10﴾﴾ يبقى من يستفيد من الإنذار؟ أولئك سواء عليكم. * إذن هنالك طائفتان؟ هنالك ﴿وَسَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴿10﴾﴾ وطائفة أخرى تستفيد من الإنذار قال ﴿إنما تنذر﴾ إنذراً نافعاً ﴿إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ﴿11﴾﴾ يعني ينفع من كان حياً يؤثر فيه الإنذار. في هذه الآية ذكر صنفين يستفيدان من هذا الإنذار ﴿إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ﴿11﴾﴾ طائفة من المؤمنين الذين استجابوا هم كانوا مؤمنين تأتي الآية فتزيدهم إيماناً وطائفة من كان له قلب فسمع فيستفيد. إذن هذه عندما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب أن هنالك طائفتان تستفيدان الطائفة المؤمنة الذين هم اتبعوا في الأصل فيزيدهم إيماناً ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا ﴿124﴾ التوبة﴾ فيستفيدوا منها وطائفة أخرى ممن كان له قلب حيّ فيسمع فيستفيد إذن هذه تنفع طائفتين الطائفة المومنة وطائفة أخرى لها قلب فتنتفع بالإنذار يعني قسمين المؤمنين ومن كان حيّ القلب يستمع ويستفيدز إذن هو إنذار نافع قسمين من اتبع الذكر يعني كان مؤمناً ومن سيتبع من إذا سمع الإنذار اتّبع. لكن يبقى السؤال هو قال ﴿مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ﴾ يقولون هذا ماضي يعني المؤمنين، لا، أحياناً الفعل الماضي يكون للإستقبال مثلاً لما قال ﴿وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴿149﴾ البقرة﴾ هو لم يخرج بعد، هل هي فقط للماضي؟ هو للمستقبل و﴿خرجت﴾ ماضي دل على الإستقبال. ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ﴿159﴾ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴿160﴾ البقرة﴾ هل التوبة بعد الكتمان أو قبله؟ بعد الكتمان، ﴿يكتمون﴾ فعل مضارع وقال ﴿تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا﴾ معناها يتوبون لأن هذا واقع بعد يكتمون بعد المضارع فأحياناً الماضي يأتي للمستقبل. * هذه من أساسيات اللغة أيضاً، جرياً على سنن العربية؟ طبعاً. * هل لهذا دلالة معينة؟ هذا للتوكيد أنه تنزّل المستقبل منزلة الماضي مثل أحوال القيامة ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ﴿99﴾ الكهف﴾ فإذن هو الآن اتبع الذكر تشمل صنفين صنف سيتّبع وصنف اتّبع ﴿إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ﴾ كما ذكرنا الآن من كان له قلب فاتّبع ومن كان له قلب حيّ فيتبع عندما يسمع ﴿إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ﴿11﴾ يس﴾. *هل الإنذار خاص بالكافرين في القرآن؟﴿د.فاضل السامرائى﴾ الإنذار في القرآن الكريم لا يكون خاصاً للكفار والمنافقين وقد يأتي الإنذار للمؤمنين والكافرين. والإنذار للمؤمن ليس فيه توعد فهو للمؤمنين تخويف حتى يقوم المؤمن بما ينبغي أن يقوم به كما في قوله تعالى ﴿إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ {11} يس﴾ وهذا ليس فيه تخصيص لمؤمن أو كافر. وقد يأتي الإنذار للمؤمنين ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ {214} الشعراء﴾ ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ {18}فاطر﴾ وقد يكون للناس جميعاً ﴿وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ {44} ابراهيم﴾ ﴿وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ {51}﴾ . * ربنا تبارك وتعالى قال ﴿إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ﴾ لماذا اتّبع وليس تبِع؟ افتعل تفيد المبالغة والاجتهاد في الأمر يعني فرق بين صبر واصطبر، جهد واجتهد، اصطبر فيها مبالغة في الصبر ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴿132﴾ طه﴾ فاتّبع للمبالغة في الإتباع وليس إتباعاً عرضياً وإنما مبالغة في الإتباع ويدلنا على هذا لو قرأنا الاية ﴿وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ﴾ هل هذا متّبع كيفما كان أو متّبع مجتهد في الإتباع؟ مجتهد. لما قال ﴿فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ﴾ هل هذه للمتّبع هكذا أو المجتهد؟ للمجتهد. فإذن ﴿إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ﴾ مناسب لما بعده من الصفات ﴿وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ﴾ هذا المبشّر بالمغفرة والأجر الكريم هذا مبالغ في الإتّباع وليس هكذا كيفما كان. فهو مناسب. قال سبحانه وتعالى ﴿ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ﴾ خشي الرحمن بالغيب فيها أكثر من معنى يُذكر: من المعاني التي تسبق إلى الذهن أنه خشي الرحمن وإن لم يشاهده كما آمن به بالغيب خشيه بالغيب. * ما معنى الخشية؟ الخوف مع التعظيم. ويكون في الغالب عالِماً بما يخشى. * إنما يخشى الله من عباده العلماء لأنهم يعلمون! كما آمن به سبحانه بالغيب خشيه بالغيب، آمن به ولم يشاهده كذلك خشيه ولم يشاهده وهذا طبعاً من تمام الإيمان لأن الناس عادة يخشون من يشاهدهم ويشاهدونه إذا كانوا يعلمون أن هنالك من يراقب أفعالهم توقفوا عند أمورلا يفعلوها وإن كانوا يحبون أن يفعلوها فإن غاب عن أعينهم ذهبت الخشية. أما هذا فإنه يخشى الرحمن لأنه يعلم أنه حاضر معه ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ﴿4﴾ الحديد﴾ يراقب أفعالكم وهذا من معاني الخشية، هذا أحد المعاني، أحد الأوجه. من أحد معاني يخشى أنه يخشى عقابه الذي سيكون بالغيب وهو يوم القيامة. * ليست خشية خاصة بذات الله وإنما بعقابه؟ بعقابه، ﴿اتقوا النار﴾ ومرة يقول ﴿اتقون﴾ فهو إذن يخشى عقابه الكائن يوم القيامة وهو غيب يوم القيامة غيب وما يحصل فيه غيب. إذن من معاني هذا التعبير أيضاً أنه يخشاه وهو لم يشاهده وأنه يخشى عقابه وهو غيب يوم القيامة. من معاني أيضاً هذا التعبير أنه يخشى الرحمن إذا غاب عن أعين الناس بمعنى يعني هنالك أناس كثير يفعلون أفعالاً إذا خلوا إلى أنفسهم فإن علموا أن أحداً شاهدهم توقفوا عنه لا يفعلونه، إذا أمن مراقبة الناس فعل لكن هذا الفعل قد لا يفعله أمام الناس. فهذا يخشى الرحمن وإن غاب عن أعين الناس * يخشى الرحمن أمام الناس وبعيداً عن أعين الناس؟ يخشى الرحمن وإن لم يشاهده ويخشى عقابه الذي في الغيب ويخشاه إذا غاب عن أعين الناس فكثير من الناس وإن كان عندهم دين لكن إذا خلوا إلى أنفسهم قد يفعلون أفعالاً لا يفعلونها أمامهم، هذا يخشى الرحمن وهو غائب عن أعين الناس. فإذن هذه عموم أنواع الخشية * التي تتجلى في قوله ﴿وخشي الرحمن بالغيب﴾ ليس بالغيب الغيب المطلق لأننا في الدنيا لم نرى الله؟ هذا أحد الأوجه التي تُذكر في هذه الآية. * يعني إطلاق عموم دلالة كلمة الغيب بالنسبة للناس وبالنسبة لرب الناس، سبحان الله! وهم غائبون عنه ربنا سبحانه وتعالى الإيمان به بالغيب وما وعد الله به غيب. * بالتأكيد أننا لا نرى الله سبحانه وتعالى فما أفادت كلمة غيب هنا؟ لأنه آمن به بالغيب. ربنا سبحانه وتعالى ذكر الملائكة أنه يؤمنون به، ايضاً ربنا سبحانه وتعالى غائب عن الملائكة لم يروه وهم يؤمنون به، فهذا إيمان بالغيب ليس كل الناس يؤمنون بالغيب. * حينما نقول اتبع الذكر المنطق إذا قلنا اتبع الذكر يقصد به يخشى الرحمن ويؤمن بالغيب، إتباع الذكر في حد ذاته. كل متبع يخشاه بهذه الأوجه كلها؟ أحياناً مع أنه متبع لبعض الأمور لكن قد تفلت منه أمور لا يفعلها أمام الناس وإنما يفعلها أمام نفسه، يحصل هذا الشيء، هذا أمر آخر إتباع مع الخشية والخشية بالغيب. * ﴿وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ ﴿14﴾ البقرة﴾ لكن هنا الخشية كما ذكرتها معنى الخوف فما الإادة التي استفدناها من كلام الرحمن مع الخشية؟ كان يأتي إسم آخر، ما دلالة وجود الرحمن مع الخشية؟ أحياناً يسبق إلى الذهن أن الرحمن لا يعاقب الناس يقولون ﴿رحمته سبقت غضبه﴾ ﴿رحمتي وسعت كل شيء﴾ فيتجرأ على فعل إلتجاء أو اتكالاً على الرحمن الرحيم، هكذا يذهب أن رحمتي واسعة والله غفور رحيم فيفعل الأشياء اتكالاً على هذه الصفة، على صفة الرحمن الرحيم، فربنا حذّرهم قال لا مع أنه رحمن لكن ينبغي أن يُخشى يعني رحمته لا تمنع عقابه ولا تمنع غضبه، * لا نغترّ برحمته كثيراً! لا تتكل على هذا وتترك كل شيء، وإنما الرحمن يعاقب فلا تتكلوا على رحمته فلذلك كان هذا تحذيراً مهماً وكبيراً. ثم إذا كان المنعِم رحمته كثيرة فينبغي أيضاً أن تخشى هذا الراحم وإلا يقطع عنك نعمتك. يعني إذا كان واحد يرحم إنساناً ويفعل له الخير هل ينبغي له أن يخالفه أو يحاربه؟ أو يطيعه؟ هذا يعاقِب بقطع الرحمة عنه إذن كونه رحمن ينبغي أن يُخشى ويُطاع لئلا يقطع عنه رحمته ولئلا يعاقبه بسلب ما أنعم به عليه . جو السورة هو يشيع فيها العزة والرحمة ﴿تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ﴿5﴾﴾. هناك أمر آخر مهم، هذا توجيه أن تكون الرحمة تنبغي أن تكون مقرونة بخشية الراحم، لا يصح الاتصاف بالرحمة وحدها لأنها قد تكون ضعفاً في غير محلها، قد تكون ضعفاً إن لم يكن معها قوة وخشية. يجب أن يكون معها قوة وخشية إذا كان الشخص لا يخاف من المٌربي ولا يخشاه متكلاً على رحمته يسيء . * "من أمِن العقاب أساء الأدب" ! قد تكون الرحمة وحدها في غير موضعها ستكون موطن ذم وموضع نقص، يعني هذا توجيه للمربي ليجمعوا بين الرحمة والخشية من الراحِم يجب أن تجمع الأمرين الرحمة والخشية والخوف من هذا الراحم، لا تترك كل شيء وتتركه يفعل ما يشاء ولا تعاقبه لأنك ترحمه هذا سيسيء ويفعل ما يشاء "من أمِن العقاب أساء الأدب" إذن هذا توجيه للمربين ليجمعوا بين الرحمة والخشية من الراحِم. * إذن وجود صفات أو أسماء لله فيها قوة وعزة هذا مطلوب بجانب الرحمة؟ طبعاً، ولذلك قال ﴿نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿49﴾ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ ﴿50﴾ الحجر﴾ يجمع ، حتى سيدنا إبراهيم قال ﴿يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا ﴿45﴾ مريم﴾. * أو نقول هنا أن الخشية هنا خوف بسيط أو عذاب بسيط مقرون بالرحمن أم لا تعطي هذه الدلالة؟ عندما حذر ﴿وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ ﴿50﴾ الحجر﴾ صفة فيها شدة ولذلك هذا الاقتران اقتران في غاية الكمال الخشية والرحمة. * مع إسم الرحمن أيضاً لكن عودة بسيطة لكلمة الغيب يقول ربنا تبارك وتعالى ﴿وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ﴾ وفي مواطن أخرى يذكر الخشية فقط ﴿يخشون ربهم﴾ بدون كلمة الغيب وبدون كلمة الرحمن أيضاً، فما الفرق بين هذه الآية وتلك؟ كيف نفهم سياقاتهما الدلالية؟ لما يقول ﴿يخشون ربهم﴾ هذه خشية مطلقة، يعني غير مقيّدة بالأمور التي تُذكر، عامة على كل حالة سواء كانت بالغيب أم لا. مثلاً عند غيبتهم عن عيون الناس أو عند حضورهم هم يخشون الرحمن في كل حال ليست في حالة دون حالة فستكون خشية مطلقة يدخل فيها ﴿بالغيب﴾ لما قال ﴿يخشون ربهم﴾ صارت الخشية مطلقة وصارت الخشية بالغيب جزءاً من تلك. * يعني هنا أطلق الخشية، عامة؟ عامّة في كل الأحوال. الآن ماذا ذكرت؟ يخشى ربه بالغيب وإن لم يشاهده يخشى ربه، يخشى عقابه أيضاً هذا دخل في قول يخشى ربه، يخشى إذا غاب عن عيون الناس هذا أيضاً يخشى ربه فهو يجمع كل المواطن التي تُذكر بالغيب وغيرها. تلك ستكون جزءً من الإطلاق، يخشون ربهم بالغيب هي حالة من حالات الخشية وتلك خشية عامة مطلقة وهذه مقيّدة. * حينما يقيّد بالغيب ﴿وخشي الرحمن بالغيب﴾ إذا كانت الخشية من العبد لله بالغيب فهي في غير الغيب أعمّ بالنسبة للناس وهذا العموم يدخل فيه التقييد؟ لا، الخصوص يدخل فيه التقييد وليس العموم، العموم مطلق سواء كان في هذه أو غيرها. * ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ﴿23﴾ الزمر﴾ بدون بالغيب! الآية ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ هذا الأمر اقشعرار الجلود ولينها هل يشعر بها غير صاحبها؟ لا، مع الناس أو وحده؟ إذن دخل فيها ﴿بالغيب﴾ لأنه لا أحد يعلم غير الله سبحانه وتعالى فإذا قال هنا بالغيب ليس لها هنا موضع أصلاً، لا تفيد، هذا الأمر لا يعلمه إلا صاحبه وربنا سبحانه وتعالى، من يعلم بهذا؟ ﴿تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ هذه القشعريرة أمر داخلي ولين القلوب. * هذه القشعريرة أمر داخلي ولين القلوب يعلمه الله سبحانه وتعالى وفيه غيب! إذا قال هنا ﴿بالغيب﴾ ماذا ستفيد هذه العبارة؟ * إذن لا توجد في القرآن الكريم كلمة زائدة أبداً؟ لا، مستحيل. حتى في سورة الرعد أيضاً ذكر ﴿يخشون ربهم﴾ قال تعالى ﴿وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ ﴿21﴾ الرعد﴾ ليس فيها غيب، آية الزمر عرفناها فماذا عن هذه؟ هذا الأمر يتضح عند ذكر كل سياق ورد فيه ﴿بالغيب﴾ وهذه الآية، ينبغي أن يُعلم السياق حتى يعلم لماذا هنا لم يقيد وهناك قيد. نقرأ سياق آية الرعد هذه ونقرأ سياقات أخرى حتى يتبين الفرق لماذا هنا أطلق وهناك قيّد. في الرعد قال ﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿19﴾ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ ﴿20﴾ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ﴿21﴾ وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ ﴿22﴾ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ ﴿23﴾ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴿24﴾﴾ أطلق في هذه الآية. الآن نقرأ ماذا قال في الغيب، ماذا ورد في الغيب، قال تعالى في الأنبياء ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ ﴿48﴾ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ ﴿49﴾﴾. وفي موطن آخر ﴿إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴿18﴾ فاطر﴾ ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴿12﴾ الملك﴾ ﴿هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ﴿32﴾ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ ﴿33﴾ ق﴾ ﴿إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ﴿11﴾ يس﴾ هذه بالغيب وتلك مطلقة. لو لاحظنا أولاً حتى نفهم النص الذي يظهر من آية الرعد التي هي مطلقة وصفهم بأنهم أولو الألباب ذكر أولو الألباب ﴿إنما﴾ وقصّر التذكر عليهم ﴿إنما﴾ أداة قصر ﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾، ﴿الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ﴾ هذا وصف عام يشمل جميع كل ما أمر الله به، لا ينقضون الميثاق ﴿وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ﴾، يصلون ما أمر الله به أو يوصل ﴿وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾، يخشون ربهم ﴿وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ﴾، يخافون سوء الحساب ﴿وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ﴾، ﴿وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ﴾، ﴿وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً﴾، هذه مطلقة بالغيب وزيادة ﴿سِرًّا وَعَلَانِيَةً﴾، ﴿وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ﴾. جزاؤهم ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ ﴿22﴾ جَنَّاتُ عَدْنٍ﴾ يدخل معهم من صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم ﴿يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ﴾ والملائكة يدخلون عليهم يحيونهم سلام عليكم ﴿وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ ﴿23﴾ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾. لو نظرنا في جميع الآيات التي ورد فيها قوله ﴿يخشون ربهم بالغيب﴾ تشمل الجزء مما ذكر في آية الرعد. كما أطلق الخشية أطلق الوصف وأطلق الأجر، لما كانت الخشية بالغيب جزء من الخشية العامة تلاحظ كل ما ورد في القرآن في هذه المواطن هو جزء. حتى تكون المسألة واضحة، في الأنبياء قال ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ ﴿48﴾ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ ﴿49﴾﴾ ذكراً للمتقين، يخشون ربهم بالغيب، من الساعة مشفقون. لاحظ في سورة الرعد ﴿الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ ﴿20﴾ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ﴿21﴾ وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ﴾ ﴿في سورة الرعد أكثر﴾. في سورة الرعد أكثر فأصبح هذه الصفات ﴿الذين يخشون ربهم بالغيب﴾ جزء مما ذكر في الخشية العامة. نلاحظ في سورة فاطر ﴿إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴿18﴾﴾ أمران يخشون ربهم وأقاموا الصلاة هذه جزء مما ورد في سورة الرعد. في سورة الملك ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴿12﴾﴾ فقط يخشون ربهم بالغيب لم يذكر شيئاً آخر، سورة ق ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ ﴿31﴾ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ﴿32﴾ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ ﴿33﴾ ق﴾ متقين، أواب حفيظ من خشي الرحمن بالغيب، في سورة ق لم يذكر عبادة بدنية كلها عبادات قلبية ﴿أواب، حفيظ، قلب منيب﴾ لم يذكر عبادة بدنية مثل الإنفاق وإقامة الصلاة، سورة الرعد أعمّ. في سورة يس قال ﴿إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ﴿11﴾ يس﴾ لم يذكر صفات أخرى. إذن تلاحظ عندما قال ﴿بالغيب﴾ هي جزء من الخشية العامة والصفات التي ذكرها هي جزء من الصفات المطلقة المذكورة في قوله ﴿يخشون ربهم﴾. في يس قال ﴿مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ﴾ لكن نلاحظ في سورة الرعد ذكر اتباع الذكر على درجة الإحسان. أنت عندما تنفق تكون اتبعت الذكر لكن هؤلاء ما اكتفوا وإنما أنفقوا سراً وعلانية هذا إحسان في الانفاق ليس مجرد إتّباع. مثال آخر، هو قال ﴿وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ﴾ لاحظ ﴿وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ﴿40﴾ الشورى﴾ هذا اتّباع ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴿40﴾ الشورى﴾ هذا أعلى، ﴿وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ﴾ هذا أعلى، هذا إحسان في الإتباع وليس اتباعاً فقط. * إذن هو يقصد ليس مجرد إتباع الذكر وإنما الإحسان في الإتباع؟ فما ذكر في الرعد قال ﴿وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً﴾ ولما قال ﴿وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ﴾ هذا إحسان في الإتباع، إذن صارت آية يس جزء مما ورد في قوله ﴿يخشون ربهم﴾. لاحظ حتى الجزاء، الجزاء في آية الرعد أعلى مما ذكر في يس. في يس قال ﴿فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ﴾ وفي الرعد ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ ﴿22﴾ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ ﴿23﴾ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴿24﴾﴾. في يس قال مغفرة وأجر كريم الأجر لا يعني الجنة.الأجر هو الجزاء على العمل ولا يعني الجنة بالضرورة. قال تعالى ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ﴿66﴾ وَإِذًا لَآَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا ﴿67﴾ وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ﴿68﴾ النساء﴾ هذه في الدنيا وقال ﴿لَآَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أجراً عظيماً﴾ الجزاء على العمل وليس بالضرورة الجزاء هو الجنة. * إذن في يس ليس المغفرة والأجر الكريم لا يدل دلالة قاطعة على أن الجزاء هو الجنة؟ ليس بالضرورة وإنما الجزاء على العمل زولا يشترط أن يكون الجنة. ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ﴿20﴾ المزمل﴾ لا تعني الجنة. يمكن أن تكون حسنات لكن الأجر هو الجزاء على العمل. ما ذكر في الرعد أعلى لأنه ذكر الجنة ويدخلون عليهم من كل باب. قد تقول يخشون ربهم بالغيب أعلى من يخشون ربهم؟ هو أشمل لأن قد تكون أحياناً الخشية بالحضور أعلى من الخشية * كيف وقالوا ﴿ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه﴾؟ قسم من الناس ضعاف نفوس لا يحبون أن يُتهموا بالتدين يقولون هذا رجعي ويقولون هو معقد فيعمل أعمالاً أمام الناس لا يرتضيها هو ويخشى أن يُتهم بالرجعية والتخلّف ولو رجع إلى نفسه لا يفعلها، مثلاً أنا لست صائماً للتدين وإنما للصحة، يخجل أن يُتهم أنه متدين. يقول أنا لا أمتنع عن الخمر تديناً وإنما لأنها مذهبة للعقل أو تضر بالصحة، يعني هو يراعي الناس يفعل أفعالاً محرّمة بدافع المجاملة لا يخشى الله. الخشية أمام الناس وإظهارها أعل، يُظهر خشيته من الله أمام الناس ستكون أعلى وستكون أكمل لأن فيها إظهار وتعظيم لشعائر الله * مهما سمع من كلام ومهما اتُهم من انهامات هو ثابت! تقوية لضعفاء المؤمنين ولذلك ربنا ذكر عن قوم ﴿وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ ﴿45﴾ المدثر﴾ فإذن الخشية المطلقة أكمل وأشمل لأن أحياناً تكون الخشية أمام الناس وإظهار أنك تخشى الله هذه فيها تقوية للإسلام وتقوية لشعائر الدين وتقوية للآخرين. * إذا صنع هذا ربما يقال له هذا رياء مثلاً؟ المهم هو وأمام الناس قد تكون أكمل * يعني ذكر الخشية بتقييد الغيب هذه أشمل؟ أشمل، ولذلك كان أجرها كما ذكر كثير. * هل الله سبحانه وتعالى فعلاً يحب اللغة العربية؟ وإذا كان يحبها هو أنزل كتباً أخرى بغير لغات؟ هو تحدى بها الخلق وتحدى بها الناس وتحدى به العرب لم يتحدى بلغات أخرى. * هذا التحدي فيه تعظيم للغة، يتحدى بها لأنها قوية في حد ذاتها. والله هذا يفسر لنا الإنهيالات التي تنهال على اللغة العربية ولن تنال منها ولن تطال إن شاء الله. نكمل رحلتنا مع الخشية بالغيب والخشية بدون غيب بالشمول والعموم. ذكرنا الآن الفرق بين الخشية المطلقة وبين الخشية المقيّدة. أذكر أمراً في هذه الآية ﴿إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ﴿11﴾ يس﴾ وفي هذه الآية ذكر نوعين من العبادة عبادة ظاهرة ﴿اتبع الذكر﴾ وعبادة قلبية ﴿خشي الرحمن بالغيب﴾ وذكر نوعين من الجزاء ﴿مغفرة وأجر كريم﴾ المغفرة ما يتعلق بالذنوب والأجر الكريم ما يتعلق بالعمل الصالح إذن شمل كل أنواع العبادة القلبية والظاهرة وكل أنواع العمل العمل السيء مغفور لهم والعمل الصالح مأجورون عليه.
﴿ إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ ۖ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ﴾ سورة يس ﴿١١﴾