الإعدادات
برنامج لمسات بيانية قال تعالي في سورة البقرة : ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ [ البقرة : 2 ] . وقال في سورة الإسراء : ﴿ إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [ الإسراء : 9 ] . سؤال : لماذا أشار إلي كتاب في آية البقرة بـ : ﴿ ذلك ﴾ الذي هو للبعيد , وأشار إلي القرآن في آية الإسراء بـ : ﴿ هذا ﴾ الذي هو للقريب ؟ الجواب : أشار إلي الكتاب بـ : ﴿ ذلك ﴾ ليدل علي علوه وبعده عن الريب , وأنه بعيد المنال عن أن يؤتي بمثله كما قال تعالي : { وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ... } [ البقرة : 23 – 24 ] . بخلاف قوله في الإسراء : ﴿ إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [ الإسراء : 9 ] فلما كان الأمر في ذكر هداية الناس ومعرفتهم به وبأحكامه , انبغي أن يكون قريبا منهم . ولا يحسن أن يقال في آية الإسراء : ﴿ إن ذلك الكتاب يهدي للتي هي أقوم ﴾ وذلك أنه تقدم قوله : ﴿ وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ﴿2﴾﴾ [ الإسراء : 2 ] . فلو قال : ﴿ إن ذلك الكتاب ﴾ لكانت الإشارة محتملة إلي كتاب موسي , وكذلك لو قال : ﴿ هذا الكتاب ﴾ . فذكر القرآن الذي هو علم علي كتاب سيدنا محمد – صلي الله عليه وسلم - . هذا إضافة إلي أنه لم ترد الإشارة إلي لفظ القرآن إلا بـ : ﴿ هذا ﴾ ؛ لأنه من القراءة , والقراءة ينبغي أن تكون من شئ قريب , قال تعالي : ﴿ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ ﴾ [ الأنعام : 19 ] . وقال : ﴿ وَمَا كَانَ هَـذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ ﴾ [ يونس : 37 ] . وقال : ﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ ﴾ [ الإسراء : 89 ] . وقريب من هذا قوله تعالى : ﴿ وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ ﴾ [ الأنعام : 155 ] . وقوله : ﴿ وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾ [ الانعام : 92 ] . وذلك أنه لما قال : ﴿ أنزلناه ﴾ صار قريبا . وقال تعالي : ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً ﴾ [ الأحقاف : 12 ] فأشار بـ : ﴿ هذا ﴾ , وذلك أنه قال في الآية : ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ ﴾ [ الاحقاف : 12 ] . فلو قال ﴿ وذلك الكتاب ﴾ لاحتملت الإشارة إلي كتاب موسي الذي تقدم ذكره في الآية
﴿ ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ سورة البقرة ﴿٢﴾
﴿ إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ سورة الإسراء ﴿٩﴾