صفحات الموقع
﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لِي وَلۡيُؤۡمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمۡ يَرۡشُدُونَ١٨٦ [البقرة: 186] * * * 1- ورود هذه الآية بين آيات الصوم يدل على أن الصوم من دواعي الإجابة ، فإن الصائم مجاب الدعوة حتى يفطر. ﴿﴿ وفي ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدعاء متخللة بين أحكام الصيام إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال الفطر ، بل وعند كل فطر. وفي الحديث: للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة. ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل ، والصائم حتى يفطر ، ودعوة المظلوم ... . 2- لقد تكفل الله بالإجابة عن السؤال ولم يكلهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:﴿فَإِنِّي قَرِيبٌۖ ولم يقل: ﴿فقل لهم إنه قريب كما قال سبحانه: ﴿ وَيَسۡ‍َٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡمَحِيضِۖ قُلۡ هُوَ أَذٗى فَٱعۡتَزِلُواْ ٱلنِّسَآءَ فِي ٱلۡمَحِيضِ [البقرة: 222]. وقال: ﴿يَسۡ‍َٔلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهۡرِ ٱلۡحَرَامِ قِتَالٖ فِيهِۖ قُلۡ قِتَالٞ فِيهِ كَبِيرٞۚ [البقرة: 217] وقال: ﴿ وَيَسۡ‍َٔلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَۖ قُلِ ٱلۡعَفۡوَۗ [البقرة: 219] وقال: ﴿فَإِنِّي قَرِيبٌۖ ولم يقل: ﴿فأنا قريب لتأكيد قربه سبحانه من عباده. 3- وتكفل الله بالإجابة إذا دعاه العبد فقال: ﴿أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ ولم يعلق ذلك بالمشيئة فلم يقل: ﴿إن شئت أو شاء ربك كما في قوله تعالى:﴿قُلۡ أَرَءَيۡتَكُمۡ إِنۡ أَتَىٰكُمۡ عَذَابُ ٱللَّهِ أَوۡ أَتَتۡكُمُ ٱلسَّاعَةُ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ تَدۡعُونَ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ٤٠ بَلۡ إِيَّاهُ تَدۡعُونَ فَيَكۡشِفُ مَا تَدۡعُونَ إِلَيۡهِ إِن شَآءَ وَتَنسَوۡنَ مَا تُشۡرِكُونَ٤١ [الأنعام: 40-41] وفي الحديث: ﴿﴿ ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم ؛ إلا أعطاه الله تبارك وتعالى إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته؛ وإما أن يدخر له ، وإما أن يكف عنه من السوء بمثلها ، ذلك أنه داع في وقت طاعة. 4- وقدم الإجابة الدالة على جواب الشرط ، فقال:﴿أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ ولم يقل: ﴿إذا دعاني أجيبه للدلالة على قوة الوعد بالإجابة. 5- وقال: ﴿إِذَا دَعَانِۖ ولم يقل: ﴿إن دعان إشارة إلى أن العبد مطلوب منه أن يكثر من الدعاء، فإن ﴿إِذَا للمقطوع بحصوله ، او للكثير الوقوع. وإن الإكثار من الدعاء والإلحاح به مدعاة إلى الإجابة. 6- قال: ﴿أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ فالدعاء شرط للإجابة ، وهو مطلوب ، بل هو مخ العبادة. وربنا يغضب إذا لم يُدعَ ، وقد غضب ربنا على أقوام أخذهم بالبأساء والضراء فلم يتضرعوا فقال:﴿وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَآ إِلَىٰٓ أُمَمٖ مِّن قَبۡلِكَ فَأَخَذۡنَٰهُم بِٱلۡبَأۡسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمۡ يَتَضَرَّعُونَ٤٢ فَلَوۡلَآ إِذۡ جَآءَهُم بَأۡسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَٰكِن قَسَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ٤٣ [الأنعام: 42-43] وقال:﴿وَلَقَدۡ أَخَذۡنَٰهُم بِٱلۡعَذَابِ فَمَا ٱسۡتَكَانُواْ لِرَبِّهِمۡ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ٧٦ [المؤمنون: 76] وقال ربنا لنبيه: ﴿قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلۡفَلَقِ١ و ﴿قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ١ فأمره بالاستعاذة قولًا بأن ينطق بذلك ولا يكفي الشعور في القلب. 7- قال: ﴿أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ ولم يقل: ﴿أجيب الداعي. لأن المطلوب هي الدعوة ، وهي ما يريده الداعي وما يبتغيه. 8- وقال: ﴿أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ ولم يقل: ﴿أجيب دعوتهم إذا دعوني أو: ﴿فقل لهم إني أجيب دعوتهم إذا دعوني وذلك بقصد الشمول ، ليشمل كل داع ، ولا يخص السائلين عنه سبحانه ، فشمل كل داع إلى يوم القيامة . 9- وقال ﴿عِبَادِي بالياء ، ولم يقل ﴿عبادِ بحذف الياء للدلالة على أنه يجيب عباده كلهم إذا دعوه. فإن القرآن يستعمل ﴿عِبَادِي لمن هم أكثر من ﴿عباد. ﴿فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لِي أي: فليجيبوا لي إذا دعوتهم للإيمان والطاعة ، كما أني أجيبهم إذا دعوني لحاجتهم. ﴿وَلۡيُؤۡمِنُواْ بِي أي: أمر بالثبات والدوام على الإيمان ، كقوله تعالى:﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ ءَامِنُواْ جاء في ﴿نظم الدرر: ﴿﴿ ولما أوجب استجابته سبحانه في كل ما دعا إليه ، وكانت الاستجابة بالإيمان أول المراتب وأولاها، وكانت مراتب الإيمان في قوته وضعفه لا تكاد تتناهى ، قال مخاطبًا لمن آمن وغيره:﴿وَلۡيُؤۡمِنُواْ بِي أي: مطلق الإيمان أو حق الإيمان. ﴿لَعَلَّهُمۡ يَرۡشُدُونَ. أي: يهتدون لمصالح دينهم ودنياهم ، وإصابة خيري الدنيا والآخرة. لقد سبقت الآية بقوله سبحانه: ﴿وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمۡ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُون قيل: ليدل على أن الدعاء يكون بعد الثناء على الله وطاعته ، كقوله: ﴿ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيم وقد سبق بالثناء عليه ﴿من كتاب: قبسات من البيان القرآني للدكتور فاضل السامرائي- صـ 19: 23

﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ سورة البقرة ﴿١٨٦﴾

المصدر: https://quranpedia.net/note/48698