صفحات الموقع
برنامج لمسات بيانية آية ﴿٥٠ : ﴿وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ * قصة هود في القرآن الكريم وردت في مواضع متعددة: في سورة الأعراف - أول سورة ذكرت فيها هذه القصة أول ما نقرأها نلاحظ أن هودًا دعا قومه إلى عبادة الله وتوحيده أول الأمر ﴿وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴿٦٥ هذا أول ما نجد فيها. - فتصدى له أشراف القوم الملأ سفّهوه واتهموه بالكذب ﴿قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴿٦٦ فهو نفى أن يكون به سفاهة وأكّد أنه رسول من رب العالمين ونفى أن يكون من الكاذبين ﴿قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٦٧ . - فرفضوا هذا الكلام ﴿قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴿٧٠ تحدّوه، هذا صار كلام شديد أنه سفيه وكاذب. - اشتد هو عليهم قال ﴿قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ﴿٧١ هم قالوا ﴿فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا قال ﴿فَانْتَظِرُوا ما دام هكذا إذن ﴿فَانْتَظِرُوا كان جواباً لما طلبوه ﴿فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا . - ثم جاء الأمر الحاسم بإهلاك المكذبين تصديقاً لما وعدهم به ﴿فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ ﴿٧٢ . في سورة هود - دعاهم إلى توحيد الله ﴿قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ لكن الكلام لا يطابق ما ذكره في الأعراف لأنه قال ﴿أَفَلَا تَتَّقُونَ وهنا قال ﴿إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ . - ردوا عليه ﴿قَالُواْ يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ إلى آخر ما ذكرنا، لكن الملاحظ أن المواجهة في الأعراف كانت مع الملأ وفي هود كانت مع عموم القوم وليست مع الملأ، كانت أول مرة هم توجهوا إليه واشتدوا عليه، أيهم الأشدّ؟ الملأ المتسلطين أو عموم الناس؟ الملأ، نلاحظ أن الكلام اختلف، هناك كان الكلام مع الملأ ﴿إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ كان الكلام قوياً، هنا أخفّ عموم الناس. - لم يصفوه بالسفه وما صرّحوا بكذبه هناك قالوا ﴿وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ هنا قالوا ﴿مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ . - لما كانت المواجهة في الأعراف أشدّ كما ذكرنا وتحدّوه ﴿فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا كانت العقوبة أشد قال ﴿فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ ﴿٧٢، في هود ما قال ذلك قال ﴿وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ما قال قطعنا دابر الذين كذبوا، في الأعراف هم تحدوه وفي هود هو تحداهم. إذن نلاحظ أنه ذكر في كل موطن ما لم يذكره في الآخر، لم تتكرر. في سورة الشعراء - بدأ القصة بقوله ﴿كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ﴿١٢٣ هذه ما تبدأ به جملة القصص في هذه السورة عمومًا. - نلاحظ كيف دعاهم؟ ما ذكر أنه دعاهم إلى عبادة الله وتوحيده وإنما أمر آخر التقوى والطاعة ﴿إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴿١٢٤ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴿١٢٥ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴿١٢٦ عموم الرسل في سورة الشعراء قالوا هذا القول. - بكّتهم بما يفعلون قال ﴿أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آَيَةً تَعْبَثُونَ ﴿١٢٨ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ﴿١٢٩ وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ﴿١٣٠ هذه صفات ما ذكرها هناك. - ذكّرهم بالنعم التي أمدهم بها رب العالمين ما ورد في قصة هود في المواضع الأخرى هذا الكلام، ملمح جديد هذا. - ﴿قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ ﴿١٣٦ إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ ﴿١٣٧ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ﴿١٣٨ لا سفاهة ولا غيرها، هذا أمر آخر لأن الدعوة ليست في يوم واحد ولا في موطن واحد، عمر وهو ويدعوهم كل مرة يقول شيء وهم يقولون شيئاً لا يتكرر نفس الكلام، هذه مواقف دعوة يدعوهم في كل مكان في كل مناسبة لا يكرر نفس الكلمات وإن كانت نفس المعاني لكن يقول أشياء أخرى حتى يذكّرهم. إذن الآن موقف آخر ﴿قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ تعظ أو لا تعظ سواء علينا فأهلكهم ﴿فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴿١٣٩ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿١٤٠ وهذا التعقيب جرى بعد عموم القصص، موقف البشرية من رسلهم يكاد يكون واحدًا. في سورة فُصلت - ذكر استكبارهم واعتداهم بقوتهم واغترارهم بها حتى قالوا ﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ﴿١٥ هم كانوا مغترين بقوتهم، هذا شيء لم يذكره فيما سبق، هذا ملمح آخر. - ثم ذكر عقوبتهم وأنه أرسل عليهم ريحًا صرصرًا أذاقتهم عذاب الخزي في الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى ﴿١٦ هذا أول موضع يذكر فيه نوع العذاب ما قال في السابق ريح وإنما ذكر عقوبة على العموم، أذاقتهم عذاب الخزي كما كانوا يغترّون أخزاهم في الدنيا وفي الآخرة أخزاهم. - لم يذكر دعوة رسولهم لهم ولا موقفهم، لخّص قصتهم لمن يعتبر. في سورة الأحقاف - أول مرة تذكر مساكنهم وأنها بالأحقاف في جنوب اليمن ﴿وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ ﴿٢١ . - رسولهم أنذرهم وحذّرهم ﴿أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿٢١ في الدنيا والآخرة. - ﴿قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا ﴿٢٢ حتى تصرفنا عن الآلهة ﴿فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴿٢٢ هم تحدّوه فلما خوّفهم بعذاب عظيم، كيف العقوبة؟ - ننظر شيئاً آخر ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ﴿٢٤ لما رأوا السحاب قالوا هذا عارض ممطرنا فأرسل عليهم ريحاً دمرتهم وأهلكتهم فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم، وهذه أول مرة تذكر فيها المساكن الخالية، إذن هذا أمر جديد، كيف يكون تكراراً؟ في الذاريات والقمر والحاقة والفجر - لم يذكر دعوة ولا موقفهم من رسولهم، وإنما ذكر عاقبتهم وهلاكهم، لا تكرار. *هذه المواضع ليست متطابقة كل مرة يذكر جانبًا من القصة بحسب ما يراد التركيز عليه لكن ليس فيها تكرار، لكن قد يكون هناك موضع تفصيل وقد يكون جانب إيجاز، حتى نحن في أحوالنا العادية نذكر الحوادث نذكر في كل مناسبة جانبًا من الحادثة ما يتناسب مع المقام، لو أخذنا مثلًا: التذكير بالنعم: في الأعراف أول سورة ذكرت فيها قصة هود قال ﴿وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً ﴿٦٩ ذكرهم ببسطة أجسامهم وهي القوة، ثم قال ﴿فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ لكن لم يذكر ما هي الآلآء هم يعرفونها، ذكرها على العموم. في هود دعاهم إلى الاستغفار والتوبة حتى ربهم يمدهم ببركات السماء ويزدهم قوة إلى قوتهم ﴿وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ معناه أن الله أعطاهم قوة فيما دعاهم إليه سيزيدهم قوة إلى قوتهم لكن ما هي القوة لم يذكر أيضًا وإنما أشار إلى ما في الأعراف، ذكر القوة على العموم ، ما فسّرها. في الشعراء ذكر شيئًا من مظاهر قوتهم وعدد آلآء الله عليهم كيف تصرفوا في هذه النِعَم في الأعراف لم يذكر ما هي الآلآء وهنا ذكر التفصيل قال ﴿أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آَيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ * وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ * أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ * وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴿١٢٨-١٣٤ البناء والقوة والأنعام والبنين والجنات والبساتين. في فُصِّلت ذكر شيء آخر استكبارهم في الأرض بغير الحق واعتدادهم بقوتهم واغترارهم بها والاستطالة على خلق الله قال ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ﴿١٥ . في الأحقاف والذاريات والقمر والحاقة نلاحظ أنه لم يذكر شيئًا من النعم ولكن ذكر أمورًا أخرى مثل الهلاك وما إلى ذلك. في الفجر لم يذكّرهم بالنعم وإنما وصفهم ووصف بلادهم بأنها ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد ثم ذكر أنه صب عليهم العذاب، النقمة. العاقبة والهلاك أيضًا ذكر في كل مرة جانب من جوانب العقوبة، أحيانًا على وجه العموم وأحيانًا يفصّل: في الأعراف أول ما بدأت قال ﴿فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ ﴿٧٢ كيف قطع دابرهم؟ ما هي العقوبة؟ ما الذي حصل؟ لم يذكر فقط ذكر نجاته ونجاة من معه وقطع دابر الآخرين. في هود لم يذكر نوع العقوبة وإنما ذكر الأمر بصورة أخرى قال ﴿وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴿٥٨ ولم يذكر أنه قطع دابر الذين كذبوا وإنما نجاهم من عذاب غليظ، ما هو هذا العذاب الغليظ؟ ما هي العقوبة؟ ما فصّل، لم يذكر ثم قال ﴿وَأُتْبِعُواْ فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴿٦٠ . في الشعراء قال ﴿فَأَهْلَكْنَاهُمْ ﴿١٣٩ ولم يذكر كيفية الإهلاك ولم يذكر نجاته ونجاة من معه، خوفهم بالعذاب قال ﴿إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿١٣٥ ﴿وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ﴿١٣٨ قال ﴿فَأَهْلَكْنَاهُمْ لم يذكر لا نجاته ولا نجاة من معه. في فُصلت أول موطن يذكر فيه نوع العقوبة ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ ﴿١٦ لكن كيف؟ كم يوم؟ ماذا فعلت بهم الريح؟ ما فصّل لكن ذكر نوع العذاب الريح الشديدة ولم يذكر نجاة هود والذين معه وإنما فقط ذكر العقوبة وحذّر قريش أن تصيبهم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود فأشار أن هناك صاعقة هكذا على العموم. في الأحقاف زاد في وصف الريح كيف جاءت على هيئة سحاب ممطر فاستبشروا بها فإذا هي ريح مدمرة ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿٢٤ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ ﴿٢٥ فقط المساكن خاوية! ذكر الديار والدمار على العموم ، وهذا هو الموطن الوحيد الذي ذكر محل سكناهم وهو الأحقاف في جنوب اليمن ﴿وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ ﴿٢١، ولم يذكر نجاتهم بعد ذلك. في الذاريات الآن زاد في وصف الريح قال عقيم لا تأتي بخير وذكر عتوها ما تأتي على شيء إلا دمرته دمارًا كاملًا ﴿وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ ﴿٤١ التي لا تأتي بخير أبدًا ﴿مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ﴿٤٢ لم تبق منهم شيئًا، كلهم أبيدوا. في القمر أول موطن يذكر فيه ما فعلته الريح بالناس خصوصًا، خصّص الوصف ﴿كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ﴿١٨ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ ﴿١٩ تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ ﴿٢٠ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ﴿٢١ كأنه مخلوع من جذوره. في الحاقة زاد في وصفها وذكر أنها عاتية ﴿رِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ وذكر مدتها وهذه أول مرة يذكر كم استمرت هناك ﴿سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ﴿٧ ﴿فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ الآن ولم يبق من عاد أحد. في الفجر ذكر المدينة ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ﴿٦ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ﴿٧ لم تذكر في موضع آخر، قسم قال المدينة وقسم قال القبيلة، قال ﴿فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ﴿١٣انتهى المشهد وما أتى ذكرهم في القرآن بعدها. - لا تكرار مطلقًا، ففي الأعراف ذكر النجاة والإهلاك إجمالًا، في هود ذكر النجاة ولم يذكر عقوبة إنما قال ﴿وَأُتْبِعُواْ فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً في الشعراء وفصلت والأحقاف والذاريات والقمر والحاقة والفجر ذكر العقوبة والإهلاك فقط ولم يذكر نجاة وكل واحد منها متناسب مع السياق في كل سورة ومع جو السورة. لاحظت أنه لم يذكر أن هودًا دعا على قومه مثلما صنع سيدنا نوح، كأن نوح لهذه المدة الطويلة التي قضاها استدعت أن يدعو على قومه، ولم يذكر حال امرأة هود كما ذكر حال امرأة لوط ونوح، وما ذكر الأبناء كما ذكر ابن نوح. * ناداهم بـ ﴿يَا قَوْمِ يستعطفهم ليسمعوا قوله ويلينوا له وهذا شأن الداعية أن يأتي بالقول اللين للسامعين، الكلمة الطيبة والحنان واللين في القول أحيانًا يفتح القلوب أكثر من القول نفسه، ولذلك في الغالب أنه يقول ﴿وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا أخاهم يعني منهم إلا في شعيب عليه السلام أُرسل إلى قومين إلى مدين وإلى أصحاب الأيكة، لما يذكر مدين يقول ﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ﴿٨٤ لأنه منهم ولما يذكر أصحاب الأيكة ما يذكر ﴿أَخَاهُمْ لأنه ليس منهم. * ﴿مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ ﴿من الاستغراقية بمعنى ليس هنالك إله مطلقاً البتّة نفي للجنس عمومًا، ولو قال ما لكم إله غيره تحتمل أنه ليس هناك إله واحد بل إنما أكثر من إله. * في الأعراف قال ﴿أَفَلاَ تَتَّقُونَ وفي هود قال ﴿إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ: في الأعراف أول موضع ذكر فيه قصة هود في القرآن أول تبليغ لهم فلا يناسب ذكر الافتراء، افتراء على ماذا؟! لا يستوي أن ينعتهم بالكذب ما قالوا شيئاً لا يناسب، والآن هو يدعوهم مناسبة الدعوة تقوى الله ﴿وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ ﴿٦٥ في أول موضع لا يصح أن يقول تفترون، هو دعاهم إلى عبادة الله وذكروا استمساكهم بالآلهة وردوا على نبيهم ورد عليهم ﴿قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴿٧٠ والنبي اشتد عليهم ﴿قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ ﴿٧١ اتخذوا شركاء فمناسب أن يقول ﴿أَفَلاَ تَتَّقُونَ. في هود الأمر شكل آخر، صارت أمور وصار نقاش وصار كلام وحصل أخذ ورد هذه قصة هود ما ورد في هود بعدما ورد في الأعراف عندما دعاهم أول مرة فاستمسكوا بآلهتهم وردوا ﴿قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا ﴿٧٠ الأعراف هذا في البداية ثم اشتد عليهم نبيّهم ﴿قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ ﴿٧١ هذه في الأعراف بعد الأخذ والرد ﴿أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم ﴿٧١، إذن هم افتروا على الله، افتروا باتخاذهم آلهة ﴿أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ﴿٧١ إذن هم افتروا باتخاذهم الأوثان، فإذن ناسب هنا بعد الأخذ والرد أن يقول ﴿إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ لكن لا يناسب أن يقولها في البداية، كأنما هنا هذا الكلام استكمال لما ورد في الأعراف، لا يزال السياق مستمرًا. * نفى أيضًا بـ ﴿إن وإلا ولم يكن النفي بـ﴿ما أنتم إلا مفترون لأن ﴿إن أقوى في النفي من ﴿لا مثل ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴿٣ بعدها قال ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴿٤ النجم ما ينطق عن الهوى يمكن أن تقولها عن أي إنسان تراه صادقًا لا ينطق عن الهوى، لكن ليس فيه اشتداد كبير عليه في هذا الوصف لكن ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى هذا هو مدار الاختلاف. * ﴿إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ جاء بالحصر وبقوة لأنهم قالوا ﴿وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ ﴿إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ صار بينهما أخذ وكلام فنفى الافتراء أشد ما يكون فنفاها بأقوى ما تكون بالقصر وبـ ﴿إن .

﴿ وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ سورة هود ﴿٥٠﴾

المصدر: https://quranpedia.net/note/49225