صفحات الموقع
برنامج لمسات بيانية قال تعالي في سورة الأنعام : ﴿ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ [ الأنعام : 90 ] . وقال في سورة يوسف : ﴿ وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ [ يوسف : 104 ] . سؤال : لماذا قال في الأنعام ﴿ أجرا , وقال في يوسف : ﴿ من أجر ؟ ولماذا قال في الأنعام ﴿ ذكري , وقال في يوسف : ﴿ ذكر ؟ الجواب : 1- ﴿ الذكر أعم من ﴿ الذكري , فإن ﴿ الذكر يكون بمعني التذكير والموعظة , ويكون بمعني الحفظ للشئ , ويكون بمعني الشرف , وله معان أخري . اما ﴿ الذكري فإنها بمعني التذكير , فهي بعض معاني الذكر . ولما كان الذكر أعم ناسب ذلك قوله : ﴿ من أجر بـ ﴿ من الدالة علي الاستغراق والعموم والتوكيد . وناسبت الذكري قوله : ﴿ أجرا الذي هو أقل عموما وتوكيدا من قوله : ﴿ من اجر . 2- إن من معاني ﴿ الذكر – كما ذكرنا – الحفظ للشئ - , وناسب ذلك ذكره بعد قصة يوسف ؛ الذي حفظه ربنا من كل كيد . ومن معانيه الشرف , والصيت , وناسب ذلك ذكره بعد قصة يوسف ؛ الذي اصبح له الشرف والصيت . 3- إن آية الأنعام واحدة في سياقها , وهي قوله سبحانه : ﴿ أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ [ الأنعام : 90 ] . وبعدها أمر آخر , وذلك قوله : ﴿ وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ ﴿91 [ الأنعام : 91 ] وما قبلها في الرسل الآخرين . أما السياق في يوسف , فهو سياق رسالة الاسلام , وهو أكثر إفاضة وتوسعا في سياقه . قال تعالي : { ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ [102] وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [103] وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ [104] وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ [105] وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ [106] أَفَأَمِنُواْ أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ [107] قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [108]} [ يوسف : 102 – 108 ] . والتوسع في السياق والإفاضة فيه يدل علي الاهتمام به وتوكيده فناسب ذلك إدخال ﴿ من الاستغراقيه ؛ للدلالة علي الشمول والاستغراق , وتوكيد ما دخلت عليه . وإضافة إلي هذا , إن قوله : ﴿ مِنْ أَجْرٍ أكثر عددا في الحروف من قوله : ﴿ أجرا فناسبت السعة السعة والايجاز الايجاز . فكانت المناسبة من أكثر من وجه . 4- قوله : ﴿ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ يعني أنه تذكير لهم , وأنه حفظ لهم من الضياع والانحلال والانحطاط والهلاك , وأنه شرف لهم , فلا يحيون كحياة البهائم . وهذه المهمة شاقة علي رسول الله , وهي أشق من مجرد التذكير , فلربما ظن ظان أن ذلك يستدعي طلب الأجر علي هذه المهمة , فنفي ذلك علي سبيل الاستغراق , والتوكيد . وليس السياق كذلك في الأنعام , فإن الذكري إنما هي جزء من الذكر كما ذكرنا , فناسب كل تعبير موضعه . ﴿أسئلة بيانية في القرآن الكريم

﴿ وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ سورة يوسف ﴿١٠٤﴾

المصدر: https://quranpedia.net/note/49391