من مظاهر الإعجاز البلاغي في القرآن إيثار لفظٍ بَدَلَ آخرٍ، فتأمل -مثلًا-: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾، فما السرُّ في التعبير عن الدين بالكمال، وعن النعمة بالتمام؟ السر -والله أعلم- أنَّ الكمال لا زيادة عليه، ومن هنا يعلم أنه لا زيادة في الدين؛ لأنه اكتمل، أما النعمة فعبر عنها بالتمام؛ لأنَّ التمام يقبل الزيادة ليصل إلى الكمال، ودليل ذلك أن النعم تختلف من زمن إلى آخر، فما يتنعم به بعض الفقراء اليوم لم يكن يحلم به هارون الرشيد في زمنه.