صفحات الموقع
آية ﴿111-﴿112: * ما وجه الإعجاز البلاغي في الآيتين ﴿111 - ﴿112 في سورة النحل ؟﴿د.فاضل السامرائى نحن لا نتكلم في الاعجاز البلاغي وإنما نتحدث في اللمسات البيانية لأن الإعجاز فهو فوق ما نستطيع نحن نذكر بعض الأمور البيانية في القرآن الكريم. الآيتان هما ﴿يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ﴿111 قال وتوفى كل نفس ما عملت وفي آيات أخرى قال ﴿وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ ﴿281 البقرة وآل عمران ﴿فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ ﴿25. في آية النحل قال ماعملت. في سياق الأموال يقول ﴿ما كسبت وفي سياق العمل يقول ﴿ما عملت. في آل عمران ﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ﴿161 آل عمران الغل هو الأخذ من المغنم قبل اقتسام الغنائم، وهو متعلق بالأموال والكسب فقال ﴿ما كسبت، في البقرة في سياق الأموال ﴿وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ ﴿281 البقرة وقبلها أمور مادية من ترك الربا ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴿278 البقرة الربا كسب حرام، آية المعسِر ﴿وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ﴿280، آية الدين ﴿﴿282 البقرة في سياق الأموال فناسب ذكر الكسب أما آية النحل ليس لها علاقة بالكسب وقال قبلها ﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿110 النحل ليس فيها كسب فالجهاد والفتنة والصبر ليست كسباً. ففي سياق الأموال قال كسب وفي سياق الأعمال قال عمل. في الآية الأخرى ﴿وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ﴿112 نلاحظ قدّم أول مرة الأمن على الرزق قال ﴿قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ وبعدها مباشرة قدم الجوع على الخوف أي الرزق على الأمن فقال ﴿فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ ليستا على نسق واحد ولو كانت على نسق واحد لقال الخوف والجوع. فيما يظن أن السياق يقتضي أن يمشي في الآية كما في الأول لكنه قال ﴿كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا الرزق لا يأتي إلا إذا كانت السُبُل آمنة والمدينة آمنو فإذن لما قال يأتيها رزقها رغداً من كل مكان ويسبق هذا الإتيان الأمن وإلا لا يمكن أن تصل إذا لم تكن السبل والمدن آمنة ولذلك هذا أمر طبيعي فقدم الأمن على الإتيان. ﴿فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ الإنسان يحتاج إلى الطعام أكثر من الأمن لأنه يموت من غيره حتى لو كان خائفاً فقدّم ما هو أولى وما به دوام حياته وما يحتاجه الإنسان. في كلا الموضعين قدّم الأَوْلى. ثم نلاحظ قال ﴿فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ لم يقل نِعَم الله أنعم جمع قِلّة ونِعم جمع كثرة، كفران أنعم الله يؤدي إلى هذا فكيف لو كفر الإنسان بالنعم؟! عندما كفروا بالقليل أذاقهم الله تعالى لباس الجوع والخوف فما بالك لو كفروا بالكثير؟!. قال ﴿فأذاقها للدلالة على المباشرة لأن الإذاقة مباشرة الشيء. ثم قال ﴿لباس لأن اللباس يشتمل ﴿فأذاقها الله لباس الجوع والخوف أي شملهم الجوع والخوف كما يشتمل اللباس على الإنسان. قال في آية أخرى ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ﴿4 قريش هذا من باب ذكر النعم وليس من باب كفران النعم. ثم قال ﴿بما كانوا يصنعون قال يصنعون ولم يقل يعملون أو يكسبون لأن الصنع هو إحسان العمل فهم كانوا يصنعون السوء صناعة وراسخون في هذه الصنعة ولذلك لم يقل يعملون ولكن شملهم العذاب كما يشملهم الجوع والخوف بما كانوا يصنعون. الفرق بين العمل والصنع أن الصنع هو إحسان العمل. و ﴿بما تحتمل أمرين المصدرية والموصولة ﴿بما لم يقل بما كانوا يصنعونه لو قال بما كانوا يصنعونه لكانت إسم موصول ﴿بالذي كانوا يصنعونه يذكر العائد لكن لما قال ﴿بما كانوا يصنعون تحتمل أمرين: بصنعهم وبالذي يصنعونه، بعموم الصنع وبالأشياء التي يصنعونها. إذن ذكر جملة أمور أدت إلى ما هم فيه. في الاية قبلها قلنا أن الكسب منوط بالمال في الغالب ولهذا يقول تعالى ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ﴿134 البقرة جعلها كالأموال وككسب الإنسان. *ما دلالة تأنيث الفعل فى قوله تعالى﴿يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا ﴿111 النحل؟﴿د.فاضل السامرائى في التركيب الإضافي يجوز التذكير والتأنيث لكن بشرط في مواطن، بشرط أن يكون المضاف جزء أو كالجزء في الاستغناء عنه ﴿يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا ﴿111 النحل كلّ مذكر ونفس مؤنث فقال تأتي.

﴿ ۞ يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ سورة النحل ﴿١١١﴾

المصدر: https://quranpedia.net/note/44398