صفحات الموقع
﴿وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴿23 قال ﴿من كفر بالماضي وقبلها قال ﴿ومن يسلم بالمضارع. في آية سابقة قال تعالى ﴿وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ﴿40 النمل الشكر يتجدد وينبغي أن يتكرر لأن النعم متكررة متجددة فكل نعمة تستوجب شكر فقال ومن يشكر أما الكفر يكفي أن يكفر فمسألة واحدة ﴿ومن كفر. قلنا من يسلم وجهه إلى الله، يفوض أمره إلى الله أو يتبع أوامر الله الاتّباع مسائل كثيرة وما يقتضي التفويض إلى الله أمور كثيرة متعددة في الحياة فقال ﴿ومن يسلم أما من كفر ليس بالضرورة أن يتجدد الكفر لو كفر في الاعتقاد مرة واحدة فلا يحتاج إلى التكرار. ﴿وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ ﴿22 لقمان قلنا إما يتبع أوامر الله أو يفوض أمره إلى الله وقلنا الإتباع في أمور كثيرة والتفويض تفويض الأمور إلى الله وما يحصل فيها والمصائب التي تقع عليه وما يحذره وما يخافه أمور كثيرة جداً فقال ﴿ومن يسلم وجهه. *ما دلالة الفاء في ﴿وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ ثم ما دلالة هذا التعبير بالذات وما اللمسات البيانية فيها؟ ﴿وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ لو تأملنا فيه فهو تعبير غريب وليس مثل فلا تحزن لكفره، الكفر فاعل والكاف المخاطب مفعول به ﴿المخاطَب هو الرسول ، في اللغة المنهي هو الفاعل لما أقول لا يضرب محمد خالداً المنهي هو محمد، المنهي هو الفاعل ففي الآية الكفر هو المنهي وليس الرسول . المعنى العام لا تحزن لكفره هذا أصل المعنى لكن كيف اختار التعبير؟ لماذا لم يقل فلا تحزن لكفره. في اللغة المنهي هو الفاعل إلى المفعول. لم يقل تعالى فلا تحزن وإنما قال ﴿فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ الكاف مفعول به. لو قال لا تحزن يكون الفاعل المخاطب ﴿أنت لكن في الآية المنهي هو الكفر. المنهي في الآية هو الكفر يعني أيها الكفر لا تُحزِن رسول الله ، ينهى تعالى الكفر ألا يُحزن رسول الله  إشفاقاً على رسول الله  وكأن الكفر يريد أن يُحزِن رسول الله . هذه فيها تعبير مجازي كأن الكفر ذات عاقلة تريد أن تحزن الرسول فينهاه تعالى ﴿فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ تعبير في غاية اللطافة والرقة. قال تعالى في آيات أخرى ﴿وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ ﴿127 النحل ليس هنا مفعول به منهي. في القرآن ﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴿5 فاطر لأن الشيطان يغرّ المسلم، المنهي هو إبليس لكن المقصود به الإنسان أن لا يغتر بإبليس. ﴿فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ المنهي هو الكفر أن لا يُحزِن رسول الله. الفاء في ﴿فَلَا يَحْزُنكَ الفاء يمكن حذفها. ذكرها له معنى وحذفها له معنى. الفاء هنا عرّفتنا جواب الشرط ولو حذف الفاء لا تكون شرطية، هناك ضوابط لاقتران الفاء بجواب الشرط. الفاء تحتمل أن تكون موصولة وتحتمل أن تكون شرطية والذي يحدد أحياناً ضابط لفظي كأن يكون الجزم ﴿من يدرس ينجح هذا شرط للأن إسم الموصول لا يجزم. هذا الذي يحدد الفاء الموطن موطن وجوب اقتران الفاء بالشرط لأن هذا نهي ﴿لا الناهية إذا كانت ﴿من شرطية فالفاء لا بد أن تأتي, وإذا كانت ﴿من موصولة لا تأتي الفاء. لو لم تأتي بالفاء في الآية تكون موصولة، الفاء شرطية وهذا هو المقصود. وإذا كانت موصولة ومن كفر لا يحزنك كفره المعنى ليس واحداً. الشرط يفيد العموم قطعاً ﴿من يستعن بالله يعنه لا يقصد شخص معين. أما الموصول فلا يدل على الغموم لأن الموصول معرفة وقد يكون المعرفة للجنس أو للواحد ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ﴿11 وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا ﴿12وَبَنِينَ شُهُودًا ﴿13 وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا ﴿14 ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ ﴿15 كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآَيَاتِنَا عَنِيدًا ﴿16 سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا ﴿17 إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ ﴿18 فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ﴿19 ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ﴿20 المدثر شخص معين واحد هو الوليد بن المغيرة. الموصول لا يقتضي أن يكون جنساً يحتمل أن يكون واحداً معيناً أو جنساً ﴿أكرمت من زارني من يزورني أكرمه، من يعتدي عليّ أعتدي عليه. الشرط يدل على العموم والكوصول ليس بالضرورة وفي الآية أراد تعالى العموم وليس جماعة معينة في الكفر وإنما الكلام على الإطلاق وفهمنا الإطلاق من الفاء. هذه الفاء عيّنت أن ﴿من شرطية والشرط يفيد العموم إطلاقاً لأنه لو قال لا يحزنك يحتمل أن يكون جماعة معينة بينهم مشادة أو أذى لا تعني غيرهم لكن عندما جاء بالفاء صارت للعموم ولو حذفها ليست بالضرورة للعموم إذن ذكرها ليس كحذفها، وجود الفاء يحدد معنى الشرطية لـ ﴿من وهذا فيه العموم وهذا هو المقصود بالآية. *قال تعالى في الآية ﴿إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ﴿23 بالجمع وفي آية سابقة قال ﴿ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ ﴿15 لقمان بالمفرد واضافة ﴿ثم فما الفرق؟ ﴿إلينا ضمير التعظيم، إليّ ضمير الإفراد. الآية السابقة ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿15 الآية السابقة في مقام الوحدانية والنهي عن الشرك فجاء بضمير الوحدة ﴿إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ ﴿وإن جاهداك على أن تشرك بي كلها في مقام التوحيد والنهي عن الشرك فيقول ﴿إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ. أما الآية الثانية فليست في مقام التوحيد فجاء كضير التعظيم وأيضاً قدم الجار والمجرور ﴿إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ للحصر أي إلينا مرجعهم لا إلى غيرهم. *هنا قال ﴿فَنُنَبِّئُهُم وفي مواطن أخرى قال ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿60 الأنعام فما الفرق؟ في الآية السابقة في لقمان قال ﴿ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم ﴿15 ﴿ثم عاطفة تفيد التراخي. في الآية لم يأتي بـ ﴿ثم قال ﴿إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ. في الآية الأولى الكلام على التراخي معناها تقريب المرجع ﴿إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ هنالك مهلة أما في الآية لم يكن هناك مهلة وإنما جعل المرجع أقرب. لماذا جعل هناك مهلة وهنا لم يجعل مهلة بدون ﴿ثم؟ هو جاء بـ ﴿ثم هناك أكثر من سبب قال ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ المجاهدة قد تسغرق وقتاً وقال ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا فيها وقت ﴿وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ فيها وقت وهذا يناسب ﴿ثم. أما في هذه الآية ليس فيها ما يدل على التراخي ما يقتضي التراخي أما في تلك الآية ما يدل على التراخي. السياق في هذه الآية ليس فيه تراخي كأن فيه تقريب الأمر ﴿إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ وقت قليل وينتهي لما نهاه عن الحزن فقال له الوقت قريب ولا يعقل أن ينهاه عن الحزن وأن لا يهتم بهذا ثم يقول له هناك وقت طويل فقال ﴿إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ إذن هناك أكثر من مسألة استدعت استعمال ﴿ثم. عندما ترى صاحبك في ضيق وتريد أن تخفف عنه تقول له الدنيا قصيرة فتقلل الأمر في عينه حتى يخف فلما قال تعالى ﴿فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ يريد أن يصبره فقال أن الوقت قصير ﴿إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ المهم أن تهون المسألة عليه لا العكس، الله تعالى ينهاه عن الحزن فلا يطيل الوقت عليه. العرب كان تعرف هذا وهم كانوا إذا أرادوا أو يواسوا شخصاً يقولون له الدنيا قصيرة. *قال تعالى ﴿فأنبئكم وفي مواطن أخرى لم يستعمل الفاء فلماذا؟ في مواطن قال ﴿فأنبئكم ﴿فينبئهم ﴿ثم ينبئهم الأمر الأساسي في فهم التعبير هو السياق ووضعه في مكانه. أصل السياق في الدنيا ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا ﴿159 الأنعام لم يذكر إلينا مرجعهم. هناك لما ذكر المرجع صار بين الدنيا والتنبيه وقت طويل قال ﴿ثم ينبئهم وهناك قال ﴿إلي مرجعهم فلما رجعوا سيكون التنبيه أقرب وهنا لم يقل الرجوع ﴿فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ﴿14 المائدة إلى يوم القيامة الوقت ممتد فيقول سوف، السياق هو الذي يحدد. لما يذكر الكلام إذا كان السياق مبني على التأخير يقول ﴿ثم. ﴿قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ﴿57 الأنعام ليس هناك استعجال فلا يقول فأنبئكم. في نفس السياق ﴿قُل لَّوْ أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ ﴿58 الأنعام يقول ﴿ثم لأن المقام ليس في الاستعجال. السياق الذي يحدد ولا ينبغي أن نقطع كلمة من سياقها. *قال تعالى بما عملوا وفي آية سابقة في السورة قال بما كنتم تعملون فما الفرق بين الآيتين؟ الآية الكريمة قوله تعالى ﴿وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ذكرنا بعض الأمور التي تتعلق بالآية فيما سبق ووقفنا عند قوله تعالى ﴿فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا. ربنا تعالى في آية سابقة في السورة نفسها قال ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿15 ﴿كنتم تعملون هذا الماضي المستمر، كان يعمل مستمر، كنتم تعملون أي كنتم مستمرون على العمل في الماضي يسمى الماضي المستمر و﴿عملوا هذا الماضي المنقطع. هناك أكثر من ماضي وأنواعه متعددة لكن في الآية ﴿بما كنتم تعملون بالماضي المستمر وهذه الآية بالماضي المنقطع ﴿بما عملوا. السبب كما ذكرنا أكثر من مرة أن السياق يحدد المسألة، في الآية السابقة ذكر استكرار المجاهدة ﴿وإن جاهداك واستمرار المصاحبة بالمعروف ﴿وصاحبهما في الدنيا معروفاً واستمرار الإتباع اتباع المنيبين إليه ﴿واتبع سبيل من أناب إليّ ثم قال ﴿ثم إلي مرجعكم و ﴿ثم تفيد المهلة والتراخي، هذه الأمور تحتاج إلى استمرار عمل، هنا ليس فيها استمرار عمل ﴿وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا ما ذكر أموراً فيها دلالة على استمرار العمل لكن المصاحبة والمجاهدة واتباع سبيل المؤمنين ثم إلي مرجعكم أما هنا ما قال ﴿ثم فيها أصلاً إذن هناك سياق الآية يدل على استمرار العمل قال بما كنتم تعملون جاء بالماضي المستمر وهنا ليس فيها استمرار عمل فقال بما عملوا فإذن هذه مناسبة لهذا الموضع وتلك مناسبة للموضع الذي وردت فيه. الماضي المستمر له دلالات سياقية. مسألة الماضي فيها أكثر من ستة عشر زمن في الماضي، يُدرّس للأطفال الفعلال ماضي أنه ما مضى وانقطع فقط وتبقى هذه المعلومة ثابتة بينما الماضي كثير هناك الماضي المنقطع، وأحياناً الماضي بحد ذاته هكذا عملوا، هو الآن ماضي منقطع أي انقطع وانتهى لأن الماضي بهذه الصورة قد يكون ماضي واستمر عليه لم ينقطع ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى ﴿80 طه ليس مرة واحدة ﴿وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ ﴿79 الأعراف وأحياناً المنقطع لما يكون مسبوقاً بـ ﴿كان مثل قد كان فعل ﴿وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ ﴿15 الأحزاب. وأيضاً هناك الماضي المعتاد كان رسول الله يفعل كذا أي معتاد عليه كان رسول الله  يمسح كذا ثلاثاً ماضي معتاد بمعنى الماضي المستمر يسمونه المعتاد أي ما اعتاد عليه. هناك كلام كثير في الماضي. *قال تعالى ﴿فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا بالفاء وفي سورة المائدة قال ﴿وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ﴿14؟ ذكرنا هذا الأمر في الحلقة السابقة أنه في بعضها لم يذكر إلينا مرجعهم وهنا ذكر إلينا مرجعهم فلما يكون المدة بين الرجوع والتنبيء ليست طويلة بينما لم يذكر أصلاً المرجع فيكون المسافة أطول وشرحنا أمثلة في حينها. *في قوله تعالى ﴿إن الله عليم بذات الصدور لم يقل إننا مع أنه قال قبلها ﴿إلينا مرجعهم بضمير الجمع؟ في أكثر من مناسبة ذكرنا أنه إذا ورد ضمير التعظيم لا بد أن يسبقه أو يأتي بعده ما يدل على الإفراد وهذا سمت في القرآن الكريم لم يتخلف في أي موطن من المواطن في جميع القرآن. لما كان ما سبق هو في ضمير التعظيم ﴿إلينا مرجعهم فننبئهم يأتي بعده ما يدل على المرد لئلا تبقى في الذهن شائبة شرك فقال ﴿إن الله عليم بذات الصدور وهذا ثابت في القرآن واضح في جميع القرآن لم يتخلف في موطن واحد حيث ذكر ضمير التعظيم لا بد أن يسبقه أو يأتي بعده ما يدل على أنه مفرد. *﴿إن الله عليم بذات الصدور مع أن الآية تتكلم عن الذي كفر ومع هذا لم يقل عليم به؟ قال تعالى ﴿وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ كأنما المناسب أن الله عليم به أي بالكافر على الأقل. لو قال إن الله عليم به سيقصر العلم الآن على من كفر لكن لما قال عليم بذات الصدور صارت أشمل ودخل فيها الذي كفر وغيره. عليم بالذي كفر فيها تخصيص بالذي كفر تحديداً لو قال عليم به يعود الضمير على من كفر، إنما قال عليم بذات الصدور دخل فيها من كفر ومن لم يكفر والله تعالى ليس فقط عليم بالذي كفر بل هو عليم بذات الصدور عموماً فهذا حتى يفيد العموم وهذا في القرآن كثير ﴿وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ ﴿170 الأعراف ما قال إنا لا نضيع أجرهم وهذا أفاد أن هؤلاء من المصلحين معناه أن الذين يمسكون الكتاب وأقاموا الصلاة من المصلحين ثم هنالك مصلحون آخرون دخلوا فيهم فدخل فيهم هؤءلا وهؤلاء. من اعتدى على فلان فإننا نعاقب المعتدين فدخل فيهم من اعتدى على فلان وعلى غيره فهذا أفاد الشمول فدخل فيه هؤلاء ودخل فيه صار عموماً أن الله عليم بذات الصدور ولو قال عليم به المعنى يختلف من ناحية أخرى، هو قال بذات الصدور وذات الصدور يعني خفايا الصدور لو قال عليم به ستكون للأشياء الظاهرة إن الله عليم به أي بالشحص الذي كفر لكن لما قال بذات الصدور صار الخفايا يعني ما في داخل الصدور. فإذن شمل علمه ما في الصدور، ﴿فننبئهم بما عملوا هذا أمر ظاهر ﴿إن الله عليم بذات الصدور بذات الصدور هذا أمر خفي إذن هذا الكلام للظاهر والخفي، إذن لما قال بذات الصدور شملت الظاهر والباطن ولو قال عليم به أفادت الظاهر فقط. إذن أولاً أفادت الآية عموم العموم وليس الخصوص هؤلاء وغيرهم من كفر ومن لم يكفر وأيضاً الظاهر والباطن، الأمور الظاهرة وخفايا الصدور ولو قال عليم به لا تشمل هذا فإذن هذا توسع كثير والآن وضح أنه شمل علمه ما ظهر وما بطن ولو قال عليم به لم تشمل هذا الشيء.ثم قال عليم ولم يقل عالم، عليم صيغة مبالغة. في أكثر من مناسبة قلنا أن كلمة عالم في القرآن لم ترد إلا في علم الغيب خصوصاً والمفرد ﴿عالم الغيب أو الغيب والشهادة ﴿عالم الغيب والشهادة وعلاّم للغيوب وعليم مطلقة لكل شيء. لهذا قال عليم بذات الصدور وما قال علام ولا عالم وهذا من خصوصية استعمال القرآن الكريم لأنه خصص كلمة عالِم بهذا المعنى لكن من حيث الاستخدام اللغوي يتعاور بعض هذه الكلمات مكان البعض الآخر عدا المبالغة وإسم الفاعل، المبالغة فيها تكثير وإسم الفاعل ليس فيه تكثير هذا من حيث اللغة. وكذلك أكّد هذه المسألة بـ ﴿إنّ في قوله ﴿إن الله عليم بذات الصدور واستخدم عليم دونما عالم أو علام وقال بذات الصدور وليس به. .

﴿ وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ ۚ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ سورة لقمان ﴿٢٣﴾

المصدر: https://quranpedia.net/note/46422