قوله تعالى:﴿قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِير﴾[البقرة:126]. قال:﴿فَأُمَتِّعُهُ ﴾، ومعلوم أن الزيادة في المبنى تدل على الزيادة في المعنى، و﴿متع﴾ تدل على الكثرة ،فكيف وصف مصدرها فقال:﴿ قَلِيلاً ﴾، فوصف الكثير بالقليل؟. أقوله: السبب في ذلك – والله أعلم – أن الله تعالى مهما أغدق على ابن آدم من نعم الدنيا فإنها قليلة بالنظر إلى صيرورتها إلى نقص ونفاد وفناء، ونظراً إلى هلاكه ورحليه عن الدنيا وتركه ما فيها: أماوي ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت نفس وضاف بها الصدر فكثر الفعل بعين صاحب المتاع، وقلله بالنظر إلى حقيقته، ومثله قوله تعالى:{وَمَن كَفَرَ فَلاَ يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور ﴿23﴾نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظ ﴿24﴾}[لقمان:23-24].