صفحات الموقع
قوله تعالى ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ال عمران ﴿ 164 . ﴿المن صفة مدح وصفة ذم ، فهيفي حق الله تعالى مدح ، فمن الله ابتداؤه وتفضله بالنعم العظيمة من غير أن يعتد سبحانه وتعالى بمقابلتها من خلقه بمثلها ، فهو يحسن الى من لا يستثيبه ، ولا يطلب منه الجزاء عليه ، وهذا النوع لا يكون الا بالأفعال ، فلا يصاحبه من قولي ، وهذا النوع خاص بالله جل وعلا . ويكون المن في حق غير الله تعالى ذماً ، لأنه القول أو الفعل المشعر بتعالي صاحب الفضل على المتفضل عليه بتعظيم احسانه اليه ، وفخره به ، وتذكيره اياه ، وان يبدئ فيه ، ويعيد حتى يفسده ، ويبغضه اليه ، ومن هذا النوع قوله تعالى ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى ۙ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ البقرة ﴿262 . وعودا على بدء أقول : ان قوله تعالى فيالآية الاولى : ﴿ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ غاية روعة التعبير ، فقوله ﴿ مِنْ أَنْفُسِهِمْ يدل على القرب والخصوص الحقيقيين ، لان قولك : محمد من أنفس المؤمنين ، يدل على انه من خاصتهم ، وانه قريب جدا منهم ، لا أنه منتسب اليهم انتسابا قد يكون مجازيا مراد به التشريف ، كقول رسول الله ﷺ ﴿ سلمان منا أهل البيت فالرسول ﷺمن أقرب المقربين الى المؤمنين ، ولذلك لما كان الحديث غير خاص بالمؤمنين في قوله تعالى : ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ الجمعة ﴿2 . لم يقل فيها ﴿ من أنفسهم وانما قال ﴿ مِّنْهُمْ ، لان الكلام عن العرب عامة ، لا عن المؤمنين خاصة ، قال احمد بن ابراهيم الغرناطي : " ان قولك : فلان نت أنفس القوم ، أوقع في القرب والخصوص من قولك : فلان منهم ، فإن هذا قد يراد للنوعية ، فلا يتلخص لتقريب المنزلة والشرف الا بقرينة ، أما ﴿ من انفسهم فأخص ، فلا يفتقر الى قرينة ، ولذلك وردت حيث قصد التعريف بعظيم النعمة به ﷺعلى امته ، وجليل اشفاقه ، وحرص على نجاتهم ، ورأفته ورحمته بهم ، فقال تعالى ﴿ لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ التوبة ﴿ 128 . وقال تعالى في من كان على الضد من حال المؤمنين المستجيبين : ﴿ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ النحل ﴿113 فتأمل موقع قوله هنا : ﴿ مِّنْهُمْ لما قصد انه انعام عليهم لم يوفقوا لمعرفة قدره ، ولا للاستجابة المثمرة النجاة ... " .

﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ سورة آل عمران ﴿١٦٤﴾

﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ سورة الجمعة ﴿٢﴾

﴿ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ سورة النحل ﴿١١٣﴾

المصدر: https://quranpedia.net/note/47164