صفحات الموقع
قوله تعالى : وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ [الأعراف: 4] في هذه الآية من البلاغة والبيان ما يعجز عن رسمه يراعة يمسكها بنان، ويقصر عن مداه لسان إنسان؛ فإن قوله : و أهلكناها و مرا به : أردنا إهلاكها؛ بدلیل ورود ﴿فاء التعقيب بعده، حيث قال : وفجاءها بأسنا ، وهذا مثل قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ[المائدة: 6]. والقرية على القول الصحيح - تطلق على المنازل وعلى أهلها، | فإذا أريد بها المنازل عاد عليها الضمير مؤنثة، كقوله تعالى : ﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا [البقرة : ۲5۹]، وإذا أريد بها أهل المنازل عاد الضمير عليها مذكرة مجموعة، وقد جمعت الآيه الاثنين، فقال : وأهلكناها فجاءها بأسنا بيانا ، فغلب المنازل على أهلها مع إرادتهما معا؛ لأن طارق القرية ليلا لا يحس إلا بالمنازل ؛ لهجعة أهلها، وتبدو المنازل أيضا كالهاجعة؛ ولذلك لا أرى تأويل وبياتا ه ب ﴿بائتين كما فعل الزمخشري، وإنما أرى تأويلها ب ﴿بائنة؛ لتغليب المنازل على السكان ، وأما في قوله : او هم قائلون فقد أعاد الضمير مذكرة مجموعة؛ لأن القيلولة - وهي نوم نصف النهار - لیست شاملة أكثر أهل القرية، ولا هي جالبة سكونا على القرية، عكس البيات الذي يلف الديار بالسكون حتى تبدو المنازل کالهاجعة أيضا، أما في القيلولة فلا تبدو المنازل كالقائلة ، فسبحان منهذا بيانه وقريب من هذه الآية قول الله تعالی :وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ [الأنبياء: 95]، فانظر كيف عبر بالإهلاك، وأعاد الضمير مؤنثة؛ لأنه واقع على المنازل وأهلها، لكن الإرجاع جعله خاصة بأهل القرية ؛ لأن المنازل يمكن إعادة إعمارها وسكناها، أما أهلها المهلكون فلا سبيل إلى إرجاعهم إليها. والله أعلم

﴿ وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ سورة الأعراف ﴿٤﴾

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَٰكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ سورة المائدة ﴿٦﴾

﴿ أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ ۖ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ سورة البقرة ﴿٢٥٩﴾

﴿ وَحَرَامٌ عَلَىٰ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ سورة الأنبياء ﴿٩٥﴾

المصدر: https://quranpedia.net/note/47237